سألتني أميرة عربية إذا كنت أعرف شخصًا أمينًا يوصل قطة إلى قصرها، اشترتها من باريس، وبعدما كتمت ضحكي على هذه المهمة الكبيرة، رشحت لها ساعي مكتبنا القديم بالأهرام بباريس؛ حيث يتوفر فيه المواصفات المطلوبة من أمانة وجِدِّية وإخلاص، بالإضافة إلى أنه سيستفيد ماديًا ومعنويًا وتغيير جو وسفر وإقامة شاملة.
وبعد أسبوعين جاءني الساعي يشكرني ويدعو لي دعاءً من القلب أثلج صدري، وقد لاحظت عليه أثر النعمة، وهذا ما أسعدني؛ فقد استبدل "السبارس" بالسيجار وملابس المحلات الشعبية ببدل "سمالتو وبوس" وبأحذية تفصل خصيصًا على القدَم ذات الـ 3000€ فما فوق.
فسألته: إيه الحكاية هو قط فرعوني ولا إيه؟ فآخر عهدي بالقطط يعود إلى مرحلة الطفولة؛ حيث "توم وچيري"، أو القط السيامي.
فقال لي: إنه قط من النوع النادر، وهو نتاج زواج شرعي وغالبًا قصري بين فهد وحيوان مفترس نسيت اسمه من شدة الذهول والذي نتج من زواجهما قِط، واسمه أشار، أو فشار! ما علينا.. المهم ثمنه أكثر من 150000€، أي الرجل سافر بثروة حية، بل هناك أعلى منه ثمنًا حسب الأنواع لكنه أسرع مخلوق على الأرض، أي بمعنى: لو حبينا نتسابق معه كأننا نتسابق مع فهد.
طيب يا عمّ فلان، هل يأكل هذا القط الفئران أم يأكل الجيران؟ هل هو مفترس وخطر على الأطفال؟ إذا كان جده فهد "معلش" اعذر الحيران، فقال: لا، ليس مفترسًا، لكن له أكل مخصوص، وتم عمل جواز سفر له و"فيزة"، لكل أنحاء العالم، وعلاج وكوافير خاص، ورصدت له وللقائمين عليه ميزانية سنوية كبيرة إلخ، وشكرني لأنه لأول مرة في حياته يستقل طائرة خاصة تقلع من مطار الرؤساء بباريس، فلما وصل إلى بلد الأميرة وجد نفسه محاطًا بموكب رائع من السيارات الفاخرة، وتم إعداد إقامة شاملة له في فندق 7 نجوم عشرة أيام وشملوه بهدايا و"شوبنج " وتقاضى 3000€ فذهبت بخاطري نحو نجيب الريحاني، وقلت في نفسي لو أني منذ 28 سنة بوصل قطط لكنت من الأعيان.
واستودعت صديقي الفرَّاش باشا، وأنا مقرر أن أتوجه لكل معارفي من الأمراء والأميرات، ومن لا أعرف من عائلات لأُقدِّم خدمة توصيل الكلاب والقطط للمنازل مع خدمة قُبلات خاصة لكل قط نادر خلال الرحلة وطبطبات خفيفة بكل حَنان على رأس الكلب.. ما هذا الذي نحن فيه؟.. يا مثبت العقل يا رب.. اللهم لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.