الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السكان والصحة والتنمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم الثلاثاء الموافق ٥ سبتمبر، مؤتمر وزارة الصحة والسكان تحت عنوان: "السكان والصحة والتنمية". أهمية هذا المؤتمر أنه لأول مرة يتم ربط ملف الزيادة السكانية بالصحة والتنمية المستدامة.
كانت القاهرة قد استضافت مؤتمر الأمم المتحدة للسكان سنة ١٩٩٤، وكان تعداد السكان فى مصر وقتها ٦٠ مليونًا. اليوم، وبعد أقل من ٣٠ سنة من المؤتمر الأول، أصبح تعداد السكان ١٠٥ ملايين، بزيادة بلغت أكثر من ٤٥ مليونا، وهو من أعلى معدلات الزيادة السكانية فى العالم. ملف الزيادة السكانية، ملف معقد ومتشابك، حيث تتداخل فيه عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية ودينية. وبصفة عامة، فإن معدل الزيادة فى السكان يتناسب عكسيًا مع معدلات النمو الاقتصادى والتعليم وتمكين المرأة فى المجتمع. المشكلة فى الزيادة السكانية أنها تلتهم كل مقومات التنمية ورفاهية الحياة. فإذا كان معدل الزيادة السكانية ٢.٥٪ فإن معدل التنمية لابد أن يكون أكثر بثلاثة أضعاف (أى ٧.٥٪) للحفاظ على نفس معدلات الرفاهية، بما فيها الإنفاق على التعليم والصحة وجودة الحياة. ومع الأخذ فى الاعتبار بأن ضبط ملف زيادة السكن هو مسؤولية الجميع، وليس مسؤولية وزارة أو حتى حكومة بكاملها، إلا أن السؤال الأهم هو: لماذا لم تحقق مصر نجاحًا فى مجال ضبط الزيادة السكانية رغم نجاح بلدان أخرى بدأت معنا فى منتصف ستينيات القرن الماضي، مثل إندونسيا وماليزيا وإيران وتونس وغيرها؟.
التجربة الناجحة فى إندونيسيا وماليزيا كانت ترتكز على توفير وإتاحة وسائل تنظيم الأسرة فى كل مكان. وكان لزامًا القيام بحملة توعية شملت رجال الدين. واجتمع مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، مع رجال الدين وقال بلغة واضحة "انشروا بين الناس أن تنظيم الاسرة من صحيح الدين، وأن العمل عبادة، وأن جودة الحياة مشاركة بين الناس والحكومة".
أما تجربة إيران، فقد أضافت إلى ذلك أن أتاحت كل طرق تنظيم الأسرة، خاصةً الطرق طويلة الأجل مثل الحقن والكبسولات، والطرق الدائمة مثل تعقيم الرجال والإناث. أما تونس الشقيقة، فقد تبنت سياسة التواصل المباشر مع الشباب، خاصة المقبلين على الزواج. استغلت تونس مراكز الشباب المنتشرة فى كل قرية ومدينة، وقامت بتدريب كوادر من نفس المنطقة الجغرافية وسهلت لهم كل وسائل التواصل المباشر مع الشباب من الجنسين.
أعتقد أن مصر يمكنها أن تتبنى سياسات قادرة على ضبط معدل الزيادة السكانية، شرط إعطاء ملف السكان الاهتمام والدعم الذى يستحقه. يجب أن نستفيد من تجاربنا السابقة، ومن تجارب الدول الأخرى، وهى إتاحة وسائل تنظيم الأسرة فى كل مكان، والاستعانة برجال الدين والمجتمع المدنى فى توضيح مزايا تنظيم الأسرة والتواصل المباشر مع المواطنين بحملات مكثفة تضم أشخاصًا تتوفر لديهم القدرة على التواصل والإقناع والمصداقية.
*رئيس جامعة حورس