أصبح تصاعد الضربات والضربات المضادة على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان يثير المخاوف من احتمال قيام جبهة جديدة لإسرائيل، حتى مع بقاء مقاتليها غارقين فى القتال الدامى فى المناطق الحضرية فى غزة إلى الجنوب فى حملتها لتدمير حركة "حماس" على حد زعمها.
فى المقابل أطلق حزب الله المزيد من الصواريخ على شمال إسرائيل الأربعاء الماضى، فى أحدث سلسلة من الهجمات التى تشنها الجماعات المدعومة من إيران فى جميع أنحاء الشرق الأوسط ضد الأصول الإسرائيلية والأمريكية.
وأطلق حزب الله عشرات الصواريخ والطائرات بدون طيار المحملة بالمتفجرات على إسرائيل الأسبوع الماضي، بما فى ذلك على كنيسة للروم الأرثوذكس، حيث أصيب مسيحيان إسرائيليان.
واستهدفت طائرات بدون طيار منتجع دهب فى شبه جزيرة سيناء، وهو الحادث الثانى من نوعه هناك خلال الشهر الماضي.
حرب غير ضرورية
ووقع انفجار خارج السفارة الإسرائيلية فى العاصمة الهندية نيودلهي، كما أدت غارة جوية بالقرب من العاصمة السورية دمشق إلى مقتل ضابط كبير فى الحرس الثورى الإسلامى الإيراني. وتعهدت إيران بأن إسرائيل سوف تدفع الثمن.
وقال إيلون ليفي، المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي: "نحن الآن على مفترق طرق.. إما أن يتراجع حزب الله عن الحدود الإسرائيلية، تماشيًا مع قرار الأمم المتحدة رقم ١٧٠١، أو سندفعه بعيدًا بأنفسنا".
وأضاف ليفي: "إن حزب الله ورعاته من أمراء الحرب الإيرانيين يجرون لبنان إلى حرب غير ضرورية على الإطلاق، إلى الحرب التى بدأتها حماس، منطقتنا لا تستحق حربًا أوسع نطاقًا".
حرب متعددة الجبهات
قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن إسرائيل تخوض “حربا متعددة الجبهات” الثلاثاء الماضى، حيث تعرضت البلاد للهجوم من “سبع ساحات” –غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران – وردت فى ستة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل لم تتحرك بعد فى اليمن، حيث يطلق المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران منذ أسابيع صواريخ على إسرائيل وعلى السفن التجارية فى البحر، مما أدى إلى تعطيل طرق الشحن الدولية.
وتشير صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن المسلحين المدعومين من إيران فى لبنان وفى جميع أنحاء المنطقة أصبحوا أكثر نشاطًا منذ ٧ أكتوبر، عندما بدأت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى" مما أسفر عن مقتل حوالى ١٢٠٠ شخص واحتجاز حوالى ٢٤٠ رهينة.
إشراك حزب الله
وحاولت حماس إشراك حزب الله اللبنانى والجماعات المسلحة فى الضفة الغربية وفى مختلف أنحاء المنطقة لمواجهة إسرائيل من خلال "طوفان الأقصى" لإعادة القضية الفلسطينية إلى مركز النقاش فى الشرق الأوسط.
ولكن عندما ردت إسرائيل على غزة، وتعهدت بتدمير "حماس"، لم ينضم حزب الله على الفور إلى القتال. وقد حير ذلك الجيش الإسرائيلي، بحسب المسئول الأمنى السابق جاك نيريا؛ كان المحللون يتدافعون لتقييم معايير الحرب.
وقال نيريا وهو ضابط سابق: "ما نعرفه الآن هو أن حزب الله انخرط فى ٨ أكتوبر، وأصبح تدريجيًا أكثر جرأة، حتى وصل إلى الوضع اليوم، حيث يستخدم جميع أسلحته باستثناء الأسلحة بعيدة المدى".
وفى الأسابيع الأخيرة، قامت إسرائيل بإجلاء ٧٠ ألف شخص من حدودها الشمالية، بالإضافة إلى ١٥٠ ألف شخص تم إجلاؤهم من حدودها الجنوبية مع غزة. وفى لبنان، فر ١٢٠ ألف شخص من منازلهم.
وقُتل ثلاثة أشخاص ليلة الثلاثاء الماضى فيما قالت وسائل إعلام لبنانية إنها غارة جوية إسرائيلية فى بن جبيل، وهى بلدة جنوب لبنان تعتبرها إسرائيل معقلا لحزب الله. وذكرت وسائل إعلام أسترالية أن أحدهما مواطن أسترالى كان يزور زوجته ويعتزم الانتقال معها إلى أستراليا. وتحقق وزارة الخارجية الأسترالية فى الحادث.
توسيع العمليات بغزة
ومع تصاعد التوترات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، يقوم قادة الاحتلال بتوسيع عملياتهم فى غزة، والتحرك بشكل أعمق فى وسط القطاع وجنوبه. لكن المؤشرات تتزايد بأن الحرب ستشمل لبنان أيضًا، وربما المنطقة ككل، بحسب "واشنطن بوست".
وقال الجيش الإسرائيلى إنه ضرب حوالى ٢٠٠ هدف عسكرى فى غزة ليلة الثلاثاء الماضي، بما فى ذلك منطقة الشجاعية، حيث اندلعت المعارك فى أحياء مكتظة بالسكان تقول إسرائيل إنها تبدو وكأنها كانت مفخخة بشكل كبير.
وقتل أكثر من ٢١١٠٠ فلسطينى منذ ٧ أكتوبر، بحسب أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة التى تديرها حماس فى غزة، وغالبية الشهداء من النساء والأطفال.
ويقدر الجيش الإسرائيلى أن عدد القتلى يشمل ٨٠٠٠ مقاتل. وقتل أكثر من ١٦٤ جنديا إسرائيليا منذ بداية الحرب.
ولا شك أن الحرب مع لبنان ستضيف إلى هذا الألم. ويتمتع حزب الله بتدريب جيد، وتقدر ترسانته بنحو ١٥٠ ألف صاروخ.
وتطرح مصر وقطر صفقات لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، ربما مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين يقدر عددهم بـ ١٣٠ رهينة وما زالوا محتجزين فى القطاع.