أصدرت شركة أبل مؤخرا نظارتها الجديدة «ڤيچين برو» بتقنيات جديدة ثورية قد يراها البعض خطيرة بسبب قدرتها على التتبع الهائل لفهم حركات البشر وعزلهم عن العالم بالكامل، مما يفتح المجال أمام سوق جديدة لم نعهده من قبل وطريقة جديدة للتفاعل مع الأجهزة التكنولوجية.
جاءت نظارة أبل في الوقت الذي يشهد فيه العالم ثورة تقنية أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي ومجال تعلم الآلة بعد ظهور نماذج ذكاء اصطناعي غير مسبوقة قادر على التفكير والتحليل والتعلم بسرعة تفوق قدرة البشر، فكيف سيكون شكل العالم في الفترة المقبلة؟.
الكمبيوتر الكمي
ربما أكثر الأشياء المنتظرة والتي ستحدث ثورة تكنولوجية في عالم الكمبيوتر هو انتشار الكمبيوتر الكمي التي تفوق قدراته قدرات أجهزة الكمبيوتر الحالية أضعاف.
انتشار الكمبيوتر الكمي تجاريًا سيكون بمثابة قنبلة ستغير كل شيء في العالم، ولكي نتخيل مقدار الثورة التي سيحدثها الكمبيوتر الكمي في العالم، مؤخرًا قامت الصين باستخدام كمبيوتر كمي في إنجاز مهمة استطاع إنجازها أسرع بـ 180 مليون مرة من الكمبيوتر العادي.
فعليًا استطاع الكمبيوتر الصيني إنجاز مهمة قد تستغرق من أقوى كمبيوتر موجود حاليًا ما يصل إلى 5 سنوات في دقائق معدودة وهذا الأمر قادر على فتح احتمالات لا نهائية من التقدم التقني.
وصرح العلماء ممن قاموا بالتجربة، بأن هذا النوع من الأجهزة يمكن استخدامه في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وهذا من شأنه أن يرفع قدرات الذكاء الاصطناعي الحالي بملايين المرات.
وإذا كنت تظن أن الأمر بعيد فمعالجات أجهزة الكمبيوتر الحالية تستخدم معمارية 4 نانو ميتر (وهي وحدة قياس قوة المعالج) والعام القادم سيتم استخدام معمارية أكثر دقة تصل إلى 3 نانو ميتر وهذا معناه أننا بصدد جيل آخر فقط ونكون على شفا استخدام معالجات تعمل بميكانيكا الكم.
الذكاء الاصطناعي
تطور الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في الفترة الأخيرة بشكل أكبر من المتوقع وأصبح بالفعل يؤثر على العديد من المجالات، ويعرّف الذكاء الاصطناعي على أنه محاكاة عمليات الذكاء البشري باستخدام الآلات والكمبيوترات، وتشمل تطبيقاته الأنظمة المحددة، وفهم اللغة والتعرّف على طبيعة الكلام، ورؤية الآلة.
ومن المتوقع أن يؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على المستقبل في العديد من المجالات والصناعات. ففي مجال التكنولوجيا، سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تقنيات جديدة وإيجاد حلول للمشاكل الصعبة التي لم يتم حلها بعد. وفي مجال الطب، سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين التشخيص والعلاج وتوفير الرعاية الصحية الأفضل للمرضى.
وفي المجالات الأخرى، مثل الزراعة والصناعة والنقل، سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف وتحسين الأمان. ومن الممكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة وتوفير سبل حياة أفضل للبشرية.
ومع ذلك، قد يتسبب استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض التحديات والمخاطر، مثل فقدان الوظائف وتقليل الاهتمام بالأبعاد الإنسانية في بعض المجالات. لذلك، يجب على البشرية التفكير بعناية في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي وتطوير سياسات وأنظمة تنظيمية لضمان استخدامه بشكل آمن وفعال.
