من الآثار الجانبية والخطيرة لشبكات التباعد الاجتماعي، أن اختلط الحابل بالنابل.. الكل علي السطح والبعض يهرتل ويفتكس ويكذب ويجد طيبين مستقبلين ومهللين والنتيجة ضلال مبين، فقد جعلت منا شبكات التباعد ومعها اليوتيوب والتيك توك "مجتمع افتراضي سائل" تسيطر عليه السذاجة، فنجوم شبكات التباعد يهرتلون ولا يجدون أى فلتر للافتكاسات والتوقعات فأصبحنا نعيش في واقع عجيب والضحية الطيبون والهاربون من مشاكلهم إلى الفيسبوك وملحقاته ليجدوا من يحنو عليهم بكلمة معسولة أو منشن بقلب أحمر أو امتنان أو يبتسم الحظ ونلتقي على الخاص.. لا يشغلني ذلك، ولكن المزعج ما يبقي من على سطح المشهد الافتراضي من تجليات وافتكاسات نجوم الفيسبوك وتعرضهم لكل الأخبار والأحداث أحيانًا بسذاجة وشيفونية أراها خطرًا علي مجتمع ودولة يحاولان المرور من ظروف إقليمية وعالمية شديدة الخطورة والحساسية حروب واقتتال وأزمات مناخية واقتصادية.. والنتيجة قلة إنتاج القمح وسبل توصيله للدول المحتاجة ومعظمها في افريقيا ومع ذلك تجد نجوم شبكات التباعد يهرتلون ومعظمهم تضخم إحساسه بذاته من عدد اللايكات أو المتابعين ولا يدرك أن نجومية العالم الافتراضي هي نجومية وهمية فمن لم يجد أو تجد مكانًا لها في العالم الواقعي تحاول وتسهر الليالي وتجذب الساهرين ليلًا كي تمارس حلم التواجد الواقعي ويساعد على ذلك إنسحاب كثيرين من الكتاب والمفكرين الحقيقيين من المشهد الفضائي والباقي منهم باق بسبب ثقة متابعيه ومصداقية أقواله.
ماذا يحدث؟.. لقد أصبح الأمر خطيرًا وتوابعه في غير صالح المجتمع. لقد أصبح لدينا إعلام موازٍ ومؤثر في العالم الافتراضي وهذا ما يشغلني ويجعلني أعيش قلقًا منزعجًا فمن المتابعة وبحذر وجدت اختراقات من بقايا الكارهين لمصر يحاولون بخبث ودهاء ممجوج ويتسللون ويبثون سمومهم من خلال أى تعليق على حدث أو خبر فمثلًا حين يعود مطرب مصري وصوت أعرف قدره وتأتيه الفرصة ليغني في دولة شقيقة فيغني في حفل (كاسيت 90) بالسعودية ويغير بعض الكلمات في مجاملة وتحية للدولة التى يغنى بها فيستبدل كلمات عمار يااسكندرية من تتر مسلسل (زيزينيا) إلى عمار يا سعودية يا جميلة يامرية فتخرج بعض طحالب الفيسبوك وعواجيز الفرح وأبطال الهرى وتنهال علي الرجل بالاتهامات ويتسلل الخونة والهاربون وبقايا كتائب العار!.
ما هذا وكيف نتحول إلى هذا الإحساس بالضعف وماذا يحدث لمصر العريقة حين يغني مطرب مصري أغنية مصرية وفي السعودية الشقيقة يجامل شعبًا شقيقًا وهل ننسى العظيم سيد مكاوي في تونس حين استبدل يا صلاة الزين على عزيزة إلى يا صلاة الزين علي تونس.. لم يغضب المصريون وحين غنى فريد الأطرش سنه وسنتين وأنتِ يا مصر يا نور العين لم يغضب أحد فى أية دولة عربية٠ وإنما الأن طحالب الفيسبوك والمندسون لزراعة الاختلاف والتلاسن بجهل وقلة وعي وسذاجة.
