الفلاحون في كل مكان يُوجِّهون سؤالًا مباشرًا إلى وزيري القوى العاملة، والزرعة، ويتساءلون: من نقيبنا؟ ومَن يمثلنا رسميًّا في أي محفل أو نقاش أو حتى جدال لو كان مفيدًا؟!
الفلاحون احتارت بهم الدُّروب من كثرة الأسماء التي تتحدث بوصفها نقيبًا للفلاحين، وقد يكون هذا التنوع والتعدد مفيدًا لو كان واضحًا ومقننًا ومعلنًا للجميع، أما ما يحدث فعكس ذلك تمامًا، تخبط بين الأسماء، وهذا يقول عكس ما يُصرح به ذاك، والجميع لا يلتقون أبدًا في منصة انطلاق واحدة، ولا يتوحَّدون أبدًا حول هدف واحد لخدمة هذه الشريحة العريضة المهمة من مجتمعنا.
الزارعة أو "الفلاحة"، هي أقدم مهنة عرفها التاريخ، وهي العِماد الرئيس في تقدُّم ونهضة الأمم، ولنا في تجارِب عديدة بدول مختلفة ما يدل ويبرهن على ذلك، ولنا في مصر أيضًا هذا، حيث تهتم الدولة المصرية اهتمامًا بالغًا بالزراعة واستصلاح الأراضي وزيادة الرقعة الزراعية عن طريق عدد من المشروعات العملاقة، مثل الدلتا الجديدة، والريف المصري، وتوشكي، ومستقبل مصر، وغيرها، بما لا يدع مجالًا للشك.
يجب تخصيص وتحديد مَن يتحدث باسم كل مَن ينتمي لهذه المهنة التاريخية، وشخصيًّا عشت أكثر من موقف، دفعني لأن أسأل نفسي: مَن نقيب الفلاحين في مصر؟ وعلى الفور تحدثت لمسئول في وزارة القوى العاملة لعلي أجد ضالتي وألملم إجابة عن سؤالي، وقال لي: "إنه طبقا للقانون رقم 213 لسنة 2017 لا يوجد في وزارة القوى العاملة ما يُسمى بالنقابة العامة للفلاحين، ويوجد نقابة تابعة لاتحاد عمال مصر تحت مسمى النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري والصيد واستصلاح الأراضي، أما فيما يخص الفلاحين فما هو مسموح به في وزارة القوى العاملة تشكيل لجان نقابية لصغار الفلاحين والمزارعين في المحافظة على ألا يتعدى نشاطها ونطاقها حدود المحافظة، ويجوز لها تشكيل لجان في المراكز والقرى.
هذا ما قاله لي المسئول في وزارة القوى العاملة، وأتفهمه جيدًا، وأنا هنا لست ضد أحد لصالح أحد، وليس بيني وبين الأسماء الملقَّبة بنقيب الفلاحين أي شيء، ولم أتعامل معهم عن قُرب، ولا أريد إلا صالحهم وصالح الفلاح؛ لذا أطالب بتوضيح الموقف على الملأ، من خلال الوزارتين صاحبتي الصلة القوى العاملة والزراعة، ومع إعلان الاسم فليتعامل الجميع معه على أنه نقيب الفلاحين، وليتحد معه الباقون من أجل صالح من يتحدثون نيابة عنهم.
وما أعرفه جيدًا في هذا الملف، أن المهندس فريد واصل أمين الفلاحين في حزب «مستقبل وطن» تقدَّم منذ سنوات بمشروع نقابة الفلاحين والمنتجين الزراعيين، وهو مشروع قانون وافٍ وكافٍ عندما عرفت تفاصيله منه، إلا أنه هو الآخر لم يخرج للنور حتى الآن، وآخر معلوماتي عنه أن لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ وافقت عليه تمهيدًا لمناقشته في جلسة عامة، ثم إرساله لمجلس النواب لإقراره.
كل هذا يقودنا إلى طريق واحد، وهو وجوب تحديد نقيب فلاحي مصر، ومن يتحدث باسمهم، ويُدافع عن حقوقهم، ويناقش مشكلاتهم، وجميعنا يعرف أنها كثيرة بين بذور وأسمدة ومببيدات وتسويق وغير ذلك مما قرأناه أو سمعناه أو شاهدناه كثيرًا.
أعتقد ومعي الكثيرون، أن الفلاحين يستحقون أن تكون لهم نقابة، وأن يكون لهم نقيب يُعبِّر عنهم، ويحمل همومهم ويدفعهم لتنفيذ سياسات الدولة المصرية من أجل نهضة الزراعة، ومن ثم نهضة مصر بأسرها.
أعتقد ومعي الكثيرون، أن هذا الملف يستحق أن يُفتح من قِبل الوزارات والجهات ذات الصلة، وأن تركه مبهمًا غامضًا لن يكون في صالح أي طرف.
أعتقد أن تلك الشريحة العريضة المنتشرة في ربوع مصر، من حقها علينا أن نفكر لها، وأن نكتب عنها، وأن نهتم بها، وأن نتخذ خطوات سريعة وحاسمة بشأن تحديد وإعلان نقيب الفلاحين على مرأى ومسمع من الجميع.
الحسم في الإعلان، والشفافية في التوضيح، والحيادية في التعامل مع هذا الملف، هي أقصر الطرق للوصول لكل فلاح في مصر من خلال نقابة شرعية تخدمه وتعبر عنه، وتحمل على عاتقها مشكلاته، وتغرس بداخله حب وطنه، كما يغرس هو نابته في أرضه، وتثبت له أن بلده تريده وفي حاجة لانتمائه إليها والعمل من أجلها، فهل نجد إجابة واضحة وصريحة من وزيري القوى العاملة والزراعة؟! الجميع ينتظر.