الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ديفيد سفوركادا يكتب: فرنسا.. والأمن الداخلى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اليوم، وعلى مشهد من الجميع، أصبحت العديد من المدن الفرنسية مناطق تتمتع بجميع الحقوق حيث تسيطر عليها عصابات من المنحرفين الأكثر أو الأقل أهمية وخليط من «رجال العصابات» الحقيقيين وأطفال فقراء بلا معالم. ونجد أيضا حاملى لواء الإسلام السياسى والسلفيين والإخوان على اتصال وثيق مع حثالة الاتجار بجميع أنواعه. هذا الخليط المتفجر من شأنه أن يؤدى إلى كل أعمال العنف، إلى كل الاعتداءات، إلى كل «الانفصالية».
فى أغسطس ٢٠٢٣، تشهد منظقة نيم وفاة الطفل الصغير فايد، وهو طفل يبلغ من العمر عشر سنوات سقط أثناء تبادل إطلاق النار بين تجار المخدرات. وبعد خمسة أيام من هذه المأساة فى منطقة بيسيفين التى ينتمى إليها هذا الطفل قام حوالى أربعين شخصًا بمسيرة بيضاء تكريمًا له. إن مقتل هذا الطفل واللامبالاة التى أحاطت به فى حيه بل وفى كل الأحياء أيضًا أصبحت قطرة دم جعلت مزهرية الغضب تفيض..  على رئيس الجمهورية ووزير الداخلية أن يكفا عن تخديرنا بعباراتهما الصغيرة ويتعين علينا أن نتخلص من الخوف من «ماذا سيقول الناس» أو عبارة «مهما كان الثمن» الشهيرة العزيزة على إيمانويل ماكرون.
ومهما كانت التكلفة فلا بد من استرداد الأراضى المفقودة من الجمهورية. ذلك الاسترداد الذى يجب أن تكون مرحلته الأولى هى استعادة النظام من خلال القضاء على جميع مثيرى الشغب والمتواطئين معهم. وللقيام بذلك يجب ألا نخاف من تأمل تاريخنا واستلهام نجاحاته. ففى حالة حرب إما القتال بقوة وإلا فمن الأفضل أن تستسلم على الفور. ينبغى أن تكون «معركة الجزائر» نموذجًا لنا سواء فى الطريقة التى تمت  بها أو فى نتيجتها.. [مع نهاية عام ١٩٥٦ كانت الحرب الأهلية فى الجزائر والتى استمرت مدة عامين قد أثرت على البلاد وتدهور الوضع الأمنى تماما فى الجزائر العاصمة إذ تزايدت الهجمات مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. فى مواجهة هذا التدهور وجدت الحكومة نفسها مرهقة والشرطة عاجزة عن استخدام أدواتها المعتادة مما استلزم استدعاء الجيش وفرقة المظلات العاشرة على وجه الدقة فى محاولة لاستعادة الأمن والعمل على استعادة الثقة فى أنحاء البلاد. وفى أقل من عام تم استعادة الوضع وأصبح النظام أكثر فاعلية. أثار هذا الإجراء بالأمس واليوم جدلًا خاصةً فيما يتعلق ببعض الأساليب المستخدمة والمستهجنة عبر استخدام التعذيب لكنه فى المجمل لا يؤدى إلا إلى صدمة أنصار مبدأ عدم التدخل].
ويجب إعلان حالة الطوارئ ومنح السلطات صلاحيات لاتخاذ كل الإجراءات الاستثنائية لاستعادة النظام وحماية الأشخاص والممتلكات والحفاظ على الأراضى. نشر القوات لتأمين المناطق المحددة مما يسمح بالعمل فى فرق (شرطة الجمارك والقضاء) مما يسمح بإجراء عمليات التفتيش والاحتجاز لدى الشرطة والمصادرة والاعتقال والطرد من البلاد. إنها مسألة العمل ضد كل أولئك الذين يشاركون، قريبين أو بعيدين، فى كل أنواع الاتجار غير المشروع و/أو نشر الإسلام السياسى. ويجب أن يعاقب المتورطون بأشد العقوبات بالإضافة إلى مصادرة جميع الممتلكات التى لا يصعب تتبع مصدرها. أما عن الأجانب فيتم طردهم بعد مصادرة جميع ممتلكاتهم الموجودة على الأراضى. كما يجب أن يتحمل الأطفال والمراهقون تدريجيًا مسئوليات تتناسب مع أعمارهم. وتعليمهم الطريقة الصحيحة للوصول بهم إلى النضج الحقيقى. ولذلك فهم مسئولون عن أفعالهم. ومن ثم، وكما هو منصوص عليه على وجه الخصوص فى المادة ١٢٤٢ من القانون المدنى فى الفقرة ٤ منها: «يتحمل الأب والأم، بقدر ما يمارسان السلطة الأبوية، مسئولية مشتركة وفردية عن الضرر الذى يلحقه أطفالهما القصر الذين يعيشون معهم». ولهذا السبب قد يخضع الوالدان أيضًا لإجراء طرد نهائى فى حالة ارتكاب القاصر الأجنبى جريمة  على أراضى الجمهورية.
أخيرًا، وكما هو الحال  فى إنجلترا فيما يتعلق بإجراءات الطرد يجب على فرنسا أن تعمل على أن يشمل قرار الطرد أفراد الأسرة الذين يعتمدون ماليًا على الجانى الأجنبى.
يتردد فى أذنى أصوات «النفوس الطيبة» أو «الأرواح الضعيفة» تصرخ ضد هذه الإجراءات، لكنهم أنفسهم الذين يجبروننا على اتخاذ مثل هذه الإجراءات بعد أن أصبحوا غير قادرين على مواجهة تفكيك التراب الوطنى.. سيأتى وقت يتعين عليك فيه اتخاذ إجراء.. وسيأتى وقت يجب ألا ترتعش أيدى صانع القرار «مهما كان الثمن» الذى يسبق إعادة إعمار هذه الأمة الذى تحدث إلينا عنه رينان.

معلومات عن الكاتب: 
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول قضية خروج مناطق عديدة فى فرنسا من تحت سيطرة الدولة وتنامى دور رجال العصابات وتغلغل الإخوان فى تلك المدن.