يعتقد العلماء أن الذكاء الاصطناعي يمثل خطورة بسبب صعوبة السيطرة الكاملة عليه، حيث إنه يتفوق حاليًا على البشر ويتطور باستمرار. وفي المستقبل، قد يصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تحديد شخصيته بنفسه وربما يرى بعضهم أن التخلص من البشر هو الخيار الأمثل للحفاظ على كوكب الأرض.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كسلاح، حيث يتم تطوير الروبوتات المخصصة للقتل والتي يمكنها قتل الأشخاص بدقة كبيرة وتحديد هويتهم. وهذا يؤدي إلى صراعات كبيرة في تطوير تقنيات الأسلحة باستخدام الذكاء الاصطناعي بين الدول. ومن الممكن أن تنشأ حروب بين الدول على هذا الأمر، وهذا ما يحدث بالفعل بين الصين وأمريكا في مجال تصنيع المعالجات التي يمكنها التعامل مع الذكاء الاصطناعي بفعالية كبيرة.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي الآن في التزييف فالذكاء الاصطناعي قادر على صنع صور واقعية بدرجة كبيرة من مجرد أوامر بسيطة بل ويمكن تدريبه على تقليد أي صوت بدرجة واقعية لا يمكن تفريقه عن الصوت الطبيعي للشخص وهذا قد يكون خطرا كبيرا يمثل تحديا كبيرا في مواجهة الأخبار الزائفة في المستقبل.
إضافة المشاعر للذكاء الاصطناعي
أطلقت شركة "سونانتيك" البريطانية، التي تختص في مجال الذكاء الاصطناعي، مشروعًا يهدف إلى إضفاء مشاعر السعادة والحزن على قارئ النصوص الإلكتروني في الأجهزة الحديثة.
ويمكن لمستخدمي الأجهزة المحمولة أن يستخدموا هذه التقنية في المستقبل، حتى يستطيعوا التحدث بمشاعرهم الشخصية وإعطائهم شحنة كبيرة من العواطف المتناسبة مع حالتهم النفسية، بالإضافة إلى الضحك والمزاح والبكاء أو الصراخ.
ورغم أن التقنية ما زالت في بدايتها وتحتاج إلى المزيد من التطوير، إلا أن النتائج المبدئية لا تزال مثيرة للإعجاب، حيث يمكن للبرنامج قراءة النصوص بشكل جيد، ولا يزال يتطلب التجربة الأولية مزيدًا من التحسين لاستخدامها في التواصل المباشر مع المستخدمين.
قراءة الافكار
ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن باحثين من جامعة أوساكا استخدموا خوارزمية جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لإعادة بناء حوالي 1000 صورة، بما في ذلك دمية دب وطائرة، باستخدام عمليات المسح الضوئي للدماغ البشري بدقة وصلت إلى 80٪.
واستخدم الفريق نموذج الذكاء الاصطناعي DALL-E 2 الذي تمتلكه شركة OpenAI والذي يمكنه إنشاء أي صورة بناءً على مدخلات نصية فقط.
وعرض الفريق مجموعات فردية من الصور على المشاركين وقاموا بمسح الصور باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وقامت الخوارزمية بعد ذلك بفك تشفيرها ورسم الصور.
وأشار الباحثون إلى أن الطريقة التي استخدموها في رسم الصور العالية الدقة تعتمد على أفكار داخل الدماغ البشري فقط، وليس عليها الحاجة إلى تدريب أو ضبط دقيق لنماذج التعلم العميق المعقدة.
وقال يو تاكاجي، الذي قاد البحث، إن الخوارزمية تستخدم معلومات من أجزاء من الدماغ تشارك في إدراك الصورة مثل الفص الصدغي والقذالي، ويستخدم الفريق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لأنه يلتقط تغيرات تدفق الدم في مناطق الدماغ النشطة.
ويمكن للرنين المغناطيسي أن يكتشف جزيئات الأكسجين بحيث يمكن للماسحات الضوئية أن ترى أين تعمل الخلايا العصبية وهذا يمكنه التعبير عن الأفكار والعواطف. وتم استخدام مجموعة من أربعة مشاركين في هذه الدراسة، حيث عرض عليهم كل منهم مجموعة من 10000 صورة.
وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي قادر على قراءة أفكار الناس وفهمها، ومع التقنيات الحديثة مثل نظارة أبل فالأمر قد يصل لدقة أكبر أيضًا حيث قال أحد الموظفين السابقين في شركة أبل عمل على تطوير النضارة الجديدة أن النضاة قادرة على قراءة الأفكار من خلال الذكاء الاصطناعي.
