السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الروائي مصطفى البلكي في حوار للبوابة نيوز: لدينا كتاب لا تقل موهبتهم عن كتاب العالم.. تحيا داخلي شخوص رواياتي فلا أشعر بالوحدة

الروائي مصطفى البلكي
الروائي مصطفى البلكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في روايته الأخيرة "واد جدة" يحكي عن رجل عاش بين ثورتين، عاش الحياة، واكتوى بنار أحداثها، وطوال رحلته يقاتل من أجل الحلم، ليعرف من يكون في أيام طفولته، ومراهقته، وليبحث عن النجاة في الحب في شبابه، الحب الذي ملكه من خلال صوت وصله.

 فوضع شروطه الخاصة التي من خلالها عليه أن يعثر عليه، وينسى مفردة الزمن التي تغير كل شيء، ولا تجعل الثبات صفة دائمة وملاصقة للبشر، وخلال تلك الرحلة وأثناء طقوس العبور إلى مرحلة المخاض التي واكبت تحولات المجتمع في ظل الحرب والانفتاح الاقتصادي، يفقد الطريق، ليعود ويلتقي به في ظل تحول مهم وهو ثورة يناير 2011، فيكون الطرف الآخر في الضفة الأخرى بعد أن عثر على صاحبة الصوت، يجدها بلا ذاكرة، فيعيش الفقد في صورته الموجعة. 

في حواره لـ"البوابة نيوز" تحدث الروائي مصطفى البلكي عن مفهوم الواقع وعن أهمية الترجمة وأشياء أخرى.. وإلى نص الحوار:ــ

 

كيف تختار أفكار نصوصك؟ 

أنا شخص مستعد دائما بأن أكون رفيقا للكثيرين من الشخصيات التي تعبر حياتي، أحيانا يعيش الشخص داخلي من خلال نظرة، أو جملة تحمل فلسفة ما، وأحيانا بموقف، وهذه الشخصيات تتحرك معي، أجدها حولي في أي مكان أكون فيه، عدد قليل منهم يختارون البقاء، فيطورون أنفسهم من خلال النمو، وهذا هو التطور الحقيقي القادر على خلق حياة، وفي اللحظة التي يمد فيها الطيف جذوره في تربة صالحة للبقاء، يصعب عليّ طرده، وأدرك أنه يريدني أن أبحث حوله، وحتى لا أخذل الرؤية، لا أتركه وحيدا، ولا أترك الوحدة تأكله، فالناس هم المكان المناسب للنمو الطبيعي، خلاف الوضع الاستثناء الذي أكون أنا فيه حينما تملكني الشخصية، وتسيطر على تفكيري، فأنا في تلك الأيام لا أشعر بالوحدة، ولا بالملل من جراء البقاء لساعات وأنا أراقب الشخصية التي راحت تنسج عالمها بهدوء أمام عيني، هذه الوحدة تتحول لبراح فرح وسعادة، لأنني أذهب بكل قوتي مع هذا الطيف. 

 

 أفهم من هذا أن كل أعمالك تبدأ من الواقع؟

 نعم، من غير الواقع لن تكون هناك حياة، هي نقطة الانطلاق الأولى لبناء العالم الثالث الذي يسعى كل كاتب إلى تشييده.

ـ وما هو العالم الثالث؟ العالم الذي ينتج من امتزاج الخيال والواقع، لنذهب إلى حياة نريدها أو نحلم بها. 

ـ في الرواية يبدو الحب هو المهزوم الوحيد؟ 

الحب طبيعته أن يكون عميقا، وأحيانا يملك قوة تدميرية هائلة، حينما يقف المحب على ضفة واحدة، فاكتماله يحتاج لضفتين، بينما الضفة الواحدة تخلق كيانا مهزوما، لا يكترث به الوقت. "وواد جده" نشأ في زمن تغيرت فيه كل الثوابت تحت ضغط فعل ثوري قلب الحياة، وحينما وجد الحب في هذا الظرف التاريخي، لم يذهب بكليته إلى السؤال المهم، ماذا يحتاج من الطرف الآخر؟ هذا السؤال لم يوجد لا لدى الخياط (واد جده) ولا لدى راجية، كل واحد منهما أنكر وجود الآخر حينما لم يحقق الشرط الذي وضعه، هنا لا يمكن للحب أن يعيش، فالحب المشروط لا وجود له، يموت أو يتم تجميده عند تلك اللحظة.

