استمرت أعمال الشغب في عدة مناطق فرنسية لليوم الرابع على التوالي حيث طالت مباني ومرافق عامة ومدريات للأمن وحرق نحو 700 سيارة، على خلفية مقتل الصبي نائل ( 17 سنة ) برصاص شرطي الثلاثاء في مدينة نانتير بضواحي باريس.
وأعلن وزير الداخلية الفرتسي جيرالد دارمانان أنه تم توقيف 667 شخصا ليل أمس الخميس في أحداث أعادت إلى الذاكرة اضطرابات 2005 المأساوية والتي تسببت في اندلاع انتفاضة الضواحي، كما أصيب 247 شرطيا ودركيا خلال المواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين.
ردا على هذا الوضع، أعلنت عدة بلديات منها بلدتا كلامار ومودون، عن فرض حظر تجول من الساعة 21:00 حتى الساعة 06:00 في اليوم التالي، من مساء الخميس إلى صباح الاثنين القادم. نفس القرار أصدرته سلطات مدن وضواحي نيويي سور مار وكومبيين.
فيما أعلنت الحكومة الفرنسية عن نشر 40 ألف شرطي ودركي في أرجاء البلاد منهم خمسة آلاف في باريس وضواحيها القريبة، لمواجهة أعمال شغب محتملة مرتبطة بمقتل الفتى.
ماكرون يختصر القمة الأوروبية ويعود مسرعاً
قطع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته لبروكسل، عاصمة الإتحاد الأوروبي، حيث كان يحضر اجتماعات القمة الأوروبية وعاد مسرعًا صباح اليوم لبلاده ليترأس اليوم اجتماعا جديدا لخلية الأزمة الوزارية بحضور رئيسة الحكومة إليزابيث بورن، ووزير الداخلية والأقاليم وما وراء البحار جيرالد دارمانين، ووزير العدل الملقب في فرنسا ب(حارس الأختام)، إريك دوبوند موريتي، ووزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورنو، وزير الانتقال البيئي والتماسك الإقليمي، كريستوف باتشو، والوزير المنتدب المسؤول عن المدن والإسكان، أوليفييه كلاين. وقال ماكرون، إنه مستعد لتكييف نظام الشرطة "دون محرمات".
فرنسا تتأهب لفرض حالة الطواريء
لا تستبعد إليزابيث بورن اللجوء إلى حالة الطوارئ لاستتاب الأمن وعودة الاستقرار في البلاد وكي لا تفلت منها زمام الأمور. وفي هذا السياق، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن اليوم الجمعة من مركز شرطة إيفري كوركورون (إيسون) إن جميع الفرضيات مطروحة وممكنة"، بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ ، تتوخاها السلطة التنفيذية من أجل" عودة الاستقرار والأمن بعد ليلة ثالثة حارقة من أعمال الشغب. وقالت بورن: "سندرس كل الاحتمالات خلال اجتماع مع رئيس الجمهورية واضعين أولوية إعادة النظام الجمهوري على كل الأراضي الفرنسية.
وفي نهاية إجتماع خلية الأزمات الوزارية التي ترأسها ، أدان الرئيس ماكرون الوضع غير المقبول الذي تشهده البلاد. وقال:"لا شيء يبرر العنف، فهناك استغلال غير مقبول لوفاة المراهق ، وهو ما نأسف له جميعًا ، يجب أن تكون هذه المرحلة فترة تأمل واحترام".
ودعا إيمانويل ماكرون "جميع الآباء إلى تحمل المسؤولية"، ومن وزارة الداخلية ، ناشد ماكرون الأبناء للشعور بمسؤولية الآباء والأمهات والتفكير في حال العائلات وما يمكن أن يسببوه لهم" ، مضيفًا أن "ثلث المعتقلين الليلة الماضية هم من الشباب وأحيانًا فتيان صغار جدًا".
وقال: "يجب أن يبقوا في المنزل فهذه مسؤولية الوالدين، فمن المهم، لراحة البال للجميع أن تمارس المسؤولية الأبوية بالكامل في هذه الأوقات العصيبة، ويجب أن يعي الشباب أن لا يُقصد بالجمهورية أن تحل محل (آباء وأمهات الأسر) ".
كما أعلن رئيس فرنسا أنه حرصا على سلامة الناس، تقرر إلغاء كثير من الأحداث والفعاليات التي كانت ستعقد في هذه الفترة بباريس وزيادة القوات الأمنية في المناطق الفرنسية الحساسة والسياحية وتسريع الإجراءات القضائية للمشاغبين لسرعة مقاضاتهم الليلة.
والدة نائل تعتبر أن مقتله له دوافع عنصرية
أعربت منية والدة الفتى الجزائري الفرنسي نائل الذي أثار قتله برصاص شرطي أعمال شغب، عن اعتقادها أن الحادثة لها دوافع عنصرية.
وقالت منية لقناة "فرانسا الخامسة" في أول مقابلة إعلامية معها منذ إطلاق النار على وحيدها: "أنا لا ألوم الشرطة، أنا ألوم شخصا واحدا: الشخص الذي قتل ابني".
وأضافت: "لدي أصدقاء شرطيون. إنهم يدعمونني تماما... لا يتفقون مع ما حدث". واعتبرت أن الشرطي "رأى وجها عربيا، طفلا صغيرا، وأراد أن يقتله" فهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها قتل الشباب والصبية العرب والأفارقة.
الشرطي القاتل يعتذر لعائلة ضحيته
قدم الشرطي الفرنسي الاعتذار لعائلة الفتى نائل الذي أرداه قتيلا خلال عملية مراقبة مرورية في ضواحي باريس.
وقال المحامي لوران فرانك ليينار: "الكلمة الأولى التي نطق بها هي آسف، والكلمات الأخيرة التي قالها كانت لتقديم الاعتذار للعائلة".
وأضاف: "أصيب موكلي بصدمة شديدة من عنف هذا الفيديو.. الذي شاهده لأول مرة أثناء احتجازه لدى الشرطة"، في إشارة إلى الصور التي تظهره وهو يطلق رصاصة تسببت في وفاة الشاب نائل البالغ 17 عاما بعد رفضه الانصياع ووقف السيارة التي كان يقودها.
وتابع المحامي: "إنه منهار، فهو لا يستيقظ في الصباح ليقتل الناس. لا يريد أن يَقتل".
فيما وُجهت إلى الشرطي تهمة القتل العمد وأعيد إلى الحبس الاحتياطي، وأعلن ليينار أنه سوف يستأنف قرار الحبس صباح الجمعة.
الأمم المتحدة: على فرنسا معالجة "مشاكل عنصرية متجذرة" في صفوف قوات الأمن
طلبت الأمم المتحدة اليوم الجمعة من فرنسا معالجة مشاكل العنصرية والتمييز العنصري في صفوف قوات الأمن بعد قتل نائل.
وقالت رافينا شمداساني الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان خلال مؤتمر صحفي في جنيف: "حان الوقت ليعالج هذا البلد بجدية مشاكل العنصرية والتمييز العنصري المتجذرة في صفوف قوات الأمن".