السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

آل البيت مواقف ودروس وعبر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في كل ليلة كعادتي وقبل أن اخلد إلى النوم لابد وأن أقرأ في أي كتاب تقع عليه عيناي وإن كنت اعترف انني لست من هواة ترتيب القراءة بل قد آخذ من كل كتاب بعض فصوله وقد اقرأ متنقلًا في أكثر من كتاب في غضون ساعة أو أكثر قليلًا.


ورغم أنني لدي حجرة مخصصة كمكتبة متواضعة إلا أن حجرة نومي لا تخلو من الكتب المتناثرة هنا وهناك رغم أن هذا قد يسبب بعض الضيق والعناء لأسرتي ولكنها طبيعة جبلت عليها فطرتي لا باختياري وحيلتي!


ليلة أمس وجدتني أتصفح في كتاب«نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار» للشبلنجي..
كتاب فيه روائح الماضي الجميل فأكاد أن اشم من بين سطوره جميل عبق الايام الخوالي،ها وقد أخذت ألوان صفحاته اللون الأصفر نتيجة لعوامل الزمن ولقدم طباعته الرصينة.


هذه الكتب العملاقة التي احرص على اقتنائها من على أرصفة باعة الكتب بالفجالة بقاهرة المعز لدين الله الفاطمي أو بشارع النبي دانيال الشهير بالكتب القديمة بالاسكندريه  .


ومع ارتشافي لكوب قهوتي البرازيلية المفضلة وجدتني أطالع هذا الأثر العظيم وكأني لأول مرة اقرأه واسمعه رغم يقيني بمروره على ذاكرتي في قديم الزمان!


بعد انتقال السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها إلى الرفيق الأعلى تزوَّج الإمام علي كرم الله وجهه من السيدة خَولة بنت جعفر بن قيْس الحنفيَّة.


فولدَت له مولودًا سمَّاهُ: محمَّدًا، وكنَّاه بأبي القاسم فعُرِف في التاريخ فيما بعد بِمُحمَّد بن الحنفيَّة تفريقًا له عن أخَويْه الحسن والحسين ابني السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين 
ولقد قيل له ذات مرَّة: (ما لأبيكَ يُقْحِمُك في المهالك،ويولجُكَ في المضايِق ويقدمك في المعارك دون أخوَيْك الحسَن والحسين؟ - فقال: ذلك لأنَّ أخويَّ ينزلان من أبي منزلة عيْنيه، وأنا أنزل منه منزلة يديه،فهو يقِي عيْنيْه بيدَيه)!
«الله اكبر»هكذا وجدتني اهتف في طيات سري وفي اعماق قلبي وبكل جناني وروحي منتشيا من هذا الخلق النبوي الشريف وكأن مقياس الزمان تلاشى وكأن عجلة الزمن توقفت وكأني بالفعل أشاهد هذا المشهد الإنساني الكبير الذي علا مرتفعًا عن عوامل البشرية فرد على الواشي ردًا خيب ظنه ومسعاه وبكل أريحية وأدب جم.
ليت شعري فلست أدري من اي طينة خلق هؤلاء القوم الطاهرين؟وكيف سمت أرواحهم كل هذا السمو والارتفاع فوق المادة؟
ألكونهم كانوا قريبي العهد من عصر النبوة؟
أم لكونهم سادة مختارون لهذا الطهر الأبدي؟
أم لكونهم آل البيت الذين لا يقاس بهم من الناس أحد؟
إنه بالفعل درسًا عمليا جادت به قريحة آل بيت النبوة لتعلم الناس تعليما حقيقيا بدروس وعبر وعظات مستفادة ومبادئ لا تتجزأ لتظل خالده في فكر الصفوة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
حاول هذا الساعي بالوشاية والوقيعة بين الناس أن يوقع بين محمد بن الحنفية وأبيه الإمام علي واخويه الحسن والحسين سلام الله عليهم لكن محمدًا كان فطنا ذا بصيرة ربانية لا تنزله منازل الصغار كيف لا وقد شرب الحكمة من أبيه الإمام علي ولي المؤمنين وباب مدينة العلم النبوية ومفتي الصحابة رضوان الله عليهم في المعضلات حتى قال سيدنا عمر بن الخطاب:'لولا علي لهلك عمر".
وعبر تاريخ الوجود الكبير الخير والشر يتصارعان....
فطرة كونية،وحكمة وجودية، ومشيئة إلهية أن الخير ينتصر في نهاية المطاف.
ولا شك أن من أجنحة الشر في كل زمان ومكان"أهل الوشاية"ممن ينزلون العداوة والبغضاء بين الناس.
والوشايه خلق ذميم وسلوك مشين وصفحات التاريخ مليئه بأمثال هؤلاء اللقطاء من الآكلين على كل الموائد وهم بذلك أصحاب الخلق السيء والنفوس المريضة كيف لا وقد اوقعوا بالفعل بين الناس واقاموا بينهم الحروب المشتعله جراء كلمه تقولوا بها أو نقلوها...
فكم قطعت جراء وشايتهم من أرحام وكم أريقت دماء طاهرة وبريئة وكم شردت أسر وتناحرت أمم وقبائل وتفرقت شعوب ومجتمعات بعد تماسكها ووحدتها....!
واذا كانت كلمه الوشاية قد اشتقت لغويا"من وشى الإنسان الثوب أي حلاه وطرزه"فإن الواشي بين الناس يستخدم أدواته من تحلية الكلام وتطريزه ما يساعده من أجل الوصول إلى هدفه في إحداث الوقيعه بين الناس!
وقديما قالوا:_
ومن يطع الواشين لا يتركوا له صديقًا وإن كان الحبيب المقربا.
ولخطورة هذا الداء اللعين على الأمة كان نداء جناب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
بل ومن قبل ذلك ذم الله سبحانه وتعالى من يسعى بالوقيعة بين الناس بوصفه أنه:{هماز مشاء بنميم}  .
وإن كانت هذه الآية نزلت في أحد المشركين الوليد بن المغيرة، أو الأخنس بن شريق، إلا أن فيها تحذيرًا للمسلم من موافقة من اتصف ببعض هذه الصفات الذميمة لما فيها من عدوان على المجتمع وتهديد سلمه وتماسكه الداخلي والخارجي.
من اجل ذلك حارب الاسلام الوشاية والنميمة حفاظا على الكليات الخمس للانسان:« الدين والنفس والعقل والمال والنسب واضاف آخرين لها العرض»  .
التي اتفقت الأديان السماوية وأصحاب العقول السليمة على احترامها وصيانتها...
وقد أجمع أنبياء الله تعالى ورسله من عهد أبينا آدم عليه السلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على وجوب حفظها
ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بمجموعة من التشريعات تصون هذه الضروريات وتحميها  .