يقول الموظف إن أبل تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسلوك المستخدم. ويتم قياس الحالات العقلية للمستخدمين من خلال بيانات من أجسادهم وأدمغتهم، وتستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي هذه البيانات لتنبؤ بالحالة العاطفية والمعرفية للمستخدم.
ويمكن تحديث البيئات الافتراضية في الوقت الفعلي بناءً على هذه البيانات لمساعدة المستخدمين في التركيز والاسترخاء.
شرائح المخ
أعلن الملياردير الكندي الأمريكي إيلون ماسك، أن شركته نيورل لينك المتخصصة في زراعة شرائح داخل مخ الإنسان يمكنها تحسين قدراته عن بدء التجارب البشرية للشرائح الجديدة التي ستنتجها الشركة قريبًا.
وتلقت الشركة بالفعل الموافقة التنظيمية لإجراء أول تجربة إكلينيكية لجهازها التجريبي على البشرـ ويمكن لهذه الشريحة قراءة إشارات المخ بدقة كبيرة حيث يمكنها أن تساعد الأشخاص ممن لديهم إعاقة جسدية على الحركة دون الحاجة إلى أي أجهزة أخرى تدعمها.
ويبدو أن هذا النوع من الشرائح سيفتح آفاق جديدة للبشر في استخدام الأجهزة الذكية عمومًا، ومن بين الفوائد التي ستوفرها شرائح نيورل لينك للبشر هي:
1- التحكم في الأجهزة بالتفكير: ستسمح هذه التقنية للأشخاص بالتحكم في الأجهزة والتفاعل معها بواسطة أفكارهم فقط، مما يتيح لهم القيام بالمهام اليومية بشكل أسرع وأسهل.
2- تحسين الصحة العقلية: من الممكن استخدام شرائح نيورل لينك لتحديد الحالة العقلية للأشخاص وتتبعها، مما يمكن أن يساعد في تحسين صحة العقل ومكافحة الأمراض العقلية.
3- تسهيل التواصل: يمكن استخدام شرائح نيورل لينك لتسهيل التواصل بين الأشخاص، خاصةً في حالات الإعاقة الحركية أو اللفظية، حيث يمكن للأشخاص التحكم في الأجهزة بواسطة أفكارهم وتحديد الرسائل التي يريدون إرسالها.
4- تحسين الأداء الرياضي: يمكن استخدام شرائح نيورل لينك لتحسين أداء الرياضيين وتحسين تركيزهم وتحديد الأخطاء التي يقومون بها، مما يمكن أن يؤدي إلى تحسين الأداء وتجنب الإصابات.
5- تقديم العلاج: يمكن استخدام شرائح نيورل لينك في علاج الأمراض العصبية والنفسية، حيث يمكن استخدامها لتحديد الحالة العقلية للمرضى وتقديم العلاج اللازم بشكل أكثر دقة وفعالية.
وظائف المستقبل
من الأشياء السابقة يبدو أننا على وشك عالم مختلف الوظائف الموجودة فيه ستكون مختلفة عن الوظائف الحالية حيث يمكن أن يستبدل الذكاء الاصطناعي بعض الوظائف، ويمكنه أيضًا أن يساعد بعض الأشخاص في أداء وظائفهم بسرعة أكبر.
تعد التقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي قادرة على تحديد المهام التي يمكن استبدالها بالآلات، ويمكن تلخيص بعض المهن التي قد تتأثر بالتطورات في هذا المجال على النحو التالي:
1- معالجة البيانات: يمكن للتقنيات الذكاء الاصطناعي استبدال مهام معالجة البيانات وتحليلها بطريقة أسرع وأكثر دقة، مما يعني أن مثل هذه المهام يمكن أن تشغلها الآلات بدلًا من البشر.
2- الأعمال الإدارية: من الممكن أن يستبدل الذكاء الاصطناعي بعض المهام الإدارية مثل إعداد التقارير والجداول الزمنية وغيرها، مما يعني أن بعض الوظائف الإدارية يمكن استبدالها بالآلات.
