قال الكاتب الكبير الراحل يعقوب الشاروني، رائد أدب الطفل، خلال حواره لـ "البوابة نيوز" قبل أسبوع من وفاته، إنه اكتشف قدرته غير المحدودة على الحوار مع الأطفال، وعلى قص الحكايات لهم، عندما كان يشغل منصب مديرًا لقصر ثقافة محافظة بنى سويف.
وأضاف "الشاروني" أن الأطفال هم الذين اختاروه ليكتب لهم، وقد نبهته هذه التجربة إلى موطن الموهبة الحقيقية لديه وهى الكتابة الأدبية للأطفال.
وكشف الكاتب الراحل عن رحلة التحول من رجل قانون إلى مسئول عن تشكيل وعي النشء، مشيرا إلى أنه عندما كان نائب بهيئة قضايا الدولة، ونتيجة حصوله على جائزة الدولة التى تسلمها من الرئيس عبد الناصر، ثم الجائزة الأولى لمؤسسة المسرح، طلب منه الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك أن يساهم فى تنمية العمل الثقافى فى أقاليم مصر.
وأكد رائد أدب الطفل أن الأنشطة المدرسية وسيلة حماية للأطفال من الأفكار غير المناسبة، موضحًا ان اهتمام المدرسة بإنشاء فرق المسرح والموسيقى والألعاب الرياضية، وجعل الرحلات جزءا رئيسيا من المنهج المدرسي، والتركيز على دور المكتبة المدرسية وربط ما بها من كتب بالمناهج الدراسية، هى من أولويات وسائل حماية أطفالنا ووضعهم على الطريق السليم والصحيح.
وأشار" الشاروني" الى أن هناك صحوة حقيقية فى العالم العربى للاهتمام بكتاب الطفل، وأحدث تجلياتها مشروع أبو ظبي ليكون عام 2016 هو "عام القراءة "، ليس على مستوى الإمارات فقط بل على مستوى العالم العربي كله، وتم توزيع خمسين مليون نسخة كتاب أطفال على أطفال وناشئي العالم العربي، مع عقد مؤتمرات، وإقامة فعاليات متعددة حول تنمية عادة القراءة عند الأطفال.
وأوضح "الشاروني" أن كل بلد عربي أنشأ منذ عدة سنوات جوائز متعددة ومهمة للإبداع فى مجال أدب الأطفال، وتقوم بعض هذه الجوائز بطبع الأعمال الفائزة أو ترجمتها إلى لغات أجنبية، كذلك توجد مشروعات كُبرى لترجمة أدب الأطفال الأجنبي إلى العربية، مثل المركز القومــى للترجمة فى مصر، وما يقوم به مشروع “ كلمة” للترجمة الذى تشرف عليه منذ عام 2008 هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث.
قال الكاتب الراحل، إن الكتب التي تبني الشعور بانتماء الطفل العربي إلى وطنه واعتزازه به ومعرفته وفخره بقادته وأبطاله، لا تزال أقل كثيرًا مما يجب، لافتًا أن السبب الحقيقي لهذه الظاهرة أن الناشرين لا يـقبـلون على نشر تلك الكتب، لأنها لا تنجح إلا فى بلد عربي معين دون بقية البلاد العربية.
وأضاف أن الناشر يبحث عن كتب موضوعاتها عامة بحيث يتعذر نسبتها إلى بلد عربى دون آخر، والناشر "معذور"، لأنه ينفق على الكتاب نفقات طائلة من ناحية الألوان ونوع الورق والتجليد، وإذا لم يستطع طبع الكتاب بكميات كبيرة فستصبح التكلفة غير اقتصادية، لذلك فهو بحاجة دائمة لكتب تكون مطلوبة ومقبولة فى سوق متسع، فى كافة البلاد العربية.
وعن حلول لأزمة قطاع النشر، أكد رائد أدب الطفل، أن تتبنى وزارات الثقافة فى الدول العربية تقديم مثل هذه الكتب لأبنائها، أو إنشاء دار نشر عربية مشتركة تقوم باختيار الموضوعات التي يكون عليها إقبال فى كل أنحاء الوطن العربي، وأيضًا للإشراف على أسلوب الصياغة الذي يجعل الكتاب مقبولا فى أنحاء الوطن العربي.
وأوضح أن الذي يتابع كتب الأطفال المتوافرة فى المكتبة العربية، يجد عددًا كبيرًا منها مترجما، أو يدور حول "حكايات شعبية" لا تنتمي إلى بلد معين، أو كتبًا من التراث الذى هو ملك للأمة العربية كلها.
الجدير بالذكر ان الكاتب الكبير يعقوب الشاروني رحل عن عالمنا صباح اليوم الخميس 23 من فبراير 2023 بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز الـ92 عامًا.