تعيش مدينة طولكرم ومخيماتها، وعلى رأسها مخيم نور شمس، واحدة من أطول موجات التصعيد الإسرائيلي منذ سنوات، حيث تدخل الاعتداءات العسكرية يومها الـ82 في المدينة، والـ69 في المخيم، وسط تصعيد ميداني متواصل يجمع بين الاقتحامات، والاعتقالات، والتنكيل بالمواطنين، والدمار واسع النطاق.
تصعيد ممنهج واستهداف مباشر للمدنيين
يبدو واضحًا أن عمليات الاحتلال لا تقتصر على الملاحقات الأمنية، بل اتخذت طابعًا انتقاميًا واسع النطاق شمل الأحياء السكنية والمحال التجارية وحتى البنية التحتية، في سياسة يُنظر إليها كمحاولة لعقاب جماعي يهدف لتركيع السكان ودفعهم للنزوح القسري.
ففي الليلة الماضية، شهدت مناطق مختلفة من المدينة إطلاقًا كثيفًا للنار وقنابل الصوت، خصوصًا في ميدان الشهيد ثابت ثابت، وميدان جمال عبد الناصر، وسوق الخضار، ما تسبب في حالة من الذعر بين المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
اقتحامات واعتداءات وعمليات نهب منظمة
اقتحمت القوات الإسرائيلية عشرات المنازل، وأجبرت أصحاب المحلات على إغلاق أبوابهم بالقوة. وشملت الانتهاكات اعتداءات جسدية على شبان، واحتجازهم لساعات، وتعرضهم للضرب المبرح داخل المحال أو المنازل، كما حصل مع الشابين طارق ناصر بعباع وخالد جمال المصري.
وفي تطور خطير، أفادت مصادر محلية بسرقة مبالغ مالية وممتلكات شخصية من منزل المواطن سمير خريوش، بينها 35 ألف شيقل و6000 دينار أردني، في مؤشر على ما يبدو أنه تحول متزايد نحو عمليات نهب علنية ترافق الاقتحامات، ما يعيد إلى الأذهان أساليب الاحتلال في الاجتياحات الكبرى خلال الانتفاضات السابقة.
نمط متكرر في نور شمس.. إطلاق نار وتدمير وتهجير
في مخيم نور شمس، يتكرر المشهد اليومي: إطلاق نار عشوائي على منازل المدنيين، اقتحام وتخريب كاميرات المراقبة، وتهجير قسري لسكان حارتي جبل الصالحين وجبل النصر. المخيم الذي بات أشبه بساحة معركة مفتوحة، يواجه حملة ممنهجة تستهدف تفريغه من سكانه وتحطيم بنيته المجتمعية.
ثكنات عسكرية بدل منازل المدنيين
من اللافت أن الاحتلال لا يكتفي بتهجير السكان قسرًا، بل يُحوّل المنازل التي يستولي عليها إلى نقاط عسكرية وثكنات، خاصة في الحي الشمالي وشارع نابلس، مما يعزز الرواية بأن هناك مخططًا لتغيير الواقع الديمغرافي والأمني في المدينة، وتحويل مناطق مدنية إلى مناطق عسكرية مغلقة.
أرقام مرعبة.. الشهداء والدمار والنزوح
أسفر هذا العدوان المتواصل عن استشهاد 13 فلسطينيًا حتى الآن، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل في شهرها الثامن، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والمعتقلين.
أما على صعيد الدمار المادي، فقد تم تدمير 396 منزلًا بشكل كلي، و2573 منزلًا بشكل جزئي، فيما نزحت أكثر من 4000 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، إلى جانب مئات العائلات من الحي الشمالي للمدينة.
طولكرم بين النار والصمت الدولي
ما يجري في طولكرم ومخيماتها هو نموذج حي لسياسة العقاب الجماعي التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي، في ظل صمت دولي مطبق، وتواطؤ واضح من بعض القوى العالمية.
هذه الاعتداءات المتواصلة لا تهدد فقط الاستقرار المحلي، بل تمثل جريمة مستمرة ضد الإنسانية تستوجب تحركًا فوريًا على كافة المستويات الحقوقية والسياسية والإعلامية.