شهدت ساحة المعركة فى أوكرانيا تقدمًا ملحوظًا للقوات الروسية، مما أثار تساؤلات حول العوامل الكامنة وراء هذا التطور الملحوظ، مجلة "ديفنس نيوز" الأمريكية تُسلط الضوء على أربعة أسباب رئيسية تقف وراء هذا التقدم، بينما يُقدم وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن وجهة نظر مختلفة.
تؤكد مجلة "ديفنس نيوز" المتخصصة فى شئون الدفاع حول العالم أن وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن أشار إلى أن روسيا "أعادت تشكيل قوتها العسكرية"، مما يُشير إلى تحول واضح فى الطريقة التى تنظر بها الولايات المتحدة إلى روسيا.
رغم محاولات المسئولين الأمريكيين منذ فترة طويلة لتسليط الضوء على الخسائر التى تكبدتها روسيا، فقد بدأوا خلال الشهرين الماضيين بالاعتراف بأن روسيا تعافت بشكل أسرع مما توقعت الولايات المتحدة.
فى بداية الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير ٢٠٢٢، واجهت روسيا انتكاسات كبيرة على العديد من الجبهات.
أظهرت الصور ومقاطع الفيديو التى تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعى ضعفًا ملحوظًا فى القدرات العسكرية الروسية، من الدبابات المدمرة إلى الجنود المستسلمين، دفع هذا الأداء المتردى الدول الغربية إلى التساؤل حول قدرة روسيا على التعافى وإعادة بناء جيشها.
وفى مارس ٢٠٢٣، حذرت أفريل هاينز، مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية، من أن روسيا ستحتاج إلى سنوات لإعادة بناء قواتها البرية.
وأكدت أن هناك إجماعًا فى مجتمع الاستخبارات الأمريكى على هذا التقييم.
ومع ذلك، يقدم كريستوفر كافولي، الخبير الاقتصادى فى المعهد الملكى للخدمات المتحدة، ومقره لندن، وأكبر ضابط عسكرى أمريكى فى أوروبا، وجهة نظر مختلفة، فقد أكد أن "روسيا عادت إلى ما كانت عليه قبل الغزو من حيث القدرات العسكرية الإجمالية".
واعترف بوجود بعض الثغرات التى أحدثتها الحرب، لكنه شدد على أن موسكو لا تزال تمتلك قدرات عسكرية كبيرة، بل وترتفع، وأن روسيا ضاعفت ميزانيتها الدفاعية ثلاث مرات تقريبًا خلال الحرب.
وأضاف كونولى أن "روسيا من المتوقع أن تنفق ما بين ١٣٠ مليار دولار و١٤٠ مليار دولار على الدفاع فى عام ٢٠٢٤، وهو ما يُمثل حوالى ٦٪ من الناتج المحلى الإجمالى وثلث الميزانية الإجمالية للحكومة".
وأشار إلى أن التكاليف والأجور فى روسيا أقل منها فى الدول ذات الدخل المرتفع، مثل العديد من الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلسى "الناتو"، مما يُمكن صندوق الدفاع التابع للكرملين من شراء كميات أكبر من الأسلحة.
ووفقًا للأرقام الروسية الرسمية، التى يشير كونولى إلى أنها قد تكون مبالغا فيها، ارتفع عدد العاملين فى صناعة الدفاع بنسبة ٢٠٪ خلال الحرب، من ٢.٥ مليون إلى حوالى ٣ ملايين حاليًا.
وأشارت المجلة إلى أن تفادى العقوبات الغربية كان أحد العوامل الأخرى التى دعمت قدرة روسيا على إعادة تجميع قواتها، وأكد العديد من المحللين أن هذه العقوبات "لم تنجح، نظرًا لقدرة موسكو على إعادة توجيه خطوط الإمداد التابعة لها عبر الدول الصديقة".
