المصحف الشريف الصالح للقراءة لا يحرق لحرمته، هذا ما صرح به علماء الدين الاسلامى، وإذا أحرق امتهانا يكون كفرا عند الجميع، وأما إن كان المصحف غير صالح للقراءة كأن تمزقت أوراقه، أو أصابها التلف، فلا حرج فى حرقه صيانة له بل ربما كان هذا واجبا إن لم يحفظ ويصن إلا بهذا.
وهذا الأمر جعل العراق تطالب السويد بتسليم سلوان موميكا الذى حرق مصحفا فى أول أيام العيد، وفى الأثناء عبرت الخارجية السويدية عن أسفها لما حدث وأعلنت فتح الشرطة تحقيقا فى الواقعة أما الأمين العام لحلف الناتو فيقول إن الفعل العدائى ليس بالضرورة غير قانونى.
قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان تعليقاً على واقعة إحراق صفحات من المصحف في السويد "أن السماح بهذا الأمر مرفوض ومدان"، معتبراً أنه لا ينبغي استغلال حرية التعبير كذريعة للإساءة للآخرين.
وأضاف: "مهمتنا تحويل الحس الديني إلى تعاون وأخوة وأعمال ملموسة للخير... إنّنا بحاجة اليوم إلى بناة سلام، لا إلى صنّاع أسلحة، بحاجة إلى بناة سلام، لا إلى محرّضين على الصراعات، بحاجة إلى رجال إطفاء، لا إلى مُشعِلي النيران، بحاجة إلى الدعاة إلى المصالحة، لا إلى المهدّدين بالدمار. فإما أن نبني المستقبل معاً، وإما أنه لن يكون هناك مستقبل". واعتبر قداسته أن مستقبل التعاون بين الأديان يقوم على أساس مبدأ المعاملة بالمثل واحترام الآخر والحقيقة".
وأكد البابا فرنسيس، أهمية وثيقة الأخوة الإنسانية التي هي بمثابة "خارطة طريق"، أنها نص مهم، ليس فقط للحوار بين الأديان، ولكن للتعايش السلمي بين جميع البشر".
وأضاف: "يسرني جداً تقبل المجتمع العالمي وفهمه لرسالة الوثيقة وأهدافها بوصفها دليلاً للأجيال المقبلة، واعترافاً بأننا جميعاً أعضاء في أسرة بشرية واحدة. كما أن الوثيقة "هي نور يرشد الجميع، وخارطة طريق لأي شخص يختار بشجاعة أن يكون صانع سلام في عالمنا الممزق من الحرب والعنف والكراهية والإرهاب، فالأخوة الإنسانية هي الترياق الذي يحتاجه العالم للشفاء من سم هذه الجروح".
وقال البابا فرنسيس في تصريحات إعلامية له للشباب، "كونوا بناةً للسلام، وليس صُناعاً للموت أو العنف" متمنياً أن "يجدوا في الإيمان بالله المصدر والقوة ليصيروا أفضل، وأن يجعلوا العالم مكاناً أفضل"، آملا أن يكون "الدين عاملاً من عوامل السلام والتعايش والأخوة، وليس أبداً من عوامل التصادم والكراهية والعنف".
كما استنكر البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، إحراق القرآن فى السويد، وقال على إثر الثورة العارمة عربيا وإسلاميا التى أشعلت مشاعر إيماننا جميعا مسيحيين ومسلمين، بسبب إحراق مصحف القرآن الكريم، فى أول أيام عيد الأضحى المبارك: «أضم صوتى إلى أصوات إخوتى فى إيماننا بالله الرحمن الرحيم المحب للبشر، مستنكرا هذا العمل الإجرامى، الذى أحب أن أصفه بأنه عمل فردى، وربما مفتعل وهادف إلى إشعال فتنة ما فى السويد وفى أماكن أخرى».
وأضاف: «أكتفى بأن أؤكد قانون إيمانى المسيحى الإسلامى، الذى عبرت عنه العام 2015 فى رسالتى بطريرك عربى إلى إخوته المسلمين حيثما كانوا فى العالم، وهو تعبير عن علاقاتنا مسيحيين ومسلمين فى بلادنا العربية، تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا مصير مشترك، تاريخنا الطويل كان ولا يزال مشتركا، مآسينا الحاضرة مشتركة ومستقبلنا سيكون أيضا، بعون الله، مشتركا ومشرقا».
واختتم: «لذا علينا أن نتبنى هذا الشعار الذى طالما رددته: يجب أن نبقى معا لنبنى عالما أفضل لأجيالنا الطالعة، نستطيع أن نبقى معا لنبنى عالما أفضل لأجيالنا الطالعة».
بينما أكدوا رؤساء الطوائف المسيحية فى العراق رفضهم المطلق لأي عمل يسيء إلى الأديان، حيث استنكر مجلس رؤساء الطوائف المسيحية فى العراق الاعتداء على نسخة من القرآن فى السويد، فأصدر بيان استنكار جاء فيه: «تناقلت وسائل الإعلام قيام أحد الأشخاص العراقي الجنسية والمتجنس بالجنسية السويدية، قام فى مملكة السويد بالاعتداء على نسخة من القرآن الكريم وحرق بعض أوراقه، بهدف الإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف».
