لا تلوميني لأفكاري الجريئة... أول القصة في الأرض الخطيئة
لا أبونا آدم عف، ولا.. أمنا كانت من الذنب برئية
عصرا في دمنا تفاحة.. ما لنا فيما تغذيه مشيئة
هي في كل ذهاب نغم.. ولها ترنمية في كل جيئة.
صالح جودت
هكذا كان يتغنى صالح جودت بمشاعره تجاه محبوبته الخجولة البرئية معترفًا ببدايات الخطيئة من خلال قصيدته عصير التفاحة، فالموسيقى لديه شيء مقدس لا يمكن أن يستغني عنها مطلقًا، ففي شعره الفتنة والغواية والحب تنوعت قصائدة بين النيل والكعبة والحرم ومصر والحبيبة والقدس.
تحل اليوم الذكرى الـ 47 لرحيل شاعر الغواية صالح جودت والذي رحل عن عالمنا في الـ 23 من يونيو عام 1976.
صالح جودت هو نجم من نجوم الشعر مثل إبراهيم ناجي، ومحمد عبد المعطي الهمشري، وأحمد رامي، وحسن كامل الصيرفي، وغيرهم وغيرهم الكثير من شعراء جيله الكبار.
يقول أيضًا في قصيدة «أحلام المنصورة» من ديوان «الله والنيل والحب» : لي حبيب فيك أفديه بعمري، سمره النيل على خديه تجري، هو إلهامي وأحلامي وشعري، ونعيمي بين عينيه وسكري، كان عند الليلة الظلماء بدري
ويقول في قصيدة «أنا في الطريق إليك» من نفس الديوان :« أنا في الطريق إليك ، أحمل فرحتى وتلهفي وصبابتي و عتابی أنا في الطريق اليك أحسام بالمنى اللقاء فأستعيد شبابی عند أنا في الطريق إليك أمسح غضبتي وأزيل سالف حرفتی وعذابي أنا ما نسيتك يا هواى ، وإن يكن».
فعلى مدار خمسين عامًا من الإبداع الشعري، أنجز صالح جودت ستة دواوين شعرية أولها ديوان صالح جودت عام 1934 فديوان ليالي الهرم عام 1957 فديوان أغنيات على النيل عام 1962 فديوان حكاية قلب عام 1965 فديوان ألحان مصرية عام 1968 فديوانه الأخير الله والنيل والحب عام 1973، وتم إصدار طبعة جديدة وكاملة حقَّقها وقدَّم لها الأديب الباحث محمد رضوان، باسم « صالح جودت: شاعر الحب والحرية» حياته وشعره وقصائده المجهولة.
ولد صالح جودت في 12 من ديسمبر عام 1912 لأسرة متوسطة الحال، وخلال دراسته بكلية التجارة أصدر ديوانه الأول، ولإيمانه الشديد بالمذهب الشعري لأحمد شوقي فقد انضم إلى مدرسة أبولو الشعرية التي تعلى من الرومانسية في الشعر، وذلك منذ اجتماعها التأسيسي في 10 أكتوبر عام 1932 برئاسة أحمد شوقي في مجلسه الأدبي "كرمة ابن هانئ"
وعمل صالح جودت في بداية حياته محاسبًا ببنك مصر بحكم دراسته التجارية وحصوله على الماجستير في العلوم السياسية، ثم محرراً في صحيفة الأهرام، ثم بمجلة الإذاعة، وكان له باب ثابت تحت اسم «في حقيبة الرسائل»، وكان يختتمه بتوقيع «ص. ج»، حيث تصور البعض أنه توقيع صلاح جاهين، انتقل إلى "دار الهلال" واستقر بها لسنوات طويلة حتى عُيِّن سنة 1971 رئيساً لتحرير "مجلة الهلال"، كما أصدر"مجلة الزهور" ليكتب فيها الأدباء الشبان.
خاض كثيرًا من المعارك الأدبية والسياسية، اتَّسم معظمها بالحدّة والعنف، وبخاصة ما كان منها ضد المجددين في الشعر العربي، الذين أبدعوا النماذج الأولى في شعر التفعيلة أو الشعر الحرّ ثم في قصيدة النثر، وما أطلق عليه شعر الحداثة.
حققت أغنيته الفن نجاحًا لافتًا حيث كانت كلماتها تُعلي من قيمة الفن والفنانين والتي أشدت بها قيثار القلوب ليلى مراد والتي تقول كلماتها: "الدنيا ليل والنجوم طالعة تنورها نجوم غير النجوم من حسن منظرها".
أصدر ستة دواوين شعرية: منها ديوان صالح جودت، وليالي الهرم، وأغنيات على النيل، وحكاية قلب، وألحان مصرية، والله والنيل والحب، كما أصدر روايتين هما: «الشباك»، «عودي إلى البيت،»، وعددًا من المجموعات القصصية هي: «في فندق الله»، «وداعًا أيها الليل»، «خائفة من السماء»، «بنت أفندينا»، «كلنا خطايا»، «أولاد الحلال»، «أساطير وحواديت»، وعدد من كتب الرحلات أبرزها كتابه: «قلم طائر»، وملوك وصعاليك لكنها في مجموعها تنتسب إلى عالم الكتابة الصحفية أكثر من انتسابها إلى عالم الإبداع القصصي والروائي، فضلا عن عدة روايات وقصص قصيرة، وبعض المؤلفات الأدبية.
كما حصل على العديد من الجوائز والأوسمة منها:وسام النهضة الأردني عام 1951.،وسام العرش المغربي عام 1958.وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1959.ميدالية العلوم والفنون،جائزة أحسن قصيدة غنائية في السد العالي عام 1965.جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1958.