الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

النمل الأبيض

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صديقي العزيز.. إن كنت تعتقد أنك أفضل من الجميع فهذه حقيقة لا ينكرها أحد. 

أما إن كنت ترى أنك أسوأ شخص في العالم فأهلًا بك في أرض الواقع. 

هنا سترى نفسك على حقيقتها.. أنت أخطر كائن حي في هذا الكوكب.. ومن المرجح أنك الأسوأ بين البشر.. أنت الوحيد مسلوب الإرادة، لكن الأجرام في السماء حرة طليقة.. الحيوانات في الحديقة حبيسة داخل قفص لكنك أسير نفسك وشرور عقلك.. سجين داخل محيطك المظلم. 

هل تعتقد أن هناك كائنا غيرك لا يهتم إلا بمصالحه.. حتى القطط المعروفة بـ«قوة القلب» تعطف على بني جنسها لكنك «جاحد» أكثر منها.. هي «تأكل وتنكر»، لكنك «تسرق وتقتل».. هي تشبع فتترك الطعام.. لكنك تكنز المال والثروات والطعام، وتترك غيرك جائعًا مسكينًا «الموت» أمامه وأنت خلفه، فأين يذهب منكما.

تظل الحيوانات تبحث عن الطعام في كل مكان، وعندما تجده فتأكل وتشبع تترك باقي الطعام لغيرها.. لكن الإنسان يأخذه إلى الثلاجة للاحتفاظ به.. فالحيوان يحب غيره وأنت تحب نفسك!

القطط والكلاب يا صديقي لها وجه واحد، لكنك لك من الوجوه العشرات بل المئات وقد تصل إلى ألف.. لا أستطيع مساعدتك في حسابها، فقد كنت أهرب من حِصص الرياضيات بحثًا عن المتعة في فناء المدرسة.

كنتُ غبيًّا، لكن أظنك الأذكى، فلديك وجهٌ مع والدك، وآخر مع ابنك، وثالث مع شقيقك، ورابع مع زميلك في العمل، وخامس مع مديرك، وهكذا هي مجرد أقنعة تبدلها كيفما تشاء، ثم ترتدي قناع النوم لتظن أنك من المُبشرين بالجنة، بعد أن نشرت الفتن والنميمة وتلاعبت بأحلام هؤلاء، ودمرت مستقبل هؤلاء، وكذبت علينا جميعًا. 

يقول أنيس منصور، في كتابه «جسمك لا يكذب»: إن الحياة مسرح ونحن جميعًا ممثلون على هذا المسرح وفي أدوار مختلفة بعض هذه الأدوار مناسبة لنا وبعضها فرضت علينا، وقد نفشل في الأدوار المناسبة وننجح في الأدوار غير المناسبة، وأناس يظهرون بسرعة ويختفون أسرع، وأناس يموتون على المسرح. 

 وأنت على المسرح يجب أن تسأل نفسك هل أنت راضٍ عن حياتك؟! إذا كانت الإجابة «نعم»، أو «لا»، فأنت تمتلك وجهين للحياة والموت، أما إذا ظهرت إجابات مثل: «نعم، لا، ربما، يجوز، ممكن، لا أعرف.. إلخ»، فمرحبًا بك في عالم البشر.

أدعوك لقراءة ثلاثية نجيب محفوظ، لترى السيد أحمد عبد الجواد «سي السيد»، ذلك الشخص الذي يرتدي الجلباب والقفطان والشارب المنضبط حتى يبدو من كبار الحارة، لكنه ديكتاتور صارم مع زوجته التي تبذل من أجله الغالي والنفيس، ثم يتسكع في الحانات ويركع على ركبتيه أمام «زبيدة» ليقبل قدميها. 

كلنا لنا ألف وجه، وكلما تقدَّم بنا العُمر تظهر أقنعة جديدة، نستخدمها في الكذب والنفاق ونشر الفتن والضغائن، فنحن أصحاب «الكذب الأبيض» ومن الصعب أن نكون مثل «النمل الأبيض».