ومن المؤكد أن احترام حرية التعبير عن الرأى لا يبرر أبدا الترخيص فى مثل هذا التصرف المخزى الذى يمثل اعتداء صارخا على أي من المقدسات الدينية فى العالم.
لذلك يستنكر مجلس رؤساء الطوائف المسيحية فى العراق هذا العمل البشع والذى حصل فى مملكة السويد، ويشدد على رفضه المطلق لأي عمل يسيء إلى جميع الأديان كما يدين الفكر المتطرف، داعيا العقلاء فى العالم أجمع إلى بث روح المحبة والألفة بين جميع الناس ليعيش العالم بسلام.
بينما صدر بيان رسمى من البطريركية للسريان الكاثوليك فى البصرة والخليج العربى كنيسة «القلب الأقدس» بالعراق، قال فيه المطران فراس دردر مطران البطريركية أهل البصرة الطيبين: «كلنا نعلم أن كنيستنا السريانية القلب الأقدس فى منطقة العشار يصلى ويزورها أكثر من ٣٠٠مسلم ومسلمة».
وتابع: «لا أعتقد أن هناك كنيسة فى العراق يزورها المسلمون بهذا الكم الهائل من المؤمنين وكم كانت فرحتنا أمس البارحة والكنيسة وباحته ممتلئة بالمسلمين فى أول أيام عيد الأضحى المبارك شاكرين الله ومريم العذراء وكانت الناس فرحة جدا وهم يعيدون بعضهم البعض فى بيت مقدس من بيوت الله».
وأردف: «لكن ما أزعجنا نحن المسيحيين قبل المسلمين تصرف هذا الإنسان غير السوى التى نعتبرها تصرفات شخصية غير مسئولة ضاربا بعرض الحائط وناكر دينه ووطنه وأهله بحجة الحرية ووجه المطران فراس دردر قائلا للمسلمين أرجو ألا يقلقكم شيء من هذه الوخزات البخسة تجاه مشاعركم خاصة وأنتم تعيشون أيام العيد المبارك».
وأعربت كنيسة المشرق الآشورية، عن إدانتها لحرق القرآن الكريم فى العاصمة السويدية ستوكهولم، فيما وصفته بالعمل المشين وذكرت رئاسة كنيسة المشرق الآشورية، وتدين هذا العمل المشين بأشد العبارات، لأنه يدل على خطأ جسيم للمسئولية الفردية لكل إنسان فى احترام كرامة الآخرين ومعتقداتهم وإيمانهم.
وأكدت أن ارتكاب أفعال إهانة، بأى شكل من الأشكال، ضد عقيدة الأديان الأخرى هو عمل غير مسئول يهدف إلى بث ونشر خطاب الكراهية، فى وقت نحن مدعوون جميعا لكى نكون بناة جسور، وأن نوطد أواصر المحبة والتسامح والاحترام، لأن هذا هو الأساس الذى يمكن أن يبنى عليه عالم متحضر، حيث معيار الأدب فيه هو احترام بعضنا البعض، بغض النظر عن إيماننا.
ولفت إلى أن كنيسة المشرق الآشورية، التى تأسست على تعاليم السيد المسيح والكتاب المقدس، ترفض اليوم، كما رفضت دائما، جميع الأفعال وردود الأفعال التى تهدف إلى الإساءة إلى ما هو مقدس ودور العبادة ومؤمنى الديانات الأخرى، بأى شكل من الأشكال وفى أى وقت ومن قبل أى جهة أو أفراد.
ودعا، جميع القادة الروحيين والدينيين من جميع الأديان، إلى تحذير أتباعهم من الانخراط فى أى أعمال من هذا القبيل تنطوى على التعصب الدينى وعدم التسامح.
كما أدانت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالسويد إحراق المصحف الشريف واعتبرته عملا شنيعا يمثل استفزازا ليس للمسلمين فى السويد فقط بل على الصعيد الدولي.
وقال مطران الكنيسة بنيامين أتاس، إن الكنيسة بأعضائها وأتباعها تنأى بنفسها عن حرق المصحف الذى حدث يوم الأربعاء فى ستوكهولم بسبب استخدام شخص لحرية التعبير لإيذاء وإهانة جماعة بأكملها.
وأكد البيان أن هذا الشخص الذى أحرق المصحف تصرف بشكل مستقل ولا يمثل أى كنيسة أو منظمة مدنية مرتبطة بنا ونحن نحترم جميع إخوتنا من البشر فى المجتمعات ونحن نعيش فى تسامح وتفاهم مع بعضنا ونحب جميع إخواننا من بنى البشر، لأن المسيح يقول فى الكتاب المقدس «أحب قريبك كنفسك».
وجاء فى البيان أن هذا العمل الشنيع حدث خلال أحد أعياد الإسلام لاستفزاز وإهانة للأخوة المسلمين وليس فقط فى السويد ولكن أيضا على الصعيد الدولى، وهذه الأعمال بعيدة كل البعد عن إيماننا المسيحى وقيمنا لأننا نحترم جميع إخوتنا فى الإنسانية. لذلك فإننا ننأى بأنفسنا عن هذا الشخص الذى يحرق الكتب وندين هذه الأفعال.
وقالت الكنيسة فى بيانها: «نحن نحترم ونقدس الديمقراطية وحرية التعبير وحرية الدين والقوانين والأنظمة الموجودة، نحن جزء من هذا البلد الجميل ونريد الاستمرار فى تطوير وبناء المجتمع».