حصل الباحث اليمني مجيب عبد الله دحان فيروز الموفد من جامعة إب IBB UNIVERSITY بمحافظة إب بالجمهورية اليمنية على درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدا (ب) المقدمة لكلية الحقوق جامعة المنوفية بعنوان: "التطورات الحديثة فى مسئولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية دراسة مقارنة فى كل من (فرنسا - مصر - اليمن)"، من لجنة المناقشة والحكم على الرسالة المكونة من الدكتور إبراهيم محمد على أستاذ القانون العام ووكيل كلية الحقوق جامعة المنوفية سابقاً "مشرفاً ورئيساً"، والدكتور أحمد عبد الحسيب أستاذ القانون العام بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر ورئيس المكتب الفنى لرئيس جامعة الأزهر "مناقشاً وعضواً" والمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة "مناقشاً وعضواً".
وكشف الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أثناء المناقشة عن أخطر قضايا العدالة الأسرية العالمية بشأن "التأخير المفرط للقضاة" فى الفصل فى قضايا الأسرة التى يتوقف عليها الأمن المجتمعى بما يتجاوز "المدة المعقولة" فى دول أوروبا وفقاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وأن "تأخير القضاة المفرط " للفصل فى قضايا الأسرة بفرنسا يوجب التعويض، وأن فرنسا تعوض الزوجين المنتصر والخاسر إذا تأخر إنهاء النزاع الأسرى عن 9 أشهر للضرر المعنوي ما بين 150 - 200 يورو عن كل شهر تأخير بخلاف الضرر المادي .
ويقول الفقيه الدكتور محمد خفاجى أنه بموجب أحكام المادة L. 141-1) ) من قانون التنظيم القضائي الفرنسي، يتعين على الدولة إصلاح الضرر الناجم عن خلل فى اَداء الخدمة العامة للعدالة، وهذه المسئولية لا يتم ارتكابها إلا من خلال الإهمال الجسيم من القضاة أو الحرمان من العدالة، وأن الإهمال الجسيم للقضاة يُعرِّفه الفقه الفرنسى بأنه أي نقص يتميز بحقيقة أو سلسلة من الحقائق التي تعكس عجز الخدمة العامة للعدالة عن أداء المهمة الموكلة إليها أما الحرمان من العدالة فتكون حينما تتأخر المحكمة طويلاً عن الحكم في نزاع معروض عليها فى الوقت المعقول نتيجة عدم المضي في أي اجتهاد ذهنى للتحقيق أو الحكم في القضايا ؛ بما يشكل انتهاكًا لحق أساسي للمتقاضي.
ويضيف أن "التأخير المفرط للقضاة " فى الفصل فى القضايا بصفة عامة وقضايا الأسرة بصفة خاصة يؤدى إلى فشل الخدمة العامة للعدالة في أداء مهمتها الأساسية نحو الوفاء بواجبها في الحماية القضائية , بالمخالفة لأحكام المادة 6-1 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي كفلت لكل فرد الحق في الاستماع إلى قضيته في غضون فترة زمنية معقولة، على أن "الوقت المعقول" يتوقف على شروط الإجراء ، وطبيعة القضية ، ودرجة تعقيدها ، وسلوك الأطراف المعنية ، فضلا عن المصلحة التي قد تكون هناك من أحد الطرفين أو الآخر وتمكنه المحكمة فى التعطيل بما يحول دون حل النزاع بسرعة.
وأوضح الدكتور محمد خفاجى، أن "استطالة فترة طويلة غير معقولة" لحسم قضايا الأسرة والعمل تثير مسؤولية الدولة عن التأخير فى خدمات العدالة.
