* الفلسفة الليبرالية هذبت الديمقراطية الشعبية وخلصتها من عيوبها وحولتها إلى الديمقراطية الليبرالية وألغت ديكتاتورية الأغلبية
* الفلسفة الليبرالية اخترعت موضوع حقوق الإنسان ونظرية العقد الاجتماعى
* الفلسفة الليبرالية هذبت الدولة القومية وحولتها إلى دولة وطنية جامعة
* الليبرالية الجديدة فى نهاية القرن الـ19 هذبت الرأسمالية وأعطت أولوية للعدالة الاجتماعية، كما هذبت الاشتراكية الكلاسيكية الثورية وكان لها دورها وتأثيرها فى إنتاج الاشتراكية الديمقراطية
* الفلسفة الليبرالية أنتجت العلمانية ورسخت لحياد الدولة الإيجابى فى الشأن الدينى للمواطنين
* الفلسفة السياسية أنتجت مبدأ الفصل بين السلطات واخترعت مبدأ الشرعية، ومبدأ المشروعية
* الفلسفة الليبرالية جعلت حريات المواطن وحقوقه أساس أى عقد اجتماعى
ويتناول هذا المقال تأثير الفلسفة الليبرالية على كل من الفكر السياسى (الدولة القومية والديمقراطية الرأسمالية والاشتراكية) وتأثيرها أيضا على (الفكر الدستورى).
بداية علينا أن ندرك الفرق بين الليبرالية كفلسفة والرأسمالية كايديولوجية وعلينا أن نفرق بين الفلسفة وبين الأيديولوجيا أصلا
وان نفرق بين الليبرالية التى تعنى بالحريات الثلاثة للفرد الحرية السياسية والحرية الاقتصادية والحرية الاجتماعية وبين النظرية الرأسمالية الاقتصادية التى تركز فقط على الحرية الاقتصادية للأفراد
والليبرالية هى فلسفة تجلت صيرورتها الأولى فى الفضاء الثقافى الغربى منذ ما يقارب أربعة قرون مضت فرض إنتاجها وبروزها وبزوغها (بيئة احتراب أهلى ومذهبى وطائفى وصراع اجتماعى شرس يطرد الأغيار ولا يرضى بالمختلفين ولا يؤمن بوجود آخر آى آخر)، لذلك كانت محاولة التدشين الأولى للفكر الليبرالى حول مفهوم (العقد الاجتماعى) وانتقال من الحالة الطبيعية الفوضوية إلى الحالة المجتمعية من مجرد الاجتماع إلى المجتمع وحول مفاهيم التسامح وقيمه والحريات والحقوق الفردية ونبذ التعصب والوصاية على الآخرين.. إلخ.
عندما نتحدث عن الليبرالية نذكر (توماس هوبز/ وجون لوك ومونتسكيو / وجون استيورت مل) حيث نشر توماس هوبز كتابه عن العقد الاجتماعى 1651
ونشر جون لوك عن التسامح رسالة فى التسامح (1689) وهو بداية الليبرالية والعلمانية معا ونشر مونتسكيو في عام 1748، كتابه (روح القوانين) وهو اول من طرح مبدأ الفصل بين السلطات ونشر روسو كتابه عن العقد الاجتماعى 1762 ونشر ميل كتابه عن (الحرية) 1859.
أولا: تأثير الليبرالية على الفكر السياسى واستعراض العداء الشديد بين الليبرالية الكلاسيكية والديمقراطية الشعبيه وكتاب جون ستيوارت ميل فى الحرية والذي يهدف فيه بالأساس إلى الدفاع عن الفرد ضد استبداد الدولة والمجتمع والأكثرية، ويظهر فيه تبرمه من الاتجاهات الديمقراطية الشعبية التي ميزت حقبة مرحلة ما بعد الثورة الفرنسية.
حيث يوضح ميل في كتابه كيف أن طغيان التوجهات الديمقراطية الشعبية يمثل خطرًا لا على الفرد وحسب، بل وعلى مستقبل البشرية كذلك حيث تمثل الاتجاهات الديمقراطية الشعبية واحدة من أسوأ أنواع الديكتاتوريات، وهي ديكتاتورية الحشود والجموع.
