أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي ، يشدد دائمًا على اتخاذ الإجراءات والتدابير الكافية لصون الأمن الاقتصادي والمالي والغذائي للدولة باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي بمفهومه الشامل والمتكامل في ظل التحديات العالمية والإقليمية؛ بما يُعزز قدرة الدولة على تحسين معيشة المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية والتنموية والارتقاء بمستوى الخدمات العامة.
وقال الوزير، في المؤتمر الاقتصادي للجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، بعنوان: «الاقتصاد المصري بين الإقليمية والعالمية.. مشكلة اقتصادات الغذاء نموذجًا»، إن الأزمات العالمية المتتالية تؤكد صحة الرؤية المصرية في حشد كل الجهود لتعظيم قدرات الدولة من خلال تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتنمية الزراعية لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مناسبة للمواطنين، بما يضمن الحفاظ على الأمن الغذائي وحمايته من التقلبات الدولية والإقليمية، لاسيما مع حرص القيادة السياسية على التوسع فى المشروعات الزراعية، والتصنيع الغذائي؛ من أجل الاكتفاء الذاتي، وزيادة معدلات التصدير للخارج، جنبًا إلى جنب مع العمل على استدامة تأمين احتياطي استراتيجي من السلع الأساسية يكفى ٦ أشهر.
وأضاف معيط، أن الحكومة تعمل على حزمة من الإجراءات التصحيحية لتطوير المسار الاقتصادي وتحقيق التعافي، ويتصدر الإنتاج الزراعي والصناعي والقطاع التصديري أولويات المرحلة المقبلة وتحشد الدولة كل قدراتها أيضًا لتمكين القطاع الخاص من قيادة قاطرة النمو الاقتصادي بهذا الهيكل الأكثر ملاءمة واستجابة لمتطلبات التعامل الإيجابي المرن مع الصدمات الخارجية والداخلية، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد وشركاء التنمية الدوليين، الذى بدأ يجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، ويرتكز على الاستمرار في الانضباط المالى بتحقيق فائض أولى ٣,٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي بالموازنة الجديدة ووضع معدلات العجز والدين في مسار نزولي خاصة مع وضع سقف للدين لا يتجاوز ٨٨,٢٪ فى العام المالي المقبل، وقد أبدت مؤسسات التصنيف الدولية ثقتها فى مستقبل الاقتصاد المصري بما يوفره من فرص لآفاق واعدة باتت أكثر تحفيزًا للاستثمارات المحلية والأجنبية، حيث رصدت بإيجابية هذا المسار الاقتصادي الجديد ونتطلع إلى تحسن تصنيف مصر خلال ٢٠٢٤.
وأوضح الوزير، أن الحكومة تتشارك مع المستثمرين أعباء تمويل الإنتاج الزراعي والصناعي، من خلال استمرار مبادرة دعم فائدة إتاحة تسهيلات تمويلية بنحو ١٢٠ مليار جنيه لهذه الأنشطة الإنتاجية حيث تتحمل الخزانة العامة للدولة ٨ مليارات جنيه فارق سعر الفائدة سنويًا عن المستفيدين، وهناك العديد من المحفزات الضريبية والجمركية الداعمة للإنتاج والتصنيع المحلي، وتتضمن موازنة العام المالي المقبل العديد من المخصصات المالية لدعم المزارعين فى إطار مساندة القطاع الزراعي، وتعزيز منظومة الغذاء في مصر.
وأشار إلى أن الاقتصاد المصري يشهد تحديات مركبة تمتد لأكثر من ٤ سنوات، وتتزايد حدتها بتواتر الأزمات الإقليمية والعالمية؛ اتصالاً بالتأثيرات بالغة القسوة المرتبطة باستمرار تصاعد الحرب في غزة، والتوترات بمنطقة البحر الأحمر، وغيرها من مظاهر عدم الاستقرار بالشرق الأوسط بالتزامن مع التداعيات السلبية للحرب فى أوكرانيا.. لتُشكِّل هذه التوترات الجيوسياسية والنزاعات الإقليمية والدولية مناخًا اقتصاديًا أشد اضطرابًا يُعد أبرز ملامحه: تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع معدلات النمو والاستثمار وارتفاع حدة التضخم على المستويين العالمي والمحلي الذى انعكس بشكل واضح فى زيادة تكاليف التمويل والتنمية، خاصة فى ظل السياسات التقييدية للبنوك المركزية وارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الصرف، وزيادة تكاليف النقل والشحن ومن ثم تضاعفت تكاليف عملية الإنتاج والاستيراد، وكذلك أسعار السلع الأساسية والغذائية والخدمات، أخذًا فى الاعتبار الآثار المترتبة على جائحة كورونا.
كما لفت إلى أن الإيرادات العامة للدولة خلال منذ أكثر من ٤ سنوات تأثرت سلبيًا؛ نتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي والنزاعات الدولية والإقليمية التي أضرت بمعدلات نمو بعض الأنشطة الاقتصادية مثل السياحة والإنتاج والتصدير وعوائد قناة السويس والاستثمار الأجنبى، وتزايدت المصروفات بشكل غير مسبوق للتعامل مع الآثار السلبية للهزات الاقتصادية العنيفة وتخفيف توابعها التضخمية بالتدخل السريع بحزم استثنائية للحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا لمساندة الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ودعم القطاعات الإنتاجية والتصديرية الأشد تضررًا.