أمثالنا الشعبية تعد إرثاً ثقافياً مهماً، لا يمكننا الاستغناء عنه، إذ إنه منهل دائم نعود إليه عندما يحزننا الأمر، وعندما تأخذنا الحياة إلى طريق الضلال الذي لا نشعر فيه بالأمان، فنتذكر أنفسنا وأولادنا بتلك الأمثال، لكي تكون شمعة نستعين بها في ظلام أيامنا.
وبخصوص مثلنا اليوم، فهو "دلق القهوة خير". فما هو سببه ولماذا يقال؟ وما هي أصل حكايته؟ فهناك من يعتقد بوجود رابطة بين دلق القهوة وتوقع الخير، فلنتعرف سوياً على سبب إطلاق هذا المثل وما قصته، وهل فعلاً توجد علاقة بين دلق القهوة وطلب الخير؟
أولاً، بخصوص سبب المثل، فقد يظن البعض منا أن هناك علاقة بين دلق القهوة وفعل الخير، ولكن الحقيقة التي لا يمكن الشك فيها هي أنه لا توجد علاقة بينهما، لا من قريب ولا من بعيد. وإن كان البعض قد اعتقد ذلك، فإن سبب إطلاق المثل هو تنبيه القارئ ألا يحاول تكرار الخطأ حتى لا يصل إلى نتيجة سلبية، ولا يتهم بها فيما بعد.
أما بخصوص قصة المثل، فبطلها هو الخادم العامل البسيط الذي كان يعمل في خدمة رجال أحد القصور، وكان يعرف باسم "خير". ذات مرة، طلب منه صاحب القصر الذي يعمل به أن يعد فنجان قهوة لأحد الضيوف الأثرياء، ولكنه دلقها بدلاً من صبها. ولأنه تكرر هذا الفعل معه كثيراً، عرفه الأثرياء الذين يحضرون لمقابلة صاحب القصر بأن "خير" دلق القهوة. وتكرر فعله كثيراً حتى عرف بهذا السلوك، ومع الوقت كبر في السن واستمر في دلق القهوة، فأطلق الرجل الذي يعمل عنده لقب "دلق القهوة".
وعلى ذلك، فإن تلك القصة تصبح علاقة المثل بها هو التنبيه على عدم تكرار الخطأ أكثر من مرة، حتى لا يصبح صاحب الخطأ معروفاً به طوال حياته.