باتت حوكمة الشركات في المملكة العربية السعودية أولوية لا غنى عنها في الوقت الحالي، خاصة بعد زيادة معدلات الفساد في القوائم المالية لكبرى الشركات، وبعد إدراك هيئة السوق المالية السعودية ضرورة تحسين أداء الشركات والحفاظ على الاستثمارات، إذ كان الهدف من هذه الحوكمة هو وضع أسس وقوانين تساعد على تحقيق النزاهة في المعاملات المالية، بما يخدم المصالح العامة وحقوق المساهمين، وفي سطور هذا المقال نوضح معنى حوكمة الشركات ونظام الحوكمة في السعودية ولائحته ونماذجه وأهدافه.
ما هي حوكمة الشركات:
المقصود بحوكمة الشركات اتباع مجموعة من القواعد في إدارة الشركة، تلك القواعد التي تنظم العلاقات بين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين وأصحاب المصلحة وجميع المساهمين، وذلك من خلال وضع الإجراءات التي تزيد من الشفافية والمصداقية على عملية اتخاذ القرارات، بما يحمي حقوق أصحاب المصالح والمساهمين.
ومن خلال بناء نظام الحوكمة المتكامل، تتمكن الحكومة من بدأ تنفيذ ممارستها، وتحديد السلوكيات التي تساعد على تحقيق مصالحها، وحث قادة الشركات على اتخاذ القرارات الأخلاقية.
وهناك مجموعة من الضوابط الرسمية التي تستند إليها ممارسات الحوكمة، ومن أمثلتها الأنظمة والقوانين والتشريعات، وبالتالي تستطيع الحكومة الاستفادة من تطبيق هذا النظام في تحقيق أفضل النتائج واستبعاد أنماط العمل غير الجيدة.
نظام الحوكمة في السعودية والدورات:
بدأ تطبيق نظام الحكومة في المملكة العربية السعودية في 23 أبريل 2017، إذ نفذت هيئة السوق المالية لائحة حوكمة الشركات، والتي راعت فيها أفضل الممارسات المُتبعة عالميًا، لتتوافق مع طبيعة السوق المالية بالمملكة.
وتُعد حوكمة تقنية المعلومات من أهم العمليات التي تقوم بها الشركات عند تطبيق نظام الحوكمة، إذ يتولى مديرو نظم المعلومات بتنفيذ عدة عمليات تهدف إلى زيادة كفاءة الشركة وإدارة المخاطر التي تواجهها.
ولأجل ذلك، قدمت العديد من الجهات دورات عن بعد معتمدة في السعودية، من أجل تدريب الموظفين داخل الشركات على إدارة تكنولوجيا المعلومات وإدارة المخاطر، تنفيذًا لنظام الحوكمة.
وعلى جانب آخر، يستند تطبيق نظام حوكمة الشركات في السعودية على مبدأ حقوق المساهمين، إذ يركز على ضرورة حصول المساهمين في الشركات على جميع حقوقهم فيما يخص الأسهم، منها الحصول على الأرباح والتصرف في الأسهم والحصول على جزء من موجودات الشركة عند تصفيتها، إضافة إلى حق الإطلاع على المعلومات التي لا تضر بمصالح الشركة، وكذلك مراقبة أعمال مجلس الإدارة.
نماذج حوكمة الشركات:
تتعدد نماذج حوكمة الشركات التي تطبقها الشركات في جميع دول العالم، ويتحدد اختيار النموذج حسب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية لكل دولة، ومن أشهر تلك النماذج ما يلي:
1- النموذج التقليدي
وهو من نماذج حوكمة الشركات في مؤسسات الأعمال الربحية، ويهدف إلى تعظيم قيمة المساهمين، إذ يرى أن الشركة مسؤولة فقط أمامهم.
ويركز هذا النموذج على ضرورة إعطاء المساهمين السلطة لحماية حقوقهم أمام أي انتهاكات تحدث لرؤوس أموالهم، وتُعد الولايات المتحدة الأمريكية من الدول المطبقة لهذا النموذج نظرًا لقانونها الذي يعطي أولوية للمساهمين.
2- النموذج التشاركي
يركز هذا النموذج على مواجهة السلوكيات السلبية للمساهمين من خلال تقسيم السلطة عليهم، وبالتالي تلعب حوكمة الشركات دورًا في تأمين مساهمات المالكين بالتزامن مع تأمين الصفقات التي تبرمها الشركات مع جميع الأطراف الأخرى، وهو ما يجعل الشركة تبدو وكأنها حلقة نتيجة التعاقدات التي تنشأ بين الجميع، فتصبح نوعًا من التحالف الذي يخلق القيمة لهم.
3- نموذج فريق الإدارة
تستعين الكثير من مؤسسات الأعمال الربحية بنموذج فريق الإدارة في حوكمة الشركات، إذ يحدد آلية قيام الشركة بواجباتها، عن طريق قيام مجلس الإدارة بتشكيل لجانًا تتولى القيام بمهام وضع البرامج والخطط والتمويل وجمع الأموال والموارد البشرية، بدلًا من الاستعانة بأشخاص للقيام بذلك وحصولهم على أجور.
4- نموذج حوكمة المجلس الاستشاري
يركز هذا النموذج على ضرورة وجود مجلس استشاري في الشركات، يقدم المساعدة للمديرين التنفيذيين فيما يخص إدارة الشركة.
