كانت مصر ولا تزال واحة للأمن والأمان ونقطة ارتكاز للدائرة، بل وعمود الخيمة وحجر الزاوية ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب وإنما في شتى أرجاء المعمورة.
وإذا كانت البلاد تقاس بما قدمت من نهضة علمية وفكرية وثقافية ومدى لحوقها بمواكب الحضارة والتقدم.
فإن مصر هي أصل الحضارة، ولذا قيل إن مصر جاءت أولا ثم جاء التاريخ بعدها وليس هذا الكلام عصبية أو قبلية أو ضربا من الخيال أو مجرد شعارات رنانة بل حقائق مؤكدة.
فمصر ليست دولة لقيطة الوجود كما أنها دولة لم تنشأ بوعد أو ميثاق وإنما حضارتها ضاربة بجذورها في شتى أرجاء الدنيا من أقصاها إلى أقصاها وممتدة تلك الجذور في أعماق التاريخ بلا أدنى ريب أو تزييف.
تاريخها العظيم أطول تاريخ مستمر لدولة في العالم لما يزيد عن 7000 عام قبل الميلاد ولذا فهو أطول تاريخ عرفته البشرية حيث تميزت مصر بوجود نهر النيل الذي يشق أرضها والذي اعتبر عامل مساعد لقيام حضارة عريقة بها، كما تقع مصر بموقع جغرافي متميز يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط.
كل هذا أدى إلى قيام حضارة عرفت بأنها من أقدم الحضارات في التاريخ الإنساني.
مصر هي المكان الذي احتوى الأنبياء، والأرض التي سارت أقدامهم المباركة عليها.
فقدم إليها الخليل سيدنا إبراهيم عليه السلام وتزوج من السيدة هاجر.
ووفد إليها سيدنا يوسف الصديق عليه السلام وأصبح فيها وزيرا للخزانة العامة
وتبعه إليها سيدنا يعقوب عليه السلام
والتاريخ ذاته خير شاهد على أعظم حوار بين الحق سبحانه وتعالى وسيدنا موسى عليه السلام على أرضها حيث كان التجلي الأعظم في طور سيناء.
وإلى مصر لجأت العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح طفلًا ويوسف النجار وقاموا برحلة تاريخية مباركة في أرضها.
وكان زواج النبي الأعظم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاه والسلام من السيدة مارية القبطية (المصرية).
ها وقد اختار الله سبحانه وتعالى مصر بالذات لتكون الملجأ الحصين الذي شاءت السماء أن يكون واحة السلام والأمان على الدوام وملتقى الأديان السماوية.
فجاءت إلى مصر قوافل آل البيت الطاهرين وفي مقدمتهم عقيلة بني هاشم السيدة زينب عليها السلام ومعها الثلة المباركة من الدوحة الهاشمية الطاهرة بعد فاجعة كربلاء ليخرج في استقبالهم على أبواب بلبيس الشرقيه أهل مصر وفي مقدمتهم والي البلاد مسلمة بن مخلد الأنصاري والذي خرج يستقبل الركب الشريف حافي القدمين.
وتدعو أميرة آل البيت السيدة زينب رضي الله عنها لأهل مصر:"آويتمونا يا أهل مصر اواكم الله ونصرتمونا نصركم الله جعل الله لكم من هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجا".
مصر بعصورها المتلاحقة.. الفرعوني واليوناني والروماني والقبطي والإسلامي والأسرة العلوية والجمهورية الأولى والجمهورية الثانية (الجديدة).
تاريخ كبير لا ينكره غير حاقد أو حاسد أو متآمر هنا أو خارج هنا.
قد تمرض مصر أحيانًا ولكنها لا تموت وقد تصاب ببعض العثرات ولكنها لا تلبث أن تفوق وتعاود مسيرتها مرة تلو أخرى.
إنها مصر يا سادة كانت ولا تزال وستظل دولة كبيرة.. فرفقا بها .