في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة بين الصين وروسيا وإيران تطوراً، الأمر الذي أثار المخاوف بشأن تشكيل تحالف أوثق. وأظهر فلاديمير بوتين من روسيا وإبراهيم رئيسي من إيران، وكلاهما مستهدف بالعقوبات الأمريكية، صداقة حميمة متزايدة.
ووفقا لتحليل نشرته الأيكونوميست، كان استياء الصين وروسيا وإيران المشترك من السياسات الأميركية سبباً في التقارب بينهم، ودافعا إلى تحقيق هدف مشترك يتمثل في تحدي الهيمنة الأميركية على الشئون العالمية.
تعززت العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول بشكل ملحوظ. وتعهدت الصين بتقديم الدعم الثابت لروسيا ووقعت اتفاقية استراتيجية كبيرة مدتها 25 عاما مع إيران، مؤكدة التزامها بنظام عالمي متعدد الأقطاب. إن التجارة الثنائية بين الثلاثي آخذة في الارتفاع، مع وجود خطط لإنشاء كتل معفاة من الرسوم الجمركية وطرق تجارية بديلة خارج السيطرة الغربية.
وبحسب تحليل الأيكونوميست، فإن أحد الدوافع الأساسية لهذا التحالف هو الفوائد الاقتصادية التي يقدمها. وأصبحت الصين، بشهيتها النهمة للطاقة، سوقاً حاسمة للنفط الروسي والنفط الخام الإيراني. وقد وجدت كل من روسيا وإيران، تحت ضغط العقوبات الغربية، في الصين شريكاً يمكن الاعتماد عليه ومستعداً لتحدي القيود الأميركية. ونتيجة لذلك، ازدهرت علاقاتهم التجارية مع الصين، مما زودهم بالإيرادات التي هم في أمس الحاجة إليها وسط العقوبات.
ومع ذلك، ورغم أن التعاون الاقتصادي يبدو قويا، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. إن التشابه في الملامح الاقتصادية لروسيا وإيران يحد من نطاق التجارة الواسعة بينهما. فضلاً عن ذلك فإن إحجام روسيا عن تقديم مساعدات جوهرية لإيران، وخاصة في مواجهة الضغوط الغربية، يسلط الضوء على الديناميكيات المعقدة داخل هذا التحالف الناشئ.
ومن منظور جيوسياسي، فإن التقارب المتزايد بين الصين وروسيا وإيران له آثار كبيرة. إن تشكيل محور مناهض للغرب من شأنه أن يقوض المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة ويتحدى النظام العالمي القائم. وهو يشكل فضلاً عن ذلك تهديداً محتملاً للنفوذ الأميركي في مناطق رئيسية مثل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وفي حين يقدم التحالف بين الصين وروسيا وإيران فرصا للنمو الاقتصادي وإعادة التنظيم الجيوسياسي، فإنه يثير أيضا المخاوف بشأن استقرار النظام العالمي القائم. وبينما تعمل هذه الدول على تعميق تعاونها، سيراقب المجتمع الدولي عن كثب مسار هذا التحالف وتأثيره على الشؤون العالمية.