وكشف عن السوابق القضائية عن إدانة الدولة الفرنسية لتجاوزها الوقت المعقول للحكم، مما يثير مسئولية الدولة، وعلى سبيل المثال تفرض TGI Paris باريس عقوبات منتظمة على الدولة في مسائل الطلاق إذا تجاوز مدة الفصل فى النزاع بين الزوجين فترة من 12 يومًا حتى 9 أشهر بين تاريخ تقديم طلب الطلاق وتاريخ جلسة الصلح ,
وهو ما يعتبر تجاوزه مبالغا فيه، وبالمثل أياً إذا تعلق النزاع بقانون العمل حيث أمرت محكمة الاستئناف بباريس الدولة بدفع 6000 يورو كتعويض عن فترة حكم طويلة بشكل غير طبيعي لأن العامل انتظر 5 سنوات و 7 أشهر قبل أن تصدر المحكمة حكمها .
ويشير الفقيه المصرى إلي إن العدالة البطيئة هي عدالة سيئة وأمر يستحق اللوم ، إذ تعتبر TGI Paris أن المحاكمة هي بالضرورة مصدر قلق للمتقاضي وأن "الانتظار المطول غير المبرر" يؤدي إلى ضرر بسبب وقت القلق الإضافى، وبالمثل ترى محكمة الاستئناف في باريس أن الطول المفرط للحكم هو مصدر الضرر المعنوي الناجم عن الشعور بعدم اليقين والقلق المطول بشكل غير طبيعي الذي عانى منه أثناء توقع تقييم وضعه.
ويذكر الدكتور خفاجى أنه على الرغم من قضاة الأسرة يلعبون دورا جوهرياً فى قضايا الأسرة عن طريق الوساطة والوسائل الودية الأخرى باعتبار أن المحاكمة غالبًا ما تؤدي إلى "منتصر منهك" و"خاسر منتقم " فتجعل الوساطة من الممكن تقديم رد سلمي يقبله الأطراف، إلا أنه ينبغى ألا تؤدى الوساطة والوسائل الودية الأخرى إلى بطء العدالة والاستطالة غير المعقولة لحسم النزاع ! فالتفاوض تحت قيود التأخير غير المعقول ليس وضعًا مقبولاً ذلك أن "الحق في قاض ناجز" يجب أن يظل حقًا أساسيًا.
ويضيف من بين متطلبات المحاكمة العادلة التي تحميها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حق جميع المتقاضين في الاستماع لقضيتهم في غضون "فترة زمنية معقولة "، ورغم أنه قد يبدو مفهوم "الوقت المعقول" غامضًا ، إلا أنه يمكن وصف العديد من المحاكمات في فرنسا بأنها طويلة بشكل غير معقول , وعلى سبيل المثال فى النظام القضائى الفرنسى عام 2019 ، كان متوسط الوقت اللازم للحصول على قرار من المحكمة 2- 6 شهرًا من قبل القاضي ، و 4-9 شهرًا أمام المحكمة الابتدائية ، و5- 14 شهرًا أمام المحكمة التجارية، و14 شهرًا أمام محكمة الاستئناف ، و5- 15 شهرًا أمام المحكمة أو قاضٍ في الاتحاد الأوروبي وسنتين أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان .
ويختتم الدكتور خفاجي أنه فى عام 2021 قدمت لجنة القضاء العام الفرنسية تقريراً شديد الخطورة عن بطء العدالة، وطبقا للسوابق القضائية فإن "الوقت المعقول" لإنصاف المتقاضين أمام المحكمة العمالية هو 16 شهرًا من الإجراءات ، وأمام محكمة الاستئناف 12 شهراً، وهناك تعويض عن الضرر المعنوي سواء ربح المتقاضى قضيته أو خسرها، وسواء كان موظفًا أو صاحب عمل ستمنحه المحكمة ما بين 150 - 200 يورو عن كل شهر تأخير، هذا بخلاف الخسارة المالية التى تقدرها المحكمة عن الضرر المادي .
واكتظت قاعة فندق الجامعة بالجالية اليمنية وكثير من الباحثين والدارسين وأعضاء الجهات القضائية، للمناقشة التى استمرت 5 ساعات، وعند النطق بقرار لجنة المناقشة والحكم دوت القاعة بالتصفيق للباحث والمناقشة المثمرة من العلماء أعضاء اللجنة ومنحته إدارة الوافدين بالجامعة شهادة تقدير وتهنئة .