فى شهر. يوليو في عام ١٩٧٠ ذهب الرئيس جمال عبد الناصر الى الاتحاد السوفيتي لطلب المزيد من الخبراء السوفيت لكن الرئيس "بريجنيف" رد على طلب الرئيس "عبد الناصر" بقوله:
- إنه لا يحبذ الزيادة في التواجد السوفيتي في مصر لأن هذا التواجد يمكن أن يؤدي إلى امتعاض شعبي...
فوجئ الرئيس " عبد الناصر " بهذا الرأى فسأله:
- من أين جئتم بهذا الرأى...
رد "بريجنيف" على الرئيس " عبد الناصر" بقوله:
-أن وزارة الإرشاد القومي التي يرأسها السيد "هيكل" قامت باستقصاء للرأي العام فى مدينة المحلة الكبرى وظهرت نتيجته بأن الرأى العام المصرى يعارض زيادة التواجد السوفيتي على أرضه...
شكك الرئيس عبد الناصر فى هذا الاستقصاء قائلا :
- هذا غير صحيح
ولكن الزعيم السوفيتي "بريجنيف" أكد على صحة ذلك بقوله:
- السيد "هيكل"يعرف ذلك لأن وزارته هى التي قامت باستقصاء للرأي العام وظهرت هذه النتيجة...
بعد تأكيد هذه المعلومة من الرئيس السوفيتي "بريجنيف" كان السؤال الذى لم بتوقعه الأستاذ "هيكل "من الرئيس" عبد الناصر" له هو:
- هل حدث ذلك فعلا...
ولم يكن عنده إجابة لأنه ليس لديه اي معلومات عن هذا الاستقصاء...
كان هذا الموقف أكثر إحراجا لوزير لا يعرف ما يحدث فى وزارته...
وعلى الفور اتصل الأستاذ "هيكل" بمكتبه في القاهرة ليتأكد من صدق رواية الزعيم السوفيتي وكانت المفاجأة...
انه بالفعل حدث هذا الاستقصاء عندما شكل الأستاذ،"هيكل" لجنة لمعرفة الاسلوب الذي تتبعه مكاتب الهيئه العامه للاستعلامات في قياس الرأي العام فى المحافظات المختلفة بمصر وذهبت اللجنة إلى عدد من مكاتب في الاقاليم المختلفة ومن بينها المحله الكبرى والتقت اللجنة برئيس مكتب الاستعلامات وبحثت معه طريقة استقصائه لاتجاهات الرأي العام بمدينة المحلة الكبرى ونوع الاسئلة التى توجه للناس وهل هى اسئله اساسية مباشرة وما هي الموضوعات التي يختارها علي أى أساس يختار السؤال وسألته اللجنة هل تم استقصاء الرأى العام عن دورالسوفييت في مساعدة مصر...؟
و بدأ رئيس مكتب الهيئة العامة للاستعلامات بالمحلة الكبرى يطبق أسئلة اللجنة على الرأى العام وكان من ضمنها سؤال حول رأيهم فى التواجد السوفيتي في مصر...كانت النتيجة أن أكثرهم عارضوا زيادة التواجد السوفيتي على أرض مصر...
بعد ان علم الأستاذ "هيكل" بهذه التفاصيل ذهب الى مقر الرئيس
"عبد الناصر" وأخبره بما سمع فكان تعليق الرئيس:
- إذن الحكاية لها أصل ولكن الغريب أن تصل واقعة من مثل هذا النوع مشوهة، ثم تصل الى علم القيادة السوفيتية على أعلى مستوى في ظرف مدة لا تتجاوز أسبوعين...
وعلق الأستاذ "هيكل" قائلا:
-ذلك بالتأكيد شغل صديقنا "اندروبوف " رئيس المخابرات السوفيتية وانه سوف يتحدث إليه في هذا الموضوع ليوضح له أن هذا الاستقصاء كان فى مدينة واحدة وليس على مستوى الجمهورية...
لكن الرئيس "عبد الناصر" أضاف:
- بل يجب ان توضح ذلك أيضا للزعيم الروسي "بريجنيف"...
وبالفعل تحدد موعدا مع مدير المخابرات السوفيتية "اندروبوف" في اليوم التالى مباشرة لكن الذي لفت نظر الأستاذ "هيكل" أن اللقاء لم يكن فى مبنى المخابرات السوفيتية لكنه كان فى مبنى اللجنة المركزية...
بدأ اللقاء بقول الأستاذ "هيكل" بإنه اتصل بمكتبه وقال له بالتاكيد استمعتم لهذا الاتصال " أى أنه تم تسجيل مكالماته ولم يعلق "اندروبوف" على هذه الجملة وكأنه لم يسمعها".
وأكمل حديثه بأن الدافع لهذا الاتصال هو التأكد من المعلومات حرصا على العلاقات بين البلدين خاصة أن هذه العلاقات في مرحلة بالغة الأهمية والخطورة والمنطقة كلها أيضًا مقبلة على تطورات مهمة وخطيرة وأكد له أن أصل الموضوع تم نقله بطريقه مشوهة...
لكن مدير المخابرات السوفيتية أضاف:
-بصراحة...هل تنكر أن هناك حساسية في التواجد السوفيتي في مصر...أن هذا التواجد العسكري يمكن أن يصبح عبئا ثقيلا لا يحتمل كما أنه وراء استقصاء المحلة الكبرى حقيقة لا يصح تجاهلها...
ولم يجد الأستاذ "هيكل" ما يضيفه على هذا الرأي إلا بقوله:
- أدرك بعد هذا الحديث أن "اندروبوف" هو رجل المستقبل في الاتحاد السوفيتي وهو أيضا رجل الساعة في "الكرملين"...
"الأسبوع القادم بإذن الله أحدثك عن حكاية لقاء الأستاذ هيكل بالفيلد مارشال "مونتجمري"بطل معركة العلمين الشهيرة..."