هُوَ الدَهرُ فَاصبِر لِلَّذي أَحدَثَ الدَهرُ
فَمِن شِيَمِ الأَبرارِ في مِثلِها الصَبرُ
سَتَصبِرُ صَبرَ اليَأسِ أَو صَبرَ حِسبَةٍ
فَلا تُؤثِرِ الوَجهَ الَّذي مَعَهُ الوِزرُ
حِذارَكَ مِن أَن يُعقِبَ الرُزءُ فِتنَةً
يَضيقُ لَها عَن مِثلِ إيمانِكَ العُذرُ
إِذا آسَفَ الثُكلُ اللَبيبَ فَشَفَّهُ
رَأى أَفدَحَ الثَكلَينِ أَن يَهلِكَ الأَجرُ
مُصابُ الَّذي يَأسى بِمَيتِ ثَوابِهِ
هُوَ البَرحُ لا المَيتُ الَّذي أَحرَزَ القَبرُ
حَياةَ الوَرى نَهجٌ إِلى المَوتِ مَهيَعٌ
لَهُم فيهِ إيضاعٌ كَما يوضِعُ السَفرُ
فَيا هادِيَ المِنهاجِ جُرتَ فَإِنَّما
هُوَ الفَجرُ يَهديكَ الصِراطَ أَوِ البَجرُ
إِذا المَوتُ أَضحى قَصرَ كُلِّ مُعَمِّرٍ
فَإِنَّ سَواءً طالَ أَو قَصُرَ العُمرُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الدينَ ضيمَ ذِمارُهُ
فَلَم يُغنِ أَنصارٌ عَديدُهُمُ دَثرُ
بِحَيثُ استَقَلَّ المُلكُ ثانِيَ عِطفِهِ
وَجَرَّرَ مِن أَذيالِهِ العَسكَرُ المَجرُ
ابن زيدون