الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قراءة حديثة لكتاب "زيارة جديدة للتاريخ"! "4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى المقال السابق توقفت عند مفاجأة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بأن  سبب تأخره عن موعد الملك هو حواره   مع رئيس وزراء اسبانيا آنذاك  "فيليب جونزاليس" فى قصر "مونكلوا" وهو المقر الرسمي لرئيس الوزراء  اى قبل موعده مع خوان كارلوس ملك اسبانيا بساعتين  وذكر بانه سأل "خوزيه" سائق السيارة التى استأجرها فى مدريد عن المسافة بين قصر "مونكلوا"-رئيس الوزراء - وقصر "زرزويلا" -الملك-ورد عليه بأنها خمس دقائق بالسيارة فقدر بانه يمكنه إجراء الحوار مع رئيس الوزراء أولا ثم يجرى الحوار مع الملك...

لكن حواره مع رئيس الوزراء طال اكثر مما قدر وقال انها كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها ب "فيليو" كما يناديه الاسبان بعد نجاحه كرئيس لوزراء وهو من زعماء  الاشتراكية الجدد الذين قلبوا الموازين  فى جنوب أوربا- آنذاك -فى  أول انتخابات حره فى اسبانيا...


وقال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل انه أجرى الحوار معه وتشعب  الحديث ونظر في ساعته ليطمئن على وقت موعده مع الملك  فكانت  الحادية عشرة والنصف اى هناك  وقت لكى يصل فى موعده المحدد   ولكنه فوجئ بان رئيس الوزراء يقول  له لقد سألتني وانا لم اسألك وسمعتني وأنا لم اسمعك وان لديه اسئلة كثير عما يجري في المنطقة   العربية وذكر بأنه تردد  لحظه قبل ان يجيب على رئيس الوزراء الإسباني وكان مبعث تردده هو عامل الوقت
وخوفه من ان يتأخر عن موعد الملك ثم تتابعت في لحظه خواطره بأن رئيس الوزراء يعرف بالطبع أن لديه موعدا مع الملك في الساعه الثانية عشرة وهو بالتاكيد سوف يجعله ينصرف من مكتبه في  وقت يسمح له بان يكون في مكتب الملك في موعده تماما لكن رئيس الوزراء لم يتركه ينصرف دون ان يجيب على أسئلته وكان هذا من -وجهة نظره- هو السبب الوحيد فى تأخره عن موعده...

ثم أكمل بانه  عندما وصل إلى باب قصر الملك أعتذر للجنرال "كامبو"رئيس سكرتاريه الملك عن هذا التأخير وبدأ يصف صعوده إلى مكتب  ملك اسبانيا "خوان كارلوس"...

 صعد سلم رخام مهيب إلى الدور الاول  ووصل إلى صالون الانتظار الملحق به ودخل   الجنرال  إلى مكتب الملك...

لم يفت الكاتب الكبير أن يصف لحظات انتظاره حيث قال أن هذه   اللحظات اتاحت له أن يلتقط فيها أنفاسه وأن يتغلب على قلق العجله وأن يرتب افكاره بكل ما يريد أن  يتحدث فيه مع الملك الوحيد الذي بقي له عرش من أسره "البوربون" التى  كانت ذات يوم أو كانت فروعها تجلس على نصف عروش اوروبا والان لم يبقى منهم الا ملك اسبانيا...!

ووصف ما شاهده بدقة...

اللون الازرق الليلي يملأ المكان وهو الغالب على كل أثاث الصالون...

الأزرق الليلي هو الأثير لدى البربون ومعه الأبيض وزهره الزئبق بماء الذهب، لكنه أضاف  بأن هناك لمسات  أخرى أحس بها وشعر فيها بتأثير الملكه "صوفيا" زوجة الملك...

توقفت أفكاره عن التداعى بعد ان أنفتح باب مكتب الملك وأطل الجنرال "كامبو" يدعوه إلى الدخول...

لفت نظر الكاتب الكبير عند دخوله مكتب الملك شيئان:

الأول: الملك خوان كارلوس أكثر شبابا مما قدر فهو قد  ظن أن عبء الحوادث أخذت منه ولكنه يبدو أن الحوادث أعطت له اكثر مما أخذت... حركه حادة النشاط وضحكة مجلجلة...

الثانى: رفوف المكتبة تغطي معظم الجدران فيما عاد نافذة واسعة تطل على الحديقه وتبدو  ورائها نافورة كبيرة من الرخام الأبيض ترتفع وتتساقط المياه  من حول تماثيلها... لكن رفوف المكتبه عليها قليل من الكتب بينما الجزء الأكبر منها مليء بنماذج متكررة لسفينة واحدة...

نماذج متفاوته الاحجام...

بعضها كبير وبعضها صغير...بعضها من الفضة وبعضها من الذهب...

السفينه معروفة 
و مشهورة في التاريخ...

هي نفسها "سانت ماريا" التي ركبها " كريستوفر كولومبوس  " وسافر عليها بمباركة اسبانية وتمويل اسباني فاكتشف العالم الجديد -امريكا...

تبادل مع الملك عبارات مجاملة وهي المداخل الطبيعية لأي حديث وقاده مشيرا إلى مقعد امام مكتبه واتخذ الملك مكانه وراء المكتب وكان أول حديث للاستاذ هيكل مع الملك هو:

لابد انه يعترف بانه متحمس لكل هذه النماذج للسفينة "سانت ماريا" هنا في مكتبه على الأقل يعرف زوار الملك من امريكا من هم أصحاب الفضل والاولى بالشكر وقاطعه الملك بضحكة مجلجلة قائلا بعدها:

 انت تتحدث عن ماض بعيد...لقد تغيرت الدنيا...!

"الأسبوع القادم  بِإِذْنِ الله أحدثك عن بقية حديث الكبير  محمد حسنين هيكل عن سفينه "سانت ماريا" التي ركبها 
" كريستوفر كولومبوس"
وسافر عليها بمباركة اسبانية   "