السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

الجامع الأقمر.. صندوق حواديت ورموز مثيرة للجدل

جامع الأقمر
جامع الأقمر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مدار  السنوات، تعددت الروايات والأقوال التي أحاطت بالجامع الأقمر في شارع المعز لدين الله الفاطمي، ومع واجهته النادرة وصحبة تلك الأقاويل، أصبح للجامع رونقًا خاصًا حاز باهتمام الجميع عبر العصور.

وتعد أكثر الأقاويل انتشارًا عن الجامع الأقمر أنه مبني فوق دير قديم وهذه الدير كانت تحوي بئرًا يقال له بئر العظمة أو العظام، وانتشرت تلك المقولة بسبب رواية للمقريزي قال فيها إن الجامع الأقمر بُني في مكان أحد الأديرة التي كانت تسمى بئر العظمة، لأنها كانت تحوي عظام بعض شهداء المصريين المسيحيين الذين قُتلوا أثناء فترة الاضطهاد الرومانية، وزاد المقريزي أن الجامع تميز بتلك التسمية، «الأقمر» نظرًا إلى لون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر.

والحقيقة أن المتأمل لتلك الرواية يجد أن الشك يحيط بها قليلًا خاصة وأننا نعرف أن الجامع مبني داخل أسوار مدينة القاهرة الفاطمية، والتي كانت في الأصل عبارة عن سهلًا رمليًا لا أبنية فيه، وأن الجامع تم بناؤه عام 519 هـ بأمر الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، أي بعد بناء القاهرة بحوالي 160 عامًا، والجامع وشرع في بناءه وزيره محمد بن فاتك بن مختار بن حسن بن تمام المعروف تاريخيًا بـ أبو عبد الله المأمون بن البطائحي، والبطائحي نسبة إلى أصوله التي تنتمي إلى البطائح في العراق والواقعة بين البصرة والكوفة، وهو المكلف من الخليفة بالبناء، وكان في هذا المكان علافون ولم يترك البطائحي دكانًا أمام القصر، وحسب قول ابن ظهيرة أن هذا المكان كان عبارة عن صحراء يقال لها بئر العظمة أو العظام، فلما قدم جوهر الصقلبي بجيوشه أدخل هذا الدير في القصر، وجعل البئر التي كانت فيه مما ينتفع به في القصر.

وعن رواية المقريزي فيعلق عليها الدكتور محمد حمزة الحداد أستاذ الآثار والتراث بجامعة القاهرة، من أنها أي كلمات المقريزي لا دليل أثري عليها، حيث أن الجامع موجودًا داخل أسوار القاهرة والتي كانت عبارة عن سهل رملي لا أبنية فيه سواء أديرة أو غيرها، كما أنه لا أثر للدير أسفل الجامع أو للبئر المزعومة التي يتحدث عنها المقريزي، كما أن التسمية ليس لها علاقة بأحجار مضيئة أو غير مضيئة بل هي عادة الفاطميين في تسمية الأشياء على أفعل التفضيل مثل الجامع الأزهر والأفخر والأنور ثم الأقمر.

والجامع يتميز بكونه أول جامع تحترم واجهته خط تنظيم الطريق بدل أن تكون موازية لصحن الجامع، كما تتميز أنها مزينة بأشكال الشموس المشرقة، كما يظهر به لأول مرة في عمارة الجوامع بمدخله العقد المعشق، والذي انتشر بعد ذلك في العمارة المملوكية، وفوقه يوجد العقد يوجد العقد الفارسي على شكل مروحة تتوسطها دائرة مركزية.
والجامع به أول ظهور للمقرنصات والتي لم تُستعمل قبله إلا في مئذنة جامع الجيوشي، وهي زخرفة انتشرت بعد هـذا الجامع، وينفرد عند التقاء واجهته الغربية بالشمالية، بشطف مقرنص، كُتب على جانبيه محمد وعلي، وفي طاقته، «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون»، وهو الأول من نوعه أيضًا في العمارة الإسلامية، وانتشر بعد ذلك، وهذا الشطف يحافظ على المارة والدواب التي قد تحتك بحافة الجدار وعلى سلامة مكان التقاء الحائطين الواقع بناصية شارعين.

وعلى واجهة الجامع الأقمر ظهرت الإشارات الشيعية، حيث تكرر اسم الإمام علي بن أبي طالب يحيط به اسم محمد صلى الله عليه وسلم، ونجد أن واجهة الجامع الأقمر تم تقليدها بعدة واجهات أخرى أبرزها واجهة حمام بشتاك بشارع سوق السلاح عصر مملوكي، وواجهة المتحف القبطي القرن التاسع عشر.

وعن وصفه فهو عبارة عن صحن صغير طول ضلعه عشرة أمتار، محاط بأربعة أروقة، أكبرها القبلة عقودها محلاة بكتابات كوفية مزخرفة ومحمولة على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة وتيجان مختلفة تربطها كتل خشبية، والجامع مغطى بقباب ضحلة وهو عنصر جديد فى ذلك الوقت وشاع استخدام هذا الأسلوب فيما بعد في مساجد العصر العثماني.

وأهمل الجامع بعد العصر الأيوبى، وجدد في عهد السلطان برقوق المملوكي عام 799هـ، على يد الأمير يلبغا السالمي، وكان متصوفًا محبًا لآل البيت، فجدد المئذنة والمنبر وحوض الدواب، وصنع بركة مياه بالصحن، وسجل تجديداته أعلى محراب الجامع ومنبره مع احتفاظ الجامع ببعض زخارفه الفنية المتميزة من العصر الفاطمي

وفي عصر أسرة محمد علي جدده سليمان أغا السلحدار عام 1821 ثم بعد ذلك جددته لجنة حفظ الآثار العربية عام 1928 التى أزالت المباني من أمام واجهته لتظهرها كاملة مع الحفاظ على طابعه التاريخي.