تتعدد وتتنوع قصص الكفاح الممزوج بالتفوق والتميز، بين أبناء وطلاب مصر، خاصة بين أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وأيضًا الأبناء الذين لديهم ظروف خاصة، وما أشبه الليلة بالبارحة، فقبل عدة سنوات حصد أحد أبناء محافظة كفر الشيخ على المركز الرابع علي مستوي الجمهورية، في الثانوية العامة، معترفًا بفضل والدته التي ربته وعلمته هو وأشقائه من عملها في بيع أسطوانات الغاز، واليوم تطل علينا قصة أخرى لطالبة من أبناء محافظة كفر الشيخ، تسطر قصة كفاح ونجاح، ممزوجة بالألم والمعاناة.
بطلة هذه القصة هي الطالبة منة الله عماد محمد، الحاصلة على الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ، من مدرسة اللغات التجريبية بمدينة الحامول، بمجموع 279.5 المركز الأول مكرر، وذلك بعدما سردته من معاناتها مع والداها الذي تركها هى وشقيقيها، بلا رعاية أو دخل أو حنان وسند في هذه المرحلة، رغم أنه مازال على قيد الحياة ويعمل مهندسًا.
تقول منة الله، حينما علمت بأنني الأولى على مستوى الجمهورية، مر أمام عيني شريط الذكريات المؤلم، وأنا أحتضن أمي، التي تعتبر هي أبي وصديقتي وأمي وعائلتي وسندي في هذه الدنيا، بعد الله، والتي دائمًا ماكانت في ظهري، تدفعني للتفوق، كنت كلما تذكرت تخلي أبي عني وعن أشقائي منذ 6 سنوات، وقيامه بتطليقه أمي غيابيًا قبل سنتين، وأيعازه لأعمامي، بإخلاء شقتنا من الأثاث، أبكي، فتحتضني أمي، وتطالبني بمواصلة الدراسة والتفوق، كانت تنصحني بالصلاة وقراءة القرآن حتى اتحمل وأصبر، كنت أذاكر على جردل بدل المنضدة والمكتب، وأنام علي مرتبة علي الأرض بدون سرير، بالرغم من برودة الجو.
وأضافت منة، قائلة: فترة الشتاء كانت صعبة علينا لأني كنت بذاكر على البلاط، موجهة رسالة لوالدتها: بشكرها ولو قعدت لسنين جاية كتير مش هقدر أوفيها حقها، مهدية إليها تفوقها.
وأوضحت «منة» إن والدها انفصل عن والدتها وتركهم وذهب للعمل في دولة عربية، مؤكدة أنه لم يتواصل معهم منذ 6 سنوات، وأن الانفصال كان غيابيا منذ سنتين دون أن تعلم والدتها بحقيقة الأمر.
وأشارت إلى أنها تسكن في شقة سكنية خالية من المنقولات، قائلة: “عايشة على مرتبة وبذاكر على جردل”، مؤكدة أنها تعيش في هذه الحالة منذ عامين هي ووالدتها وشقيقها والآخر الذي يبلغ من العمر 5 سنوات ويسكن مع جدته بمدينة المنصورة، لأنه لا يستطيع أن يتحمل هذه الظروف الصعبة.
وتابعت: “في 3 إعدادي وجهتني مشاكل وصعاب كتير، إحنا دلوقتي عندنا قضية طرد يعني ممكن في لحظة يطردوني من البيت، تعرضت لمشاكل وضغوطات، ومشاكل مع أهل والدي، خدوا العفش، مفيش أي حاجة في الشقة غير مرتبة، وجردل بذاكر عليه”.
وأكدت منة الله، بأنها ستواصل حلمها في التفوق، بأن تكون من أوائل الجمهورية في الثانوية العامة، وأنها تحلم بدخول كلية الطب، مشيرة إلى أنها تقبل يد والدتها ليل نهار، وتشكر خالها الذي ينفق على أسرتها.
ووجهت منة، لوالدها الذي تخلى عنهم قائلة: “شكرًا على اللي حصل منك، خلتني أعتمد على نفسي، خلتني ناضجة وأتحمل المسئولية، شكرًا علي كل الألم والوجع اللي مرت به”.
وقال اللواء جمال نور الدين محافظ كفر الشيخ، إن تكليفات رئاسية، قد وصلت لمؤسسة حياة كريمة والأكاديمية الوطنية للتدريب، بمتابعة متطلبات منة وأسرتها، حيث أوصت بتبني مطالبهم الاجتماعية، وتحمل نفقات تعليمها حتي تخرجها من الجامعة، فضلًا عن إعادة فرش منزلهم بالأثاث خلال الأيام المقبلة.