في روايتها "وكأنه الحب"، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، تسرد الكاتبة نوال مصطفى قصة حب بين "أنطونيو" و"مليكة"، ومن خلال قصة الحب هذه، تعرج على مجتمع إسبانيا، وتناقش الحضور العربي القديم في شبه جزيرة أيبريا، وكيف كان العرب عظاما من خلال أطلال حضارة بقيت شاهدة على عظمتهم.
وفي حديثها لـ"البوابة"، على هامش مشاركتها في الصالون السادس لروايات مصرية للجيب، تقول الكاتبة نوال مصطفى: فكرة رواية "وكأنه الحب" تسللت إليّ وأنا أتأمل المشهد الإنساني في العالم كله، ليس فقط في منطقتنا العربية المشتعلة بصراعات عدة وتحولات دراماتيكية صعبة وقاسية علي البشر الذين يكابدون الأهوال في عدة بلدان عربية. لكن فى العالم كله الذي تسوده موجات العنف والتعصب والتفرقة على أساس العقيدة أو اللون أو الجنس.
وأضافت "مصطفى": هذا المشهد المجنون الذي يعادى المعاني الأساسية للإنسانية كان هو المحرك، الشرارة التي ولدت منها الفكرة.
في الرواية، تحدثت الكاتبة عن تفاصيل عدة، طرق إسبانيا، ومطاعمها، وتفاصيل أخرى دقيقة لا يعرفها إلا من عاش هناك، أو من خبر المدن الأندلسية، التي تقول إنها كتبت تفاصيل هذه المدن من واقع معايشة حية "ذهبت إلى هناك على نفقتي الخاصة. زرت قرطبة، غرناطة، أشبيلية، طليطلة، بالإضافة إلي مدريد العاصمة، وتجولت في الشوارع حتى امتلأت رئتاي بهواء شممت فيه رائحة أجدادي العرب الذين صنعوا الحضارة والمجد في الأندلس، ومنها تأثرت أوروبا كلها وولد عصر النهضة.
وبينما تدور الرواية حول قصة حب أنطونيو وملكية، لكن قصة الحب هذه تبدو وكأنها إطار فقط ليمرر عظمة المسلمين في إسبانيا خلال ذلك العهد القديم. حيث تنشأ العلاقة بين مليكة المصرية وأنطونيو الإسباني، ونرى ما يواجه هذا الحب من عقبات رهيبة تحاصره وتحاول وأده حيا.
وتقول نوال مصطفى: هذا هو المستوى الأول أو الظاهر في الرواية، لكن الرواية لها مستويات أعمق في التلقي، فهي تغوص في أعماق الصراع الحقيقي بين الثقافات، والذي يتسبب في الكثير من المآسي والأوجاع لبنى البشر.
وأكدت: طبعا كانت حضارة الأندلس حاضرة على مدى الراوية بالكامل لأنني عاشقة لتلك الفترة الاستثنائية في تاريخ إسبانيا والعرب، والتي تؤكد أننا قادرين دائما علي صنع المجد لكننا بسبب الصراع على السلطة نهدم كل ما بنيناه ونبكى أطلالنا بكل أسف.
ورغم المسافة المكانية البعيدة التي تدور على أرضها الرواية، إلا أن الحكاية، أيضًا، ناقشت ثورة 25 يناير 2011، وعهد الرئيس الراحل حسني مبارك، والفترة التي أعقبت سقوط نظامه وكيف استولت جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم، والتي وصفتها في الرواية بأنها "أسوأ كوابيس مصر في القرون الأخيرة.
تقول: نعم، جاء في الرواية ما حدث لنا في ٢٠١٢ عندما تولى الإخوان حكم البلاد، وتحولت مصر خلال تلك السنة الثقيلة إلى بلد آخر غير التي نعرفها، والتي نشأنا وتشكل وعينا فيها. مصر على مدى تاريخها بلد يستوعب ما يدخل عليه من ثقافات مختلفة تذوب داخل الشخصية المصرية الثقافة الوافدة إليه لكنه لا يذوب فيها بل تحتفظ دائما الشخصية المصرية بملامحها المتفردة كما وصف ذلك أستاذنا الدكتور ميلاد حنا رحمه الله في كتابه "أعمدة الشخصية المصرية السبعة"، لذلك أرى فعلا أن هذه الفترة كانت أسوأ كوابيسنا.
وبعيدًا عن التاريخ والرومانسية التي تناولتها في روايتها الأخيرة، تقول نوال مصطفى إن العمل الذي تعيش إرهاصاته الآن، استعداداً لبلورة الفكرة التي يعقبها التخطيط ثم الكتابة، سيكون عن عالم السجون "هذا العالم الذي جذبني منذ بداية مشواري الصحفي وتحول إلى قضية حياتي"، حسب تعبيرها.
تقول: الحقيقة أن الكثيرون سألوني لماذا لم نر لك عملا أدبيا حتى الآن عن هذا العالم الغريب وأنت في جعبتك الكثير والكثير عنه، حدث ذلك مؤخراً في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب وأجبتهم إن شاء الله سيكون هذا هو عملي القادم.