وشهدت التجارة بين روسيا والصين، فى الفترة من ٢٠٢٢ إلى ٢٠٢٣، زيادة بأكثر من ٢٦٪، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند ٢٤٠ مليار دولار، وفقًا لتقرير صادر عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" فى واشنطن. وتجنبت بكين إلى حد كبير إرسال الأسلحة مباشرة، ولكن الشركات الصينية تحولت إلى مورد حيوى للعناصر التى تحتاجها موسكو لبناء الأسلحة بنفسها، عبر إمدادها بالرقائق الدقيقة والإلكترونيات الصغيرة.
يشير الدعم الذى قدمه حلفاء روسيا إلى السبب الرابع فى قدرتها على إعادة تجميع قواتها. منذ أكتوبر الماضي، أرسلت كوريا الشمالية إلى روسيا حوالى ١٠ آلاف حاوية شحن، والتى قد تشمل نحو ٣ ملايين قذيفة مدفعية، وفقًا لتقديرات الحكومة الأمريكية.
كما قدمت إيران دعمًا عسكريًا كبيرًا لروسيا تمثل فى إرسال الطائرة دون طيار "شاهد-١٣٦" التى تعرف فى موسكو باسم Geran-٢.
ونشرت روسيا أسرابًا من هذه الطائرات لتطغى على الدفاعات الجوية الأوكرانية، كما أطلقت أكثر من ٣٧٠٠ طائرة بدون طيار من طراز "شاهد"، والتى يوجد منها عدة أنواع.
وكييف تتخلى عن أسلحة أمريكية بسبب قلة فعاليتها أمام الحرب الإلكترونية الروسية.
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن معاناة أوكرانيا من قلة فعالية الأسلحة الأمريكية المقدمة لها، خاصةً الأسلحة الموجهة عبر الأقمار الصناعية، وذلك بسبب أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية القوية.
أسلحة أمريكية غير فعالة: أفادت مصادر عسكرية أوكرانية ووثائق سرية بأن العديد من الأسلحة الأمريكية الموجهة عبر الأقمار الصناعية، مثل ذخيرة أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة HIMARS وقذائف Excalibur الموجهة، أصبحت غير فعالة فى مواجهة أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية.
انخفاض دقة الإصابة: أدى تأثير أنظمة التشويش الروسية إلى انخفاض دقة إصابة هذه الأسلحة لأهدافها بشكل كبير، حيث وصلت نسبة الخطأ فى بعض الحالات إلى أكثر من ٩٠٪.
توقف الولايات المتحدة عن توفير بعض الذخائر: بسبب انخفاض كفاءتها، توقفت الولايات المتحدة عن توفير قذائف Excalibur لأوكرانيا منذ حوالى ٦ أشهر.
قدرات روسية متقدمة: تمتلك روسيا أنظمة حرب إلكترونية متطورة قادرة على التشويش على إشارات التوجيه الخاصة بالأسلحة الأمريكية، مما يجعلها تفقد قدرتها على تحديد الأهداف بدقة.
الحاجة إلى أسلحة أكثر حداثة: تُطالب أوكرانيا الولايات المتحدة والدول الغربية بتزويدها بأسلحة أكثر حداثة مقاومة لأنظمة التشويش الروسية.
وتواجه أوكرانيا صعوبات فى الحصول على أسلحة جديدة من الولايات المتحدة بسبب الإجراءات البيروقراطية المعقدة.
وتتوقع الولايات المتحدة أن تواجه بعض الأسلحة الموجهة بدقة تحديات من أنظمة الحرب الإلكترونية، لكنها لم تتوقع أن يكون التأثير بهذا ضعف القدرات العسكرية الأوكرانية: تُشكل قلة فعالية الأسلحة الأمريكية عبئًا كبيرًا على قدرات أوكرانيا العسكرية فى مواجهة روسيا.
زيادة اعتماد أوكرانيا على الغرب: تُضطر أوكرانيا إلى الاعتماد بشكل أكبر على المساعدة العسكرية من الدول الغربية، خاصةً فى مجال تطوير أسلحة مضادة للحرب الإلكترونية.
تقارير وتحقيقات
مجلة أمريكية: 4 أسباب وراء التقدم الروسي فى حرب أوكرانيا.. مسئولون أمريكيون: روسيا تعافت بشكل أسرع مما توقعنا بعد عدة انتكاسات
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق