الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

النازحون الفلسطينيون يتحدثون لـ«البوابة نيوز»: الدمار في كل مكان ونتعرض لإبادة جماعية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
  • كامل حماد: نشهد أهوال القصف شمالاً وجنوبًا
  • مصطفى جعرور: إسرائيل تبيد البشر والحجر
  • جعفر أبوالمعزة: فقدت أسرتى بالكامل

مازالت القصص الإنسانية والمشاهد التى تدمى القلوب تفرض نفسها على رحم معاناة الحرب على قطاع غزة والتى دخلت شهرها الثالث تتصدر عناوين الصحف والمواقع العربية وتحتل تريندات وسائل التواصل الاجتماعى، فما يتعرض له أهل غزة يوميًا رجال ونساء وأطفال وكبار السن، من عذاب وقهر يصنف كجرائم حرب، تذرف عليها دموع الإنسانية يوميا.

تفاصيل مريرة

تفاصيل مريرة يرويها الصحفى كامل حماده مهندس صوت بالتلفزيون الفلسطيني فى حديثه لـ"البوابة" عن أهوال القصف الذى يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة منذ أكثر من٦٠ يوما مُخلفا آلاف الشهداء والجرحى ونزوح مئات الآلاف، حتى باتت غزة أشبه بـمقبرة جماعية.

يقول كامل على الرغم من طلب الاحتلال من الفلسطينيين بمناطق الشمال والوسط بالنزوح نحو الجنوب منذ بدء حرب السابع من أكتوبر، باعتبار أنّ الجنوب هو الأمان الوحيد لهم، وعدم خروجهم نحوه يعنى الموت ولكن هذا كذب فالقصف على الجنوب مستمر فأينما تكونوا فى غزة يدرككم الموت فبعد ساعات من توزيع المنشورات، فوجئنا بقنابل الدخان تُطلق علينا بكثافة، واختنق كثيرٌ منا، وتوجّهنا إلى حيث الممر الآمن الذى حدّدته إسرائيل، ورغم ذلك لم نسلَم من إطلاق نارٍ من الطائرات إذا خرج أحد عن الطريق، ورفعنا الرايات البيضاء لإثبات أننا غير مسلّحين".

وتابع كمال ، "أنا وأسرتى بالكامل من الناحين نحو الجانب جزء منا نازح الى النصيرات وأنا وزوجتى وأبنائى الى الزوايدة وابنتى فى رفح وأخى فى دير البلح فى مدارس الايواء وأختى فى غزة واستشهدت عائلة أخى كنعان فى غزة زوجته نجلاء وأبناءه وليد وقصى وعيسى ونور".

وأضاف كمال ، هناك تفاصيل اكثر مرارة من الحرب فالحرب دمار وموت ولكن التفاصيل الصغيرة اكثر مرارة من الحرب عندما يتوجب أن تكون سندا لأخيك وأنت عاجز عن الوصول إليه وعندما يدفن أبناء أخيك وعمك وأنت أكثر عجزا أن تلقى النظرة الأخيرة عندما تستنجد بك ابنة أخيك" بدى إياك ياعمى نفسى أشوفك" وأنت فى قمة العجز والحزن والوجع الشديد يسكنك فالحزن الذى يأتينا ليس أصعب من الحزن الذى يسكننا فالدموع تحجرت وتجمدت ولم تعد تقوى على السقوط أصبحت فى حالة من الخجل أن تتساقط أمام وجع الآخرين وكلنا نقول الحمد الله رضينا بالله وعندما يسألوننا طمأنونا عليكم نقول نحن بخير نحن نكذب كلنا نكذب نحن لسنا بخير نحن فى ظلم وقهر ووجع لا يريد أن يتوقف".

وأكد "كمال"، أن هذه الحرب ليست كالحروب السابقة فهذه الحرب تختلف كليا عما قرأت وشاهدت من أفلام وثائقية عن الحروب السابقة فلم تكن هناك حرب بهذه الدموية وإن أردنا صناعة فيلم من وحى الخيال ومن دمار وقتل للبشر مستحيل أن يكون بتلك الحرب المجنونة القاتله لكل معانى الإنسانية العالم فى حالة من الصمت يستمتع بما يسمع ويشاهد.

وضع كارثى

كشف جعفر أبوالمعزة الحكيم بالمستشفى الإندونيسى بقطاع غزة لـ«"لبوابة" آخر التطورات والأوضاع على أرض الواقع بعد مرور أكثر من ٦٠ يوما من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وكيف أصبح شمال غزة.

وقال "أبوالمعزة" إن الوضع داخل المستشفى الإندونيسى كارثى جدًا؛ بعد التوقف عن تقديم الخدمة الصحية نهائيا حيث لايوجد خدمات ولا إمكانيات ولا كهرباء ولا معدات ولا حتى أدوية وخروج كل مستشفيات الشمال عن العمل جراء الاستهدافات، مشيرا:، إلى الطعام قليل جدا والمياه الموجودة والتى يتم الوصول إليها بعد معاناة غير صالحة للشرب.

ويضف: أن الوضع الصحى فى شمال غزة ينذر بكارثة فالجثث والأشلاء فى الطريق، والمصابين فى الشوارع ينزفون حتى الموت وأعداء الشهداء والإصابات كبيرة جدا لايمكن أن يتخيلها عقل بشري.

وكان جعفر قد فقد أسرته بالكامل أمه وزوجته الحامل فى الشهر الثامن وأخته الصغيرة فى يوم واحد حيث تم استشهادهم جميعا عقب  صلاة الفجر دون تحذير قبل القصف المباغت والذى على إثره نزح الباقون إلى مدرسة التى لم تسلم أيضا من القصف الغاشم ليلا ونهار، كتب النازح الفلسطينى رثاء فى أهله قائلا:

الحمد لله حمد الصابرين 

لله ما أخد ولله ما أعطى 

أمى مهجة قلبى وعمود بيتنا نحسبها عند الله من الشهداء 

زوجتى قرة عينى وسندى وخليلتى نحسبها عند الله من الشهداء 

ابنتى قطعة من قلبى التى لم ترى ضوء الحياة فى شهرها الثامن نحسبها عند الله شهيدة طير من طيور الجنة 

أختى آخر العنقود فرحة بيتنا وحبيبة قلوبنا نحسبها عند الله شهيدة طير من طيور الجنة ولا نزكى على الله أحدا 

اللهم أجرنا فى مصيبتنا خيرا واخلفنا خيرا منها

حسبى الله ونعم الوكيل

وعند سؤاله لماذا لم تتجه الى الجنوب قال : «لم يعد فى غزة بأكملها مكان واحد آمن.. فالقصف متواصل ليل نهار والدماء ملأت كل شبر فيها وتحولت بيوت المدنيين العُزل لأطلال فوق رؤوس سُكانها جراء المجازر التى يُنفذها الاحتلال بين كل ساعة حتى المُستشفيات ودور العبادة والمقابر وأماكن الإيواء والتى تحمل علم وكالة الأمم المتحدة لم تسلم من القصف الإبادى للاحتلال حتى أصبحت غزة شمال وجنوب قطعة من الجحيم".

إبادة جماعية

وصف  المصور الصحفى مصطفى جعرور مراسل شبكة العين الإخبارية، أن مايحدث فى غزة إبادة جماعية قائلا: إن الاحتلال الإسرائيلى يستهدف الحجر والشجر والطفل والمرأة والرجل والصحفى والطبيب والمسعف وسيارة الإسعاف وسيارات الدفاع المدني، لاشيء آمن من القصف حيث خلال الـ 60 يوما عانى الشعب الفلسطينى معاناة هجرة عام 1984 و1967، وعلى الرغم من التزام الشعب من الاتجاه نحو الممرات الآمنة كما أعلنتها إسرائيل واتجاههم نحو الجنوب لم يأمن أحد فقط تم ضرب النازحين فى الممرات الآمنة وحتى مناطق الجنوب لم يستثنيها من قصفه العنيف هى الأخرى أسوة بجميع مدن القطاع حتى مدارس الأونروا، وهى ترفع العلم الأزرق لا تشعر بالأمان، فى الشارع لا تشعر بالأمان، فى العربات لا تشعر بالأمان هذا إحساس لم أشعر به قبل ذلك فى غزة، ولم أعشه، فقد وصل عدد الشهداء إلى ٢٠ ألف شهيد والنصف مليون جريح.

وأضاف جعرور فى تسجيل صوتى لـ"البوابة نيوز"، أن غزة الآن تفتقد كل مقاومات الحياة الأساسية فلا يوجد طعام ولا ماء صالح للشرب ولا ملابس وأكثر من مليون نازح فى المخيمات على الحدود المصرية دون أغطية ودون غاز ولا كهرباء يعتمدون على إشعال النيران من أجل تحضير بعض الطعام، المشهد مؤلم وصعب جدا كما يقول النازح الفلسطيني.

وأشار، الى "أنى شهدتُ حروبا كثيرة قبل ذلك فى غزة، لكننى لم أرَ حجم هذه المأساة. إنها نكبة جديدة للفلسطينيين، لم أكن أتوقع أن أرى شعب غزة بالكامل من النازحين الذين تركوا كل شيء والذين لم يغادروا غزة منذ آلاف السنوات، وإزالة غزة بالكامل عن الوجود فلم يبق من غزة سوى أنقاض وجثث وأشلاء فى الشوارع.

