الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

فضائيات

في ذكرى رحيله.. الخال عبد الرحمن الأبنودي يتحدث عن حزن الصعيد

الشاعر عبد الرحمن
الشاعر عبد الرحمن الأبنودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى ذكرى رحيله في مثل هذا اليوم عام 2015 تنشر “البوابة نيوز” حوار مفيد فوزى مع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في إحدى حلقات البرنامج التلفزيوني مفاتيح، والذى استعرض فيه الأبنودي أهم محطات حياته ومراحل تكوين شخصيته، وحتى تأثير الطبيعة عليه ككونه شاعر كبير.
سأله مفيد فوزي عن علاقته بالورد في حياته وآثره عليه وهل أهدى من قبل لامرأة وردة فأنت رقيق كفنان، قال الأبنودي: ((إنني غير رقيق بما يكفي لأهدي إمراة وردة، وبرغم ذلك أوقات أحب أن أهدي زوجتي الورد الصغير الذي يتفتح حديثًا، واعتقد أنني استخدمه في شعري، ولكن شعري يحتوي أكثر على الفاكهة مثل المانجا طابت على الشجر، أو مال عليا مال فرع من الرمان)).
ويضيف الأبنودي خلال سؤاله عن أهم مشاهير العالم الذين يستحقون وردة على قبرهم: ((هناك العديد من المشاهير المصريين وغير المصريين يستحقون وردة، وأبرزهم جيفارا، فلم يحالفني الحظ الالتقاء به حتى عندما أتى لمصر، فعبقرية جيفارا تكمن في أن الكلمة على قدر السلوك)).
وعن الشقى والتعب في الفن يقول:(( الشقى أبو الفن، حتى المرفهين الذين لم يعيشوا ومروا بما مررنا به كرعي الأغنام مثلا شقوا في رسم لوحة لنا على سبيل المثال حتى ظهرت بهذه الصورة الجميلة المبسطة)).
ويستكمل في روح من المرح ذكريات القبض عليه هو والأديب يوسف إدريس في السودان: (( كنا حينها وفد رسمي بالسودان في أمسية وأنا كنت كاتب قصائد نارية، لأن وقتها كان الرئيس الراحل أنور السادات قد وقع اتفاقية كامب ديفيد حديثًا، وكان يوسف إدريس يكره وجود نجم آخر بجوار نجمه أبدًا، فأشعل الأمسية بكلام كبير حتى جعل الشعب السوداني يحمله على الأعناق غير ناظرين للأبنودي أو غيره.
ويستكمل: ذهبنا للفندق المقيمين به، وفي الصباح خرجت فكان هناك برنامج موضوع لنا لزيارة المعالم والمتاحف وما إلى ذلك، وعندما رجعت للفندق وجد الشرطة في كل مكان وقالوا لي أن إدريس قبض عليه، وفي هذا الوقت تحركت الدولة للإفراج عنه لأنه كان مريض ولا يقدر على ظروف السجن وعندما خرج، استقبلته لأجده يوبخني قائلًا أن يقبض علي كأنني الأبنودي فضحكت وشمت به على ما فعله بليلة أمس))
وفي حنين للماضي وذكرياته يستعرض أيامه في بلده قنا قائلًا: ((أنا من دود الأرض مشيت خلف الحصادين ألم سنابل القمح وفي أيام جني القطن العقارب، فعندما كان يأتي الفيضان قديمًا، كان يغرق محصول القمح، ويظهر نتيجة غمر المياه كل ما تحتويه الأرض من آفات وثعابين وأم أربعة وأربعين وغير ذلك، حتى أن الأطفال نفسهم كانوا خبرة في التفريق بين كل هذه الأنواع وأكثر دون مرجع لأي برنامج علمي فالطبع آثر ذلك على حياتي وتكويني)).
ويوضح أنه عندما خرج من أبنود كان هناك عقدة في حياته ألا وهى الحنين إلى أبنود فهو وأبنود كيان واحد فلم يتطرق إلى ذهنه في يوم من الأيام الخروج من أبنود، حتى الشعر والأغاني كانت مجرد وسيلة للاستعمال عند الجني وحول السواقي بأبنود.