ويتكون المجلس الاستشاري من مجموعة من الأعضاء وهم مستشارين موثوق بهم، يؤدون مهامهم الاستشارية لمجلس الإدارة داخل الشركة دون الحصول على مقابل، ويتم اختيار هؤلاء الأعضاء وفقًا لخبراتهم في مجال الشركة، وبالتالي فإن الاستعانة بهم يساعد على تعزيز مصداقية الشركة بشكل عام.
5- نموذج حوكمة المستفيد
يركز نموذج حوكمة المستفيد على قيام أعضاء مجلس إدارة الشركة بواجباتهم فيما يخص جمع الأموال، إذ يتم اختيار هؤلاء الأعضاء من الذين لديهم ثروات شخصية أو خبرات وتأثير في هذا المجال، فيساهمون بأموالهم في الشركة، ويعملون على كسب مساهمات خارجية للشركة مستخدمين تأثيراتهم وشبكات علاقاتهم.
ووفقًا لهذا النموذج، يقل تأثير أعضاء مجلس الإدارة على الرئيس التنفيذي للشركة، نظرًا لتركيزهم على أداء واجبات محددة.
لائحة حوكمة الشركات وتقنية المعلومات وفقًا لـ ITIL:
وضعت هيئة السوق المالية السعودية لائحة حوكمة الشركات بموجب القرار رقم 8-16-2017 وتاريخ 16-5-1438 هـ، والتي تتكون من 98 مادة، حددت كل ما يخص حوكمة الشركات وحقوق المساهمين واختصاصات مجلس الإدارة والرقابة الداخلية والأحكام العامة وغيرها.
تم تحديث لائحة حوكمة الشركات في السعودية بما يتوافق مع نظام الشركات بالمملكة، من أجل تحقيق أهداف هذا النظام.
واشتملت اللائحة على قواعد الحوكمة الفعالة في شركات المساهمة المدرجة في السوق المالية السعودية، للتحقق من وجود علاقات منظمة وواضحة بين مجالس إدارة الشركات والمساهمين وبين فرق الإدارة التنفيذية.
واهتمت اللائحة بذكر مجموعة من المصطلحات الخاصة بحقوق المساهمين في الشركات ومنها الحق في الحصول على المعلومات بشفافية، والحق في المعاملة العادلة دون تمييز.
وذكرت المادة التاسعة والثلاثون في اللائحة ضرورة تقديم الشركات دورة ITIL من أجل تدريب وتأهيل أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين على سير عمل الشركة وأنشطتها.
أهداف حوكمة الشركات وعلاقتها بتقنية المعلومات وفقًا لـ ITIL
تتمثل أهداف حوكمة الشركات في المملكة العربية السعودية فيما يلي:
1- رفع كفاءة مستوى الاقتصاد
يهدف تطبيق نظام الحوكمة إلى زيادة استقرار الأسواق المالية، ومن ثم جذب المزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية، مع تقليل حجم المخاطر التي تهدد النظام الاقتصادي، وهو ما يساهم في النهاية في رفع كفاءة مستوى الاقتصاد.
2- تحسين أداء الشركات
تحتاج الشركات إلى تطبيق نظام الحوكمة من أجل خلق بيئة عمل إيجابية تمكنها من تقديم أفضل أداء، وهو ما يعزز من قيمتها الاقتصادية.
كما أن هذا النظام يزيد من فرص حصول الشركات على التمويل اللازم بتكلفة أقل، ومن ثم تبني الثقة مع أصحاب المصلحة وتتوسع في أنشطتها.
3- حماية الاستثمارات من الخسارة
يساعد تطبيق نظام الحوكمة على عدم استخدام السلطة فيما يضر مصالح المستثمرين، وبالتالي فإن الهدف من تطبيقه هو حماية تلك الاستثمارات من التعرض للخسارة، وهو ما يعزز من عوائد الاستثمار.
كما أن تطبيق الشركات معايير الحوكمة يؤدي إلى الحد من تضارب المصالح، لأنه يفعل من دور المساهمين في مشاركة إدارة الشركة في اتخاذ القرارات.
4- توطيد العلاقات مع أصحاب المصالح
التزام الشركة بتطبيق نظام الحوكمة الرشيدة يؤدي إلى تعزيز العلاقات بين إدارتها وبين أصحاب المصلحة، وهو ما يسهم في رفع مستوى أدائها، وبالتالي تتحقق أهدافها الاستراتيجية.
ولتحقيق ما سبق، يتعين على الشركات استخدام نظم المعلومات حتى تتمكن من بلوغ أهداف نظام الحوكمة، وهو ما يتطلب تعيين أشخاص حاصلين على شهادة ITIL ممن يمتلكون خبرات في تطبيق نظام تقنيات المعلومات داخل الشركات.
تقدم منصة بكه التعليمية دورات تدريبية معتمدة في حوكمة تكنولوجيا المعلومات وإدارة الخدمات، تناسب الراغبين في تطوير مهاراتهم في هذا المجال.
وفي الختام، فإن التطبيق الأمثل لنظام حوكمة الشركات داخل المملكة العربية السعودية يساعد على تحقيق الاستفادة المثلى من قدرات الشركات ومواردها، وهو ما يعزز من الاقتصاد السعودي بشكل عام.