أمام صهد الفرن و "كومة هرمية" من قشر الذرة وأخرى من "كيزان" الذرة وفرن ألمونيوم صغير وأنبوب غاز، وفي منتصف مفترق طرق على شارعين رئيسيين بمنطقة الخانكة، يجلس " عم أحمد صابر" على جانبي الطريق لمدة 6 أشهر في العام من الثامنة سابعًا وحتى غروب الشمس، مؤكدًا أن الإقبال على الشراء أكثر في موسم الشتاء معبرًا عن ذلك "الناس بتكون عايزة تتدفى"، موضحًا أنه يقوم بشراء الذرة من مزارع الجيزة في موسم طرحها ويقوم بتخزينها في ظروف مناسبة لتغطي احتياجات عمله في بيع الذرة المشوية من شهر يوليو وحتى شهر فبراير من كل عام.
وأضاف "صابر" أن له أصول صعيدية ويسكن في "بلاد البندر" 6 أشهر فقط في العام في سكن قد أستأجره مع مجموعة من معارفه وأصدقائه ممن يعملون في صناعات يدوية ومشابهة لذلك، موضحًا أنه بعد انتهاء الموسم يقوم بعودة أدراجه إلى بلاده ويراعي أرضه التي يقوم بزراعتها مناصفة مع أخيه الأصغر، وأشار أن مجال بيع الذرة المشوية على الرغم من بساطته فإنه يدر دخلًا وصفه بالمعقول، قائلًا "دخل حلال وزرق كل يوم والمكسب اللي بطلع بيه آخر اليوم معقول"، كما أشار أن طرح محصول الذرة يعتمد على البيئة المناسبة فأحيانًا يقوم بشرائه من مزارع الجيزة وأحيانًا من مزارع المنوفية أو البحيرة.
وعن طريق التسوية، قارن "صابر" بين التسوية القديمة على الفحم و"المنقد" وبين التسوية الآن على أفران ألمونيوم ، قائلًا "كل زبون وليه طلبه في الأكل وأصل الأكل أمزجة"، لكن التسوية على الفحم تقوم بحرق أطراف حبات الذرة مما يقوم بتنشيفها من الخارج ويترك آثاره على أيدي المشترين، كما يقوم بتنشيف "كوز الذرة" من الخارج ويستهلك وقتًا طويلًا في التسوية ويحتاج إلى تهوية متواصلة عن قرب مما يترك أثرًا على أعصاب اليد وتتعرض العينان والوجه لحرارة شديدة طوال اليوم، أما التسوية عن طريق أفران الألمونيوم سريعة وسهلة للغاية ولا يتطلب سوى "التسوية" على نار هادئة مع التقليب المستمر حتى نضمن تسوية متكافئة ونحافظ على المياه داخل الذرة.
وقال الرجل الأربعيني "صابر" أنه من ينظر من بعيد يتساءل كيف يقف هذا الرجل أمام صهد الفرن طوال هذه الساعات، قائلًا "دايماً بتسأل السؤال ده من الناس لكن ربنا بيعين وبيحلي لكل واحد زاده"، مؤكدًا أنه قد اعتاد الوقوف أما الفرن في درجات حرارة عالية للغاية، ولكن الوضع يكون أصعب بكثير خلال أوقات الظهيرة، معبرًا عن ذلك بتكون الشمس من فوقي وحولي والنار أمامي وتلتهب وجهي لكن الحمد لله على رزق ربنا".
وأشار "صابر" أن المعاناة أمام صهد الفرن لا تقتصر على فصل الصيف فحسب، بل الشتاء له نصيب أيضًا من تلك المعاناة، حيث يتعرض لحرارة كبيرة تقوم بتدفئة جسده أكثر من المعتاد، ولكن عدم توازن الحرارة أمام الفرن وبقية المكان المحيط، يجعله يتعرض لنوبات تنفس شديدة، ولكنه أصبح مع مرور الوقت يرتدي ملابس مناسبة ويفارق الأماكن الدافئة للأماكن الباردة رويدًا رويدًا، مضيفًا "كل الشغل متعب المهم إنه حلال".