الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

مصريون صائمون.. المسلمون والمسيحيون فى الصيام الكبير وصيام رمضان

أمجد سمير شفيق حنا 
أمجد سمير شفيق حنا 
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقول اللورد كرومر:"الفرق الوحيد بين القبطي والمسلم هو أن الأول مصري يعبد الله في كنيسة مسيحية في حين أن الثاني مصري يعبد الله في مسجد إسلامى" 
في هذه الأيام بدأ الصوم الكبير وصوم شهر رمضان المعظم معا ليعلن حبه الذي يغمر البشرية وعلى أرض مصر أنصهر البشر ليعطي مذاقا مصريا خالصا فمنذ أيام الرسول بولس ترسخت الأغابي (موائد المحبة ) حيث يجتمع الجميع فقيرا وغنيا لتناول الطعام بعد صلوات القداس الإلهي وصار في الأديرة تقليدا لإضافة الغرباء كذلك بيوت في الطرق لإضافة الغرباء وأستمرت هذه العادة في موائد الرحمن في شهر رمضان المعظم الذي رسخ لها وتمت بمبادرة باباوات الإسكندرية البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثاني بابا وبطريرك ورئيس أساففة المدينة العظمى الإسكندرية ومازالت تترسخ في كل ربوع مصر لتعلن أن الخير للجميع 
يصوم أقباط مصر الصوم الكبير ومدته خمسة وخمسون يوما مع الحرص على ممارسة الفضائل فالصوم الخالي من الفضائل صوم لا فائدة منه
وأوضح القديس يوحنا ذهبي الفم معنى الصوم:
الصوم عند القديس ليس عملًا جسدانيًا، بل هو تحرير للنفس خلال جهاد الجسد مع الروح للدخول في حياة الشركة مع الله.
"ليس الصوم رياضة جسدية بل روحية".