وتابع: "الكل مصاب بصدمة شديدة، الكل يشعر بأنه كابوس البعض لا يصدق بأن ما حدث قد حدث بالفعل، فالجميع فقد جزء من عائلاتهم وعائلات بالكامل انتهت تحت الأنقاض هذه المعضلة الكبرى التى يعيشها كل أهل غزة، بجانب عدم الإحساس بالأمان فالكل يعلم انها مجرد وقت والموت سيصل للجميع إن لم يكن من القصف سيكون من الجوع وانتشار الأمراض.

وبالحدث عن المستشفيات قال عجرور، إن هناك مستشفيات تعمل الآن ولكن بطريقة بدائية جدا ولايوجد بينهم أى إمكانيات مثل مجمع ناصر الطبى ومستشفى الكويت برفح وهذه المستشفيات يصعب الوصول إليها بسبب عدم وجود وسائل مواصلات إلى جانب الأعداد الكبيرة بهذه المستشفيات وانتشار الأمراض بينهم بشكل كبير وعجز كبير فى المواد الطبية، أما عن شمال ومدنية غزة فهى تفتقر بشكل كامل إلى المستشفيات وفى حالات الإصابة هناك يقيم الناس بوضع المصاب على عربة يتم سحبها بحمار أو يسحب الأفراد الى مين بقوا على قيد الحياة من الأطباء والتمريض الذين يمارسون عملهم دون تعقيم وتخدير فى محاولة لإنقاذ أية روح بشرية والوضع كارثي.

ويكمل "جعرور" قائلا: "أنا كمصور صحفى منحدر من سكان منطقة المخابرات بشمال غزة اضطرارنا لنزحوا فى أول أيام الحرب بعد استهدف أبراج حى المخابرات ومنذ ذلك لم أر أهلى فهم نزحوا إلى الجنوب وأنا إلى مقر عملى بغزة لكن قصف وتم استشهاد ثلاثة من زملائى وأخواتى الذين لم نفترق منذ وقت طويل هم الصحفى سعيد الطويل وهشام نواجحه ومحمد صبح"، ثم اتجه الفريق الى مجمع الشفاء الطبى ومنه إلى مجمع ناصر والآن نهجر قسرا إلى رفح.

وحول استشهاد الزملاء الصحفيين، قال مراسل شبكة اليوم الإخبارى وشاهد عيان على واقعة استشهاد الزملاء الثلاثة الذين استشهدوا بعدما خداعهم ومن ثم استهدافهم بشكل متعمد، مشيرا إلى أن الزملاء الثلاثة أخلى برج حجى غربى غزة بعد تنبيه من الاحتلال بقصفه، ثم ابتعدوا متجهين إلى برج الغفرى على بُعد نحو ٤٠٠ أو ٥٠٠ مترا، وكانت المفاجأة قنص الاحتلال الزملاء الثلاثة عند عمارة بابل فى منتصف الطريق الواصل بين البرجين، أى الذى يبعد بعد نحو ٣٠٠ متر من البرج المقرر قصفه، بينما كانوا يهرعون فى محاولة لتنبيه الناس للابتعاد عن المكان ومساعدتهم فى الخروج حتى لا يطالهم القصف، لنتفاجأ جميعا دون سابق إنذار بأن الاحتلال أقدم على قصفهم بصاروخ دمر ٣ عمارات متلاصقة، وخلف أضرارا متفاوتة بها

زميلانا محمد صبح وسعيد الطويل قضيا وتحولا لأشلاء وهما ممسكين بكاميراتهم وربما كانا يحاولان توثيق القصف أو حالة الهلع فى صفوف المدنيين العزل بينما تفصلهم لحظات عنه، فالاحتلال يتعمد قصف الصحفيين باستمرار لطمس الحقيقة ولترهيبنا، لكن التغطية ستظل مستمرة حتى الموت.

واختتم الصحفى كلامه نشيد بالمجتمع الدولى والعالم العربى بالتحرك من أجل وقف الإبادة الجماعية لأهل غزة مضافا: "المشهد مؤلم جدا، نحتاج الى أكثر من مائة عام لنخرج من هذه الحرب التى دمرت كل شئ فى قطاع غزة فالاحتلال لم يفرق بين مسجد أو كناسية أو بين مسلم أو مسيحى فقد مسح الاحتلال مدينة غزة بالكامل بأهلها من على الخريطة، فمسجد العامرى الذى يبلغ عمره أكثر من 1400عام تم استهدافه ومسح هذا الأثر التاريخى والديني، الاحتلال يمارس حرب مهمة الأولى والأخيرة إبادة غزة وإنهاء القضية الفلسطينية ومسح تاريخ الشعوب.