كشفت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" عن صور مذهلة جديدة التقطها التلسكوب الفضائي الفائق جيمس ويب لمجرتين في طور اندماجهما، بعد مرور عامين على إرساله أولى الصور والبيانات من الفضاء العميق.
تقع المجرتان، اللتان أطلق عليهما اسما "البطريق" و"البيضة"، على بعد 326 مليون سنة ضوئية من الأرض ضمن كوكبة هيدرا.
بدأ تفاعل هاتين المجرتين قبل ما بين 25 و75 مليون سنة، وهما الآن في مرحلة من التداخل العميق قبيل اندماجهما الكلي المتوقع بعد مئات الملايين من السنين. وتُظهر الصور التي التقطها جيمس ويب مشهدًا كونيًا يشبه "رقصة باليه" بين المجرتين، وسط ضباب مكون من مزيج من النجوم والغازات.
العالمة البارزة في مشروع جيمس ويب، جين ريغبي، علقت على هذا الاكتشاف قائلة: "نرى مجرتين، كل واحدة تضم مجموعة من مليارات النجوم. وهما في طور الاندماج، وهذه طريقة شائعة تتكون بها المجرات بمرور الوقت، مثل مجرتنا درب التبانة، التي نمت من مجرات صغيرة مثل تلك التي اكتشفها ويب بعد قليل من الانفجار الكبير".
أطلق على المجرة الأولى اسم "البطريق" بسبب شكلها الذي يشبه طائر البطريق كما يظهر من زاوية التلسكوب، وتسمى رسمياً "إن.جي.سي 2936"، وهي مجرة حلزونية الشكل، لكنها أصبحت مشوهة قليلاً بسبب التفاعل. أما المجرة الثانية، التي أطلق عليها اسم "البيضة"، فتسمى رسمياً "إن.جي.سي 2937"، وهي مجرة مدمجة بيضاوية الشكل.
منذ بدء مهامه، رصد التلسكوب الفضائي جيمس ويب مجرات تعج بنجوم تشكلت في غضون بضع مئات الملايين من السنين بعد الانفجار الكبير، الذي دشن الكون كما نعرفه قبل نحو 13.8 مليار سنة. أتاحت هذه المهمة لنا النظر إلى أبعد المجرات التي تم رصدها، وفهم المراحل المبكرة جداً للكون بطريقة جديدة.
مدير قسم الفيزياء الفلكية في "ناسا"، مارك كلامبين، أضاف: "أتاحت لنا هذه المهمة فهم المراحل المبكرة جداً للكون بطرق جديدة. على سبيل المثال، مع ويب، وجدنا أن هذه المجرات المبكرة جداً كانت أكثر ضخامة وضياءً مما توقعنا، مما يطرح السؤال: كيف أصبحت كبيرة جداً بهذه السرعة؟".
جيمس ويب، التلسكوب الأكبر والأقوى الذي أرسل إلى الفضاء، متخصص في التقاط ضوء الأشعة تحت الحمراء، التي تتميز بأطوال موجية أطول مما يمكن أن تراه أعيننا. وبفضل حساسيته المذهلة لهذه الأطوال الموجية، تمكنا من النظر إلى الوراء في المراحل المبكرة للكون، بطريقة لم تستطعها المهمات السابقة، مثل الرؤية عبر الغبار والغاز في قلب تكون النجوم، وفحص تكوين الأجواء خارج النظام الشمسي بشكل غير مسبوق.
وأشار كلامبين إلى أن “بعض اكتشافات ويب الأكثر إثارة ستكون أموراً لم تخطر على بال العلماء بعد، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهمنا للكون. ويبقى جيمس ويب، التلسكوب الذي تجاوز في قدراته سلفه تلسكوب هابل الفضائي، يواصل مهامه في استكشاف الفضاء ورصد الأجرام السماوية بطرق جديدة ومبتكرة”.