ـ قلت في رواية ( البهيجي) ..الحب والألم هما مصدرا الحكمة، هل ما زالت تلك المقولة مستمرة معك في واد وجده، خصوصا من خلال تلك العلاقات الثنائية، بين، واد جده وراجية، والشواف وهمت؟ 

هذه المقولة صالحة لكل زمان ومكان، والحب لا يغادر المفردتين، ربما بينهما مسافة بينية، تكون فيها حالة التوافق، أصلح للبقاء، وهذه المسافة تتعلق بدرجة فهمه للحب، ودرجة معايشته له، والألم يولد من نظرة كل واحد منهما لتلك المسافة، ووجود أي خلل بين معادلة الأخذ والعطاء، تفشل الحب أحيانا، وهناك أمر آخر، يغفل عنه الطرفان وهو فعل الزمن، ينسى كل واحد منهما هذا الفعل المهم الذي يحدد المسار، وهذا التناسي هو الذي حدث بين واد جده وراجية. 

ـ في واد جده، اقتربت بدرجة ما من التاريخ، وتلك الطريقة استعملتها في أعمال أخرى لك، كسيرة الناطوري، وبيت العدة والكرباج، خلاف أعمالك المصبوغة بصبغة تاريخية واضحة كطقوق من مسد، ونفيسة البيضا، والبهيجي، هل هذه الطريقة تعد طقسا من طقوس الكتابة لديك؟ 

الأمر مع واد جده جاء طبيعيا، بدأ رحلته من خلال حدث تاريخي، فهو ابن شرعي لهذا الوضع التاريخي، وامتدت تأثيراته على حياته، فكان كسفينة في بحر متلاطم، تارة يقترب من النجاة، فتأخذه السياسة بعيدا، وتارة يجد نفسه عل الشاطئ فيجد نفسه في المتاهة بفعل سياسي ما. ربما طقوس الكتابة لدي مختلفة، فهي تخضع للكتابة نفسها، ولطريقة البحث التي أقوم بها، أؤمن بأنه لا اجبار في الكتابة، وحدها هي التي تختار وقتها، في اللحظة التي يريد فيها العالم الثالث الذي تحدثت عنه أنه يوجد، لا يعنيني المكان ولا الزمان، دائما أحمل دفتري وقلمي، أكتب في أي مكان وتحت أي ظرف، وكل هذا ينبع من حقيقة أنني لا أملك رفاهية الوقت.

ـ هذه القضايا تم مناقشتها في أعمال أدبية كثيرة، عربية وعالمية، ومن خلال تجربتك في السرد القصصي والروائي، أين نجن كعرب من الأدب العالمي؟ 

كل أدب ينتج في أي بقعة من العالم، هو في المقام الأول جزء من فكر العالم، وكما قلت الأفكار واحدة، هذا صحيح، لكن التباين في زاوية الرؤية والتي تختلف من مكان لمكان، ومن أديب لأديب هي التي تحدد مكانتنا، وخصوصا تلك النظرة التي توجد عالما محليا بأفكار كونية، مفهومة وقادرة على الحياة لدى الأمم الأخرى. وما دمنا من أصل واحد، فمن المفيد أن نختلف في درجة الرؤية، لكل واحد رؤيته من واقعه المعاش، تحمل تميزه، فيمكنك أن تلمس الأفكار الكونية، من خلال رائحة ومذاق وملمس يرتبط بحياة وببيئة الكاتب متى اجتمع فكره مع صدق الكتابة. 

ـ وكيف تقيم أدبنا العربي المعاصر؟ 

لدينا كتاب لا تقل موهبتهم عن كتاب العالم، فنحن نعيش في جزء من الكوكب الأرضي أقل حدث يحدث فيه يؤثر على العالم، وربما نحن في حاجة لترجمة تهتم بنقل الكتابة التي تعبر عنا بعيدا عن أي علاقات شخصية، وهذا الأمر هو القادر على نقل ما لدينا من أدب، حركة الترجمة نشيطة في الجانب الآخر، نقل أدب الشعوب الأخرى، أما أدبنا فمتروك للعلاقات والصداقات، وهذا الأمر لا ينقل الصورة الصحيحة لمنتج كبير وضخم.