ويستفسر مفيد فوزي عن مصطلحات الأبنودي المستخدمة في أشعاره كـ وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها، وغيرها، من أين تأتي بها، يقول الأبنودي: استخدمت مفردات الطبيعة حولي دون قصد مني، فالأشياء تنادي صورها، والشعر هو التعبير بالصورة عما يجول في داخلنا، والشيء بالشيء يذكر، عبد الحليم حافظ قدم العديد والعديد من الأغاني، وعشقت فيه أن حياته كلها تدور حول الأغنية وكان يعلم أن الأغنية هى ما ستبقى منه، فكنا نعمل موال النهار سويًا، ومصر حزينة جدًا بعد النكسة، فطلب مني أغنية تبعد عن روح الهزيمة ولكني اعترض لأن الشعب إذا لم يجد منا إقرار الهزيمة في الحرب سنخسر كثيرًا، فيكفي أنه قالوا أننا من أسباب النكسة أنا وأنت، فقال بما أنك مناضل مخضرم ودخلت السجن أريني مافي جعبتك، فأخرجت له أغنية عدى النهار)).
ويضيف الأبنودي خلال اللقاء: (( عبد الحليم كان يعلم تمام العلم ويقول ذلك أن هذه الأغنية حد فاصل في حياته، فكان يحلم لثلاث ليال متواصلة أنه يُحمل على الأعناق بميدان التحرير ويتغنى موال عدى النهار، وهذا لم يحدث من قبل في حياته، لذا شعر بأهميتها، وبالفعل حتى يومنا هذا تعد هذه الأغنية من القامات المهمة في تاريخ الأغنية المصرية)).
ويستكمل ذكرياته في صعيد مصر متذكرًا حزن الصعيد، فالصعيد يحمل في طياته حزن مختلف عن باقي أرجاء مصر نظرًا لطبيعته المختلفة فيقول: (( الصعيدي في الزمن الذي نشأت فيه كان يعتقد أن الله خلقه كذلك وسيعيش وسيموت على هذا الحال، فليس أمامه سواء الدعاء بالصبر والستر وأن يموت في حال يرضاه الله، فنشأ في جو يعيب الابتسامة والضحك وكهذا، ولكني برغم مغادرتي لهذه الحياة فقد أفلت بكل ذلك وليس منه، أخدت الأحزان ولكني هربت، فكل ماأقوله وإدراكي للحياة وللإنسان المصري الفقير بالذات، وللسنوات الأولى التي قضيتها في أبنود)).
يعد الأبنودي من أهم شعراء العامية في مصر خلال العصر الحديث، ولد في محافظة قنا بقرية أبنود التي كان لها بليغ الأثر على شخصيته وأشعاره، لقب بالخال من شدة حب الجمهور له وقربه منهم.
بدأ مسيرته الشعرية بداية الستينات، وكون مع يحيى الطاهر وأمل دنقل ثلاثي للشعر الفصحى، ولكنه فضل بعد ذلك شعر العامية ليتقرب بهذه الطريقة من قلوب الجماهير ومحبيه، وتتحول معظم أشعاره إلى أغانى تغنى بها أشهر الفنانين كعبد الحليم حافظ ومحمد رشدي ومحمد منير وفايزة أحمد وماجدة الرومي ومروان خوري وغيرهم الكثيرون.
ألف الأبنودي العديد من الدواوين الشعرية منها على سبيل المثال وليس الحصر: جوابات حراجي القط، أحمد سماعين، وجوه على الشط، والسيرة الهلالية في خمس أجزاء.
كما كتب بعض أغاني في المسلسلات كذئاب الجبل والنديم، وشارك في حوار وأغاني فيلم شيء من الخوف والبريء، بالإضافة إلى مشاركته كتابة سيناريو وحوار فيلم الطوق والأسورة.
توفى عبد الرحمن الأبنودي في مثل هذا اليوم عام 2015 عن عمر يناهز السادسة والسبعين عامًا، تاركًا خلفه إرثا لأجيال تتمنى لو كانت قابلت الخال للاستمتاع بحديثه وحواديته عن الحياة والصعيد الخارج منه والذي لا يمل أحدًا من الإنصات إليها.