"الصوم غذاء الروح، يجعلها أكثر صلابة، ويهبها أجنحة خفيفة بهما تنطلق إلى الأعالي".
"لتقف بجوار إنسان صوَّام، فإنك تشتم في الحال رائحته الذكية، لأن الصلاة رائحة روحية، يعلن صلاح النفس خلال العين واللسان وكل عضو... لست أقول هذا لكي أدين الذين يأكلون، وإنما لأُظهر فائدة الصوم".
"من يصم يصبح خفيفًا كما لو كان له أجنحة فيُصلي بنشاط كلي ويخمد الشهوات الشريرة ويستعطف الله ويجعل نفسه المتعجرفة متضعة، لذلك صام الرسل أكثر الأوقات، وستجد  . ومن يصلي صائمًا يملك جناحين أخف من النسيم، فلا يهذي ولا يتثاءب ولا تنحط قواه في وقت الصلاة كما يحدث مع الكثيرين. فهو أسرع من لهيب النار وأرفع من الأرض فقط، وهكذا يظهر عدوًا ومحاربًا للشيطان. لأنه لا أحد أقوى من المصلي بحرارة، فإذا كانت تلك المرأة قدرت أن تستعطف القائد القاسي الذي لم يخف ولا يخجل من البشر، فكم بالحري يستعطف الله من يقف أمامه رافضًا الملذات العالمية وتاركًا أنواع المآكل الشهية...".
الصوم وسيلة لا غاية:
كثيرًا ما تحدث عن الصوم كاستعداد روحي للعيد يلزم أن ترافقه التوبة عن الخطايا مع الصلاة والتأمل والشركة في الأسرار المقدسة وممارسة الفضائل. كما تحدث عنه أيضًا كاستعداد روحي يهيئ الإنسان للتمتع بالشركة في الأسرار. فالصوم "هو معاون عظيم جدًا وحليف لنفعنا".
"جرت العادة في الصوم الأربعيني أن يسأل كل الآخر عن عدد الأسابيع التي صامها. من المحتمل أن نسمع واحدًا صام اثنين أو ثلاثة، وآخر صام الصوم كله. فما الفائدة إذا اجتزنا الصوم من دون أعمال صالحة؟ فإذا سمعت أحدًا يقول أنه صام الصوم الأربعيني كله، فقل له: كان لك عدو فسالمته، وكنت معتادًا على النميمة فتركت هذه العادة، وكنت تهزأ بالآخرين، فأهملت هذه العادة الذميمة أيضًا. فليست الفائدة للملاحين في اجتيازهم المسافات الكبيرة في البحار فقط، بل في اجتيازهم إياها مع الأحمال الثقيلة والبضائع الكثيرة. كذلك نحن لا فائدة لنا من الصيام إن اجتزناه سُدى بدون تأمل".
الصوم مع التوبة:
"صوم فمك عن الأحاديث الشريرة والتعنيف، لأنه ماذا ينفع إن صمنا عن الطيور والأسماك. ونحن نأكل إخوتنا وننهشهم؟
من يتكلم بالشر على أخيه إنما يأكل لحمه وينهش جسد قريبه.
"إننا لا ننتفع شيئًا من هذه الأتعاب المضاعفة والجهادات الخاصة بالصوم إن كنا غير قادرين على التمتع بالمائدة المقدسة بضمير صالح...
ليتأمل كل منا في نهاية الصوم أي أخطاء قد أصلحها؟ أي خطايا تخلص منها؟ أي وصمات تطهر منها؟ وليعرف إلى أي حال أفضل قد بلغ؟
بهذا يكتشف (المؤمن) خلال سيرته الصالحة ما انتفع به من الصوم مدركًا في داخله أنه قد اعتنى بجراحاته. بهذا يقترب إلى هنا.
"كرامة الصوم لا في الامتناع عن الطعام بل في الانسحاب من الأعمال الشريرة..
لا تصوم فمك وحده، بل صوم أيضًا عينيك وأذنيك وقدميك ويديك وكل أعضاء جسدك.
صوِّم يديك بالنقاوة من الاغتصاب والطمع.
صوِّم عينيك بتعليمها إلا يرتكزا في التطلع على ملامح البعض وينشغلا بالجمال الغريب...
أما صوم الأذنين فيكون بعدم قبول الكلام الشرير".
الصوم والصلاة:
"صام الرسل أكثر الأوقات
ومن يصلي صائمًا يملك جناحين أخف من النسيم".
الصوم والصدقة:
"صوم بدون صدقة لا يحسب صومًا. من يفعل هذا يكون أشر من الإنسان النهم والسكير لأن القسوة أخطر من الترف".
الصوم والشركة في اجتماعات الكنيسة:
"من يأكل ويشترك في الجماعة المقدسة بغيرة لائقة، أفضل بكثير من الذي لا يأكل ويغيب".
من أقوال آباء حول الصوم 
هكذا فإن الكلمة وضع لنا هذا الصوم المقدس الذي للأربعين يومًا فنتنقى ونتحرر من الدنس حتى عندما نرحل من هنا يمكننا بكوننا قد حرصنا على الصوم "هكذا " أن نصعد إلي جمال الرب العالي ونتعشى معه ونكون شركاء في الفرح السماوي" (القديس أثناسيوس الرسولي - عن عيد القيامة المجيد).
"فإنه لا يمكنك أن تصعد إلي أورشليم "السماء" وتأكل الفصح دون أن تحفظ صوم الأربعين" (القديس أثناسيوس الرسولي - عن عيد القيامة المجيد).
"هذا ما يعلم به بالرمز الذي جاء في العهد القديم لأنهم تعبوا كثيرًا للعبور من مصر إلي أورشليم أما الآن فنحن نخرج من الموت إلي الحياة. هم عبروا من فرعون إلي موسى أما نحن فإننا نقوم من الشيطان لنكون مع المخلص. وكما أنه في مثل ذلك الوقت يحملون شهادة سنوية عن رمز الخلاص هكذا فإننا نحن نصنع ذكري خلاصنا. نحن نصوم متأملين في الموت لكي نكون قادرين على الحياة" (القديس أثناسيوس الرسولي - عن عيد القيامة المجيد).
عن الصنف المُشتَهى: "ارفع يدك عنهُ، ونفسك ما تزال تشتهيه" (أحد الآباء)
"صوم اللسان خيرٌ من صوم الفم.  وصوم القلب عن الشهوات خيرٌ من الاثنين" (القديس مار اسحق).
"لقد ضبط الصوم قوة النار وسدَّ أفواه الأسود" (القديس باسيليوس الكبير)).
فالصوم هو صون الجسد والترفع عن ملذات العالم وفي الصوم الكبير هناك ممارسات رهبانية منذ القدم في بعض الأديرة 
جاء في قصة القديسة مريم المصرية في السنكسار (كتاب يحوي قصص الشهداء والقديسين والأنبياء)(تحت يوم ٦برمودة)
أن القس زوسيما سكن في دير كان رهبان هذا الدير من النساك الكبار الذين أضنوا حياتهم بالنسك، وكان الدير قريبًا من البرية التي أمضى فيها السيد المسيح الصوم الأربعيني، وكانت عادة رهبان هذا الدير أن يقضوا فترة الصوم الأربعيني في هذه البرية خارج الدير ولا يعودون إليه إلا يوم أحد الشعانين. كان الرهبان يتناولون الأسرار المقدسة بعد قداس الأحد الأول من الصوم ثم يخرجون للبرية، وهكذا فعل زوسيما.
فيصومون بنسك شديد في الطعام يأكلون أطعمة بسيطة حريصين على الخلوة والتأمل وكان من عادات القديس القمص ميخائيل البحيري المحرقي الإشنيني في الصوم الكبير يعتكف ولا يقابل أحد وتحرص الأديرة على غلق أبوابها ليتفرغ الرهبان للعبادة والتنسك وقراءة الكتاب المقدس ويحرص الجميع على الصدقة 
وفي شهر رمضان المعظم يحرص المسلم على ختم القرآن الكريم وصلة الرحم والتزاور والصلوات والتراويح وعمل الخير ليكون صوما مقبولا تقربا لله 
فكل المصريين حريصين على أرضاء الله سبحانه وتعالى متقربين له كلا يقدم هدية التخلى عن المعاصى والتحلي بالفضائل ليسكن روح الله بغنى في قلوبنا مطهرا أرواحنا وأجسادنا لكي نحيا بالفعل لا بالقول وتنتشر من سلوكياتنا نور معرفة الله لنبني وطنا قويا مرسخا بدعائم الأخلاق والفضائل والإيمان بثوابت إيمانية نحو تقوى الله 
وكل عام وأنتم بخير ووطنا مصر بخير