حالة من عدم اليقين تسيطر على أسواق النفط، منذ إطلاق عملية طوفان الأقصي في السابع من أكتوبر الجاري، وما تلاها من عدوان إسرائيلي على فلسطين وخاصة قطاع غزة، وقبل ساعات، وضع البنك الدولي ثلاثة سيناريوهات لأسعار النفط قياسا على مراحل تاريخية سابقة منها مثلما حدث في الحرب في ليبيا في 2011 وتراجع الإنتاج بنحو 500 ألف إلى 2 مليون برميل يوميا، وتوقع ارتفاع الأسعار لما بين 93 إلى 102 دولار للبرميل في الربع الرابع من العام المقبل، وما حدث في حرب العراق 2003 وخفض إمدادات النفط من 3 إلى 5 ملايين برميل يوميا، ووصول سعر البرميل بين 109 و121 دولارا، وأخيرا الحظر النفطي العربي في 1973 وتقليص إمدادات النفط العالمية بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يوميا متوقعا رفع الأسعار إلى 140 و157 دولارا للبرميل.
وفي كل الأحوال تؤدي التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة ويعيد ذلك سيناريوهات حرب أكتوبر ٧٣ وحروب العراق في التسعينيات وبداية الألفية الثالثة وتستعد أسواق النفط والغاز لأسابيع متقلبة من التداول خاصة مع بدء إسرائيل التوغل البري بغزة، وهو ما يفتح احتمالات توسع الصراع إقليميا وعالميا وكل احتمال له تداعيات في أسواق النفط وهذه السيناريوهات منها هل تتدخل أذرع إيران في المنطقة بالحرب أم تتدخل إيران بنفسها أم هناك دول أخرى تدخل في الصراع كروسيا والصين وغيرها كل ذلك سينعكس على مؤشر أسعار النفط وأسوأ هذه السيناريوهات قد يقفز بالأسعار لما يقرب من ٢٠٠ دولار للبرميل إذا تعطلت الإمدادات من الشرق الأوسط.
الحرب بين إسرائيل وغزة وسيناريوهاتها المفتوحة حتى الآن واحتمالية امتدادها تهدد سوق الغاز وترفع الأسعار وواصلت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في التعاملات الأوروبية ارتفاعها المتدرج منذ انطلاق عملية طوفان الأقصي في 7 أكتوبر الجاري لتصل اليوم الثلاثاء إلى أعلى مستوياتها منذ 4 أشهر في ظل المخاوف بشأن البنية التحتية لشبكات الغاز الأوروبية وتداعيات الحرب وارتفع سعر العقود الآجلة 12 % إلى أقل قليلا من 50 يورو لكل ميجاواط - ساعة، وهو أعلى مستوى له منذ منتصف يونيو الماضي، بعد ارتفاعه يوم أمس الاثنين بنسبة 15 % وقد طلبت إسرائيل من شركة شيفرون وقف الإنتاج من حقل تمارا بسبب المخاوف الأمنية بينما يستمر الإنتاج في حقل ليفياثان الإسرائيلي.
واستثمرت إسرائيل كثيرا خلال السنوات الماضية التنقيب عن الغاز بالأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مياه البحر المتوسط عبر منتدي غاز شرق المتوسط وعلي أمل ان تتحول الي مركز للغاز في المنطقة، من خلال تصدير غاز إلى مصر حيث تتم إسالته في محطتين للإسالة قبل إرساله إلى العملاء في أوروبا لكن تقليص إنتاج الغاز في إسرائيل بسبب الحرب وصواريخ المقاومة سيؤدي إلى تراجع المعروض العالمي وهو ما يؤثر علي أوروبا المتعطشة للغاز بعد فطمها من الغاز الروسي، وخاصة مع قدوم الشتاء .
ومنحت اسرائيل عبر وزارة الطاقة 12 رخصة لست شركات للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة ساحل البلاد على البحر المتوسط تضم إيني ودانا بتروليوم وريشيو بتروليوم بهدف خلق المزيد من المنافسة وتنويع الموردين، وتنفيذ أعمال تنقيب في منطقة غرب حقل ليفياثان الذي يوفر إمدادات الغاز لإسرائيل ويستخدم أيضا للتصدير كما أن مجموعة أخرى تتألف من بي.بي وسوكار ونيو ميد ستنقب شمالي حقل ليفياثان.
وخلال السنوات الماضية اكتشفت اسرائيل احتياطيات كبيرة من الغاز في الاراضي المحتلة وشرق البحر المتوسط ما عزز خطط تصدير الغاز إلى أوروبا، وتمتلك فلسطين المحتلة ثروات وموارد طبيعية بمليارات الدولارات تكفي احتياجاتها والتصدير للخارج لكن هيمنة إسرائيل على هذه الموارد ومنع استغلالها، يحرم الفلسطينيين من عائداتها والانتفاع بها.
وحسب بيانات حكومية مصرية فإن واردات مصر من الغاز الطبيعي انخفضت إلى الصفر، من 800 مليون قدم مكعب يوميا، وكانت شركة "شيفرون" أغلقت هذا الشهر حقل غاز تمار الإسرائيلي بعد اندلاع الحرب وعلقت الصادرات عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يمتد من عسقلان في جنوب إسرائيل إلى مصر، مشيرا الي اعتماد الأردن بشكل شبه كامل على الغاز الإسرائيلي وعليه البحث ن بديل في حال توقفه، كما أنه علي الأردن ومصر البحث عن مصادر جديدة، وخاصة الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين، والمياه .
منتدى غاز شرق المتوسط الذي يتخذ من مصر مقرا له، يضم أيضا السلطة الفلسطينية وإسرائيل واليونان وإيطاليا والأردن وقبرص وتكثف شركات النفط الأميركية مساعيها لزيادة الإنتاج في الولايات المتحدة، في الوقت الذي تتعاظم المخاوف من اتساع رقعة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وزيادة التوترات الجيوسياسية، التي دفعت البنك الدولي إلى التحذير في تقرير، أمس الاثنين، من ارتفاع كبير لأسعار الخام في سيناريو شبيه بعام 1973.