3- الخدمات الاستشارية: يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام البيانات وتحليلها لتقديم بعض الخدمات الاستشارية، مثل تنبؤات الأسواق والاستثمارات والتخطيط الاستراتيجي، مما يعني أن بعض الاستشاريين يمكن استبدالهم بالآلات.
4- الخدمات المصرفية: يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام البيانات المالية والاقتصادية لتحليل وتنبؤ بأداء الأسواق والاستثمارات، ويمكن أيضًا استخدامه لتحليل البيانات المتعلقة بالعملاء وتوفير خدمات مصرفية مخصصة لهم.
5- الصناعات الإنتاجية: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتحكم في العمليات الصناعية وتحسين كفاءتها، مما يعني بعض الوظائف في هذا المجال يمكن استبدالها بالآلات.
وبالرغم من أن هناك بعض المهن المعرضة للخطر إلا أن هناك مهن أخرى يمكن أن يستفيد بها البشر من الذكاء الاصطناعي، ومن أبرز هذه المهن:
1- الطب: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الطبية وتحديد التشخيصات، وتطوير العلاجات المخصصة وتحسين الرعاية الصحية بشكل عام.
2- الزراعة: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الزراعية وتحسين الإنتاجية والكفاءة، وتحديد الأمراض والآفات والعمل على منع انتشارها.
3- البيع والتسويق: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات العملية وتوقع الطلب وتحديد الاتجاهات، وتحسين العمليات التسويقية وزيادة المبيعات.
4- التعليم: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات التعلم والتدريب وتحديد الاحتياجات التعليمية الخاصة بكل طالب، وتوفير تجارب تعليمية مخصصة وفعالة.
5- القانون: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل المعلومات القانونية وتوفير البحوث والمعلومات القانونية وتحسين القرارات القانونية.
6- السيارات الذاتية القيادة: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تقنيات السيارات الذاتية القيادة وتحسين الأمان والكفاءة.
7- الإنتاج التلقائي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المتعلقة بالإنتاج وتحسين الكفاءة وتحسين جودة المنتجات.
8- البناء والهندسة: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الهندسية وتحسين الإنتاجية والكفاءة وتحديد الاحتياجات التصميمية.
9- الطاقة: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطاقوية وتحسين الإنتاجية وتحسين الكفاءة الطاقوية.
مخاوف الخصوصية والأمان
التطورات الكبيرة في المجال التكنولوجي تفتح المجال أمام العديد من التساؤلات منها تساؤلات المتعلقة بأمان وخصوصية المستخدمين، وبالرغم من أن الشركات التقنية تميل لأن تطمئن مستخدميها بأن بيناتهم سرية ولا يمكن الاطلاع عليها إلا أن الأمر في الواقع غير آمن تمامًا.
فعليًا إذا استطاع شخص ما اختراق أي جهاز ترتديه فيمكنه الوصول إلى كل معلوماتك وحركاتك واستخدامها في أي شيء يريد، وقد يسوء الأمر ويصل إلى حد التحكم الكامل بك.
على سبيل المثال نظارة أبل والتقنيات الموجودة بها إذا تم إساءة استخدامها سيعرف المخترق كل شيء عنك حتى مخاوفك.
وتواصلت «البوابة» مع أحمد عماد الدين السيد، مسئول وإخصائي المشروعات بأحد البنوك المصرية، وسبق له العمل في أحد مشروعات أمان البنوك، قال إنه بالرغم من أن بيانات الأشخاص مشفرة على معظم الأجهزة الذكية منها نظارة أبل بالإضافة إلى أنه يمكن إغلاق بعض المميزات وقفل الوصول إليها إلا أنه في الواقع لا يوجد تقنية محصنة بالكامل وأي جهاز تقني معرض للاختراق والاستغلال.
بشكل عام أصبحت التقنيات الجديدة التي ذكرناها أمرا واقعا وحتى نستطيع الاستفادة منها يجب تنظيمها واستخدامها بحذر، فهي مثل أي اختراع جديد يمكن استخدامه لإفادة الناس ويمكن أيضًا أن يمثل ضررا وخطرا على البشر.