ولادة الديمقراطية الليبرالية او الديمقراطية الدستورية ونشوء فكرة الحفاظ على حقوق الاقلية والفرد عند الممارسة السياسية وتعديل تعريف الديمقراطية الكلاسيكى وصبغه بصبغة ليبرالية حقوقية وتطور وتغير تعريف الديمقراطية بسبب الفلسفة الليبرالية من (حكم الأغلبية) فقط الى حكم الاغلبية (مقرونا) بحماية حقوق الاقلية والفرد، والاغلبية اى الحزب الذى فاز بنصف مقاعد البرلمان + 1
ويجب هنا أن نؤكد أنه لاتوجد أغلبية فى النظام الديمقراطى (دائمة). وان الأغلبية فى النظام الديمقراطى تتغير فى كل مرة حسب نتائج الانتخابات النيابية فى كل مرة، أن النظام الديمقراطى يسير وفق مبدأ (الاغلبية) و(الأقلية) الاغلبية تشكل الحكومة وتحكم والأقلية لا تحكم وتسمى (معارضة) والمعارضة تسعى لتتحول إلى أغلبية فى المرة القادمة والأغلبية يمثلها الحزب أو الائتلاف الحزبى الفائز فى الانتخابات وأحزاب الأقلية هم كل الأحزاب التى لم تتمكن من حصد مقاعد كافية لتشكيل الحكومة 50٪ + 1
نتيجة الفلسفة السياسية وتأثيرها
أصبح على الأغلبية عندما تحكم عليها ان تحافظ على حقوق الأقلية وحقوق الفرد أيضا الذى قد لايكون ضمن الأغلبية ولا ضمن الأقلية
كما تثبتت الفلسفة الليبرالية فى نشأة (العلمانية) كأداة سياسية ودور جون لوك فى ذلك ورفضه تدخل السلطة فى معتقدات الافراد
حيث نشأت فكرة (حياد الدولة) تجاه معتقدات مواطنيها وعدم انحياز الدولة لاتباع أى دين أو طائفة ونشأت فكرة المواطنة والوطن للجميع ونشأة الدولة الوطنيه الجامعة وشعار الوطن للجميع، (المساواة الوطنية) فى الحقوق والواجبات وأصبحت العلمانية أداة سياسية أساسيه من ادوات صناعه الدول وتحولت الدولة القومية إلى دولة وطنية جامعة تتأسس على المواطنة
وتحول الفرد من مجرد فرد الى مواطن من مجرد مقيم الى مالك وعرفت العلمانية بأنها تعنى حياد الدولة الايجابى تجاه معتقدات مواطنيها، والحياد الايجابى يقصد به دور الدولة فى تمكين مواطنيها من ممارسة حرية الاعتقاد وحرية ممارسة شعائرهم الدينية ونشأت المدرسة (الحكومية) الوطنيه الجامعه كمؤسسة حيادية دينا تجاه اديان طلابها او طوائفهم فهي مدرسة لجميع طلابها وعدم انحياز المدرسة الحكومية لاتباع أى دين أو طائفة ونشاة فكرة التلازم والتوأمة بين الديمقراطية الليبرالية والعلمانية مع اعتبار الديمقراطية والعلمانيه ادوات محض أساسيه لتدشين الدولة الوطنيه وبنائها، ولا يوجد مواطن علمانى او مواطن ديمقراطى فالعلمانية والديمقراطية ليس ايدلوجيات ولكنها محض ادوات سياسية لبناء الدولة الوطنية الجامعة .
وظهرت نتيجة الفلسفة الليبرالية فكرة المواطنة (المساواة) كأساس للدولة الوطنية الجامعه ثم فكرة حق التصويت للجميع والغاء التصويت على درجتين
وتم التأكيد على ان (الديمقراطية) و(العلمانية) ادوات سياسية وعمليات اجرائية، (اجراءات) ولكنها رغم كونهما عمليات اجرائية لا تخلو من القيم طبعا اى تحتوى على قيم
واضحت (الديمقراطيه الليبرالية) تعلمك قيمة احترام رأى الاغلبيه والالتزام به، وقيمة احترام نتايج الانتخابات وقبول الهزيمة والمباركة للمنافس المنتصر والتعاون معه والرضوخ له كما اضحت (العلمانيه) تعلمك قيمة مثل المساواة واحترام الاخر الوطنى قبول الاخر، المساواة
ولاننسى ذلك الصدام بين الليبراليين الجدد والليبراليين الكلاسيكيين حدث فى اواخر القرن الـ19 من اجل العدالة الاجتماعية حيث قامت مجموعة من (الليبراليين الجدد) في بريطانيا بنقد سياسة عدم التدخل في الليبرالية الكلاسيكية وأيدوا تدخل الدولة الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حيث رأى الليبراليون الجدد أن الحرية الشخصية شيء لا يمكن للفرد تحقيقه الا في ظروف اجتماعية واقتصادية ملائمة. وهذا يتطلب تدخل من الدولة لضبط التنافسية ومنع الاحتكار وفرض ضرائب تصاعدية والاهتمام بعمل شبكة ضمان اجتماعى
ويجب هنا التاكيد على ان الليبرالية الجديدة مثلت الطريق الثالث بين الليبرالية الكلاسيكية الاقتصادية (الرأسمالية) والاشتراكية الثورية.
كما لاننسى تأثير الفلسفة الليبرالية الجديدة ودورها فى تهذيب الليبرالية الكلاسيكية واجهاضها للثورة الاشتراكية الماركسية.
ثانيا: تأثير الفلسفة على الفكر الدستورى وتتضمن:
. فكرة العقد الاجتماعى
. فكرة حقوق الانسان
. فكرة الفصل بين السلطات
والتوازن بين السلطات والتكامل بين السلطات واعطاء حق المحاسبة للسلطة التشريعيه واعطاء حق الفصل للمحكمة الدستورية وحق شرح النص الدستورى وبيان مغزاه
*وولادة فكرة الشرعية فى طريقة تولى السلطة وفكرة المشروعية عند ممارسة تلك السلطة
والانتقال من حالة (التجمع) الى حالة (المجتمع) من حالة الطبيعة الى حالة المدنية
ونشأت مؤسسات المجتمع المدنى بديلا عن فكرة العصبيات العائلية والانتقال من ربطة الدم الى رابطة الفكر والقيم الرابطة الحزبية الفكرية
ونشأت فكرة السلطة التأسيسية وكيف تتشكل. نشأ مبدأ التمييز الايجابى فى المواثيق الدولية
كما نشأ مبدأ الاغلبية المطلقة والاغلبية النسبية والفرق بينهم.