مع حلول الذكرى الخمسين لذكري نصر حرب 6 أكتوبر، لا تزال وسائل الإعلام والتلفزيون في إسرائيل تسميها الحلقة الأكثر صدمة في تاريخ البلاد، بحسب ما ذكرت صحيفة "ذا نيو يوروبين" البريطانية.
وألقت الصحيفة الضوء علي بعض التفاصيل الهامة في هذه الحرب، بما في ذلك دور أوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي انذاك في الصراع، بالإضافة إلي قرب إشعال النزاع لفتيل الحرب العالمية الثالثة.
في 6 أكتوبر 1973، شنت القوات السورية والمصرية هجوما مشتركا، مما أدى إلى مفاجأة قوات الدفاع الإسرائيلية. وتقدمت القوات السورية عبر مرتفعات الجولان، وهي الأرض الاستراتيجية المرتفعة التي اتخذتها إسرائيل خلال حرب 1967. وعبرت القوات المصرية قناة السويس في قوارب تسحب الجسور معهم حيث دمرت خراطيم المياه عالية القوة الحواجز الرملية الدفاعية الإسرائيلية، مما سمح للكتائب المدرعة بالتدفق واستعادة شبه جزيرة سيناء، التي فقدت في عام 1967.
وبعد صراع شهد وجود الضغط والجذب الدولي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تمت استعادة الأراضي التي كانت إسرائيل تسيطر عليها في بداية الحرب.
وفي بداية الحرب، تلقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي طلبات دعم من حلفائهما. على جبهة الجولان، حصلت القوات السورية على دعم مباشر من العسكريين السوفييت، وتشير التقديرات إلى مقتل حوالي 20 في القتال.
وكان الأمريكيون مترددين في البداية في مساعدة إسرائيل. ثم، خلال ليلة 8-9 أكتوبر وبعد أن أخبر وزير الدفاع الإسرائيلي انذاك موشيه ديان، رئيسة الوزراء الإسرائيلية انذاك جولدا مائير، أن إسرائيل تواجه الهزيمة، أذنت مائير بتجميع 13 سلاحا نوويا تكتيكيا. تم إعداد هذه الأسلحة بشكل علني، كإشارة إلى الولايات المتحدة.
وتم إطلاع وزير الخارجية الأمريكي انذاك هنري كيسنجر، صباح يوم 9 أكتوبر، وأقنع الرئيس الأمريكي انذاك ريتشارد نيكسون بأن يأمر بنقل جوي أمريكي إلى إسرائيل. ويزعم أن كيسنجر أخبر الرئيس المصري انذاك أنور السادات، أنه تمت الموافقة على الجسر الجوي لأن الإسرائيليين كانوا على وشك اللجوء إلي السلاح النووي.
وبينما انضمت ألمانيا الشرقية انذاك بدعم سوريا، لم تتمكن الولايات المتحدة من التأثير على حلفائها الأوروبيين لمساعدة إسرائيل. ووفقا للمؤرخ إريك هوبسباوم، كانت أوروبا مهتمة بإمداداتها النفطية أكثر من اهتمامها بدعم الولايات المتحدة. ورفضت الدول الأوروبية حتى السماح للطائرات الأمريكية التي تحمل إمدادات لإسرائيل بالتزود بالوقود في قواعدها الخاصة.
وردا على التدخل الأمريكي، قطعت الدول العربية إمدادات النفط وهددت بالحظر، مما أدى إلى أزمة الطاقة عام 1973. وبذلك اكتشفت الدول العربية قدرتها على التحكم بأسعار النفط. ولاحظت الحكومات في جميع أنحاء العالم أيضا أنه لا يوجد شيء يمكن للولايات المتحدة فعله لوقفها.
ومع تصاعد الصراع هدد الاتحاد السوفيتي بدعم مصر نوويا في مواجهة الاستعدادات النووية الإسرائيلية. وساهم ذلك في قرار واشنطن رفع الوضع العسكري لأمريكا ليلة 24-25 أكتوبر إلى "ديفكون ثلاثة"، وهو أعلى مستوى منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وفي 24 أكتوبر، بينما كان السادات يناشد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي للإشراف على وقف إطلاق النار كجزء من قرار مجلس الأمن رقم 339 الذي صدر في اليوم السابق، أرسل الرئيس السوفيتي انذاك ليونيد بريجنيف، رسالة إلى نيكسون يشدد فيها على الحاجة إلى دفع إسرائيل إلى احترام وقف إطلاق النار ويقترح أن الفشل في القيام بذلك سيشهد تدخل السوفييت للقتال إلى جانب مصر.
وفي 28 أكتوبر اجتمع القادة العسكريون الإسرائيليون والمصريون في سيناء لأول مرة منذ 25 عاما لتنفيذ وقف إطلاق النار.
وعندما تم التوصل إلى وقف إطلاق النار، كان هناك القليل من الفرح في إسرائيل. كان الفشل في توقع الهجوم أكبر فشل في التاريخ الإسرائيلي. وألقى أحد المحللين باللوم على "الغطرسة وعدم فهم المعلومات الاستخباراتية الوفيرة وتجاهل العدو" من جانب إسرائيل من ضمن أسباب الهزيمة.
ومهدت نهاية الحرب الطريق إلى اتفاقات كامب ديفيد، التي وقعها السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد انذاك مناحم بيجن، والتي شهدت عودة سيناء إلى مصر، وأدت بدورها إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. وتقاسم السادات وبيجن جائزة نوبل للسلام لعام 1978.
وبعد الحرب، أدركت إسرائيل أنه لا يوجد ضمان بأنها ستهيمن على الدول العربية عسكريا. وفتح هذا طرقا للمفاوضات، لكنه أدى أيضا إلى توسيع الانقسامات في السياسة الداخلية الإسرائيلية.
ودفعت الحرب السياسة الإسرائيلية إلى اليمين، وفي الوقت نفسه شهدت بداية ظهور اليسار أولئك الذين يدافعون عن مبادرات السلام. ولكن كان هناك إرث أعمق، إن عدم توقع الحرب، والاستخفاف بالعدو، أضر بالنفسية الإسرائيلية وحطم أسطورتها بأنها لا تقهر.
وحددت إسرائيل الدائرة الداخلية الضيقة لجولدا مائير وقرب ضباط المخابرات العسكرية من السياسيين في تلك الدائرة كنقاط ضعف رئيسية. ووصف المؤرخ العسكري جون هيوز ويلسون الوضع بأنه "مثال كلاسيكي على الخلط بين التطلعات السياسية والحقائق الثابتة".