هل فعلًا أصبحنا بتلك الهشاشة وهل حين يغني حسين الجسمي الرائع أغانيه العاشقة لمصر وأقاليم مصر والصعيدي والبحيري والاسكندراني. هل هذا يغضب شعب الامارات الشقيق؟.. إنه اللا منطق واللا عقل واللا وعي، هل بتلك المهاترات الساذجة نخدم مصر ونحافظ على تلاحم الاشقاء ونغفل مواقف السعودية الشقيقة، وماذا فعل وزير خارجيتها الدبلوماسي المحنك الأمير سعود الفيصل وموقفه أمام العالم للدفاع عن مصر وثورة 30 يونيو ومقولة الشهيرة (العالم العربي بلا مصر كسفينة بلا قبطان).
نجوم الفيسبوك وأبطال تويتر. وجهابذة الوعي الذين أصبحوا فجأة كأنهم وزراء خارجية يعرفون كل الحقائق ويدعون الفهم.. رجاء الحذر واليقظة فأنتم تلعبون في مناطق شديدة الحساسية ووقت شديد الخطورة.. الأمة العربية في اشد الحاجة إلى ما يزيد من الترابط والتلاحم. وياسيدي الطيب إذا كانت كلمات أغنية تمتدح دوله شقيقة تؤثر على كبرياء مصر والمصريين فتلك مصيبة أخرى تحتاج إلى تدخل أساتذة علوم الاجتماع ونسترجع كلمة القدير جلال امين (ماذا حدث للمصريين)؟.
وقد أكون على صواب حين يتفتق ذهني أن السبب وبشكل كوميدي، هذا مجتمع أصبح يحتاج إلى التقليب بإستمرار ويسأل البعض ما حاجتنا إلى تلك الكلمات العامية التى يستخدمها فقط حمامة صبي القهوة حين يأتي بالمشاريب ويقلب الشاي باستمرار تذكرت المشهد واستدعيته لأننا في أشد الحاجة للتقليب حتى يختفي ويقلل من أعداد المتواجدين وبإستمرار علي سطح المشهد لشبكات التباعد ويأتي التقليب بالساده الكبار والحقيقيين إلى السطح وهم كثيرون في كل المجالات أراهم وأعرف معظمهم كتاب وصحفيين ونجوم ومخرجين ومفكرين وأصحاب بصر وبصيرة لكنهم قابعون في القاع ينتظرون التقليب ويشاهدون وأحيانًا يتحسرون ويتذكرون وقليلًا يلتقون وأراهم مندهشين حين يشاهدون ماذا حدث للمطرب صاحب الصوت العذب المصري الأصيل محمد الحلو حين قال عمار يا سعودية يا جميلة يا مرية هل وصل بنا الحال الي هذا العبث؟!
لقد أصبح التقليب وجوبيًا ومستحقًا في كل المشهد محتاجين عودة الكبار وليس عمرًا فقط ولكن الكبار وعيًا ومعرفة ومهنية لدينا إعلاميون يلازمون المنازل في استحياء ويشاهدون طحالب بلا مهنية تواجه الكاميرات ونجوم تمثيل لم تشاهد كاميرا ولا إضاءة منذ سنين وكبار المخرجين والكتاب البعض ترك الحياة والبعض قابع في منزله ومازال قادرًا على العطاء واذكركم مورجان فريمان يعمل ثم كلينت استوود وقد تجاوز التسعين يقوم بإخراج فيلم جديد وأيضًا الكبار روبرت دي نيرو آل باتشينو ثم انتوني هوكبنز والفرنسي العجوز چان جابان وفي الإخراج ريدلي سكوت كريستوفر نولان وأكير وساوا الياباني وأيضًا فرانسيس كاوبولا ومارتن سكورسيزي
هل لنا أن نكثر بالتقليب حتى نرى وجوهًا جديدة ونجد كثيرًا من كبار ونجوم واعية تتبادل ولو على فترات مع بعض الوجوه التي قد يراها البعض فرضت بالتكرار على الطيبين ومنهم الغير قادر علي حمل كلمة نجم بإستحقاق وبعضهم نجوم أصبحوا بلا مصداقية واحيانًا مفروضة عنوة!
أصبحنا أمام تجليات نجوم الشبكات ونجوم التيك توك لديهم مهارات تجاوزت حدود البحث عن ترند ومكسب مالي لقد تم استخدام البعض لزراعة الفتنة في المجتمع ونشر الاشاعات الخبيثة في وقت شديد الحساسية بل والخطورة، هل لنا أن نستفيق ونعيد النظر فيما يحدث حولنا؟.. حفظ الله مصر العريقة فهي تستحق.