الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

فورين بوليسي: غياب روسيا عن مجلس القطب الشمالي يشكل تحديا

روسيا
روسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رأت دورية "فورين بوليسي" الأمريكية أن مجلس القطب الشمالي، المكون من الدنمارك وآيسلندا وكندا والنرويج وروسيا والولايات المتحدة وفنلندا والسويد، بالإضافة إلى منظمات السكان الأصليين لهذه المنطقة، سيتأثر بغياب روسيا، العضو الأكبر جغرافيا (تمثل 45 بالمائة من جغرافيا المنطقة)؛ نظرا لرفض الدول الأعضاء التعاون مع موسكو في ظل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. 
وأشارت "فورين بوليسي"، إلى أن مجلس القطب الشمالي، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الشمالية ومنظمات السكان الأصليين في هذه المنطقة في مجالات العلوم والشحن وغيرها، اجتمع في 11 مايو الماضي، لنقل رئاسة المجلس من روسيا إلى النرويج، موضحة أن المجلس كان علق نشاطه منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022.
ونقلت الدورية الأمريكية عن مورتن هوجلوند، أحد المسؤولين النرويجيين بملف القطب الشمالي، قوله - في تصريحات عقب الاجتماع مباشرة - إن الاجتماع "كان مباشرًا للغاية ونراه ناجحًا.. إذا كان لدى شخص ما مصلحة في ألا تسير الأمور كما هو مخطط لها، كان من الممكن أن تخرج الأمور عن مسارها بسهولة"، لافتة إلى أن تصريحات المسئول النرويجي تشير إلى روسيا؛ نظرا إلى أن مجلس القطب الشمالي رفض من جانب واحد التعاون مع أكبر عضو جغرافي في مارس العام الماضي، نتيجة للعملية العسكرية الروسية؛ ما أدى إلى تعطل مشروعات المجلس البالغ عددها 130 مشروعا.
وأوضحت "فورين بوليسي" إلى أنه مع قيادة النرويج، إحدى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لمجلس القطب الشمالي، سيستأنف المجلس عمله رسميًا، مع الأخذ في الاعتبار أن النرويج لا ترغب في عودة روسيا إلى المجلس؛ مما يثير تساؤلات عملية حول ما يمكن لهذا المنتدى تحقيقه في الواقع بدون أكبر مساهم جغرافي كما تعتمد طرق الشحن على المياه الروسية وتعتمد أبحاث المناخ على بياناتها.
ونقلت الدورية الأمريكية عن سفين فيجلاند روتيم، الباحث في معهد "فريدجوف نانسن" النرويجي ومؤلف كتاب "مجلس القطب الشمالي: بين حماية البيئة والجغرافيا السياسية"، قوله إنه "من الناحية الفنية، لا يوجد مجلس للقطب الشمالي بدون روسيا.. لذا يمكن للمرء أن يسأل: ما هي هذه المجموعة بالضبط الآن؟".
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن مجلس القطب الشمالي، الذي تأسس في عام 1996 في رؤية ما بعد الحرب الباردة لسلام الشمال، ليس له نظير عالمي حقيقي؛ فهو المجموعة الدولية الوحيدة التي تضم قادة من السكان الأصليين إلى جانب ممثلين من ثماني وزارات خارجية كأصحاب مصالح متساوين، فضلا عن مشاركة 13 دولة كعضو مراقب في المجلس. ونظرا لأن عمل المجلس ليس قائما على معاهدة؛ فإن هؤلاء القادة يتمتعون بالمرونة للموافقة أو الاستثمار في مشاريعهم بشكل مستقل.
ويقول لارس أوتو ريرسن، الذي شغل منصب السكرتير التنفيذي لبرنامج الرصد والتقييم في القطب الشمالي (AMAP) التابع للمجلس لمدة 25 عامًا: "إنها مجموعة فريدة تمامًا تم تشكيلها حول مجموعة محددة من التحديات.. معظم قادة دول القطب الشمالي لا يقيمون هناك. ومعظم المشاكل في الشمال لا يمكن حلها هناك أيضًا".
وأوضحت الدورية الأمريكية أن التلوث يمثل أول مشكلة تثير الاهتمام العالمي، ففي عام 1991 أطلقت فنلندا برنامج AMAP، ثم مشروع ما بعد الحرب لرصد التلوث في جميع أنحاء أقصى الشمال، والذي توصلت نتائجه إلى أن دماء سكان القطب الشمالي تحتوي على أعلى تركيز على كوكب الأرض من الملوثات العضوية الثابتة (وهي نوع من المركبات العضوية المقاومة للانحلال البيئي من خلال العمليات الكيميائية والبيولوجية والتحلل الضوئي)، كما وجد أن المناطق الشمالية الباردة كانت بمثابة "حوض" عالمي تصب فيه هذه الملوثات الكيميائية السامة التي تتراكم في دماء الأنواع القطبية الأساسية للأنظمة الغذائية للسكان الأصليين؛ مما جعل البرنامج يدرك أنه أمام تحدٍ مزدوج.
وعلى مدى العقد الذي أعقب تأسيس البرنامج، ساعدت بياناته، إلى جانب التوصيات المتعلقة بالسياسات، في بناء اتفاقية ستوكهولم لعام 2001 الملزمة قانونًا بشأن الملوثات العضوية الثابتة.
وأشارت الدورية الأمريكية إلى أنه في عام 1996، جرى تشكيل مجلس القطب الشمالي لحماية البيئة والشعوب في الشمال، ومنذ ذلك الحين، عملت مجموعات العمل الست بقيادة الخبراء: (المراقبة – التطهير والحفظ - المحيطات - الشعوب - البحث والإنقاذ - التنمية المستدامة)، لإحداث تأثير على القانون الدولي، حيث ساهمت البيانات المنشورة في تقييم الشحن البحري في القطب الشمالي لعام 2009 بشكل مباشر في تشكيل الكود القطبي التنظيمي للمنظمة البحرية الدولية.
وأوضحت "فورين بولسي" أنه منذ مارس العام الماضي، توقف المجلس عن بعض المشاريع وكانت فترة التوقف قصيرة؛ فبحلول شهر يونيو، استؤنفت بعض المشاريع دون مشاركة روسية، كما واصلت أمانة الشعوب الأصلية، التي تدعم منظمات السكان الأصليين الست بشكل مستقل عن المجلس، عملها، لكن بالنسبة لعلوم المناخ ومشروعات مراقبة البيئة - التي تعتمد على جمع البيانات المتسقة عبر الحدود – كان هذا التوقف بمثابة ضربة هائلة.
وفي هذا الصدد، قال لارس أوتو ريرسن، الذي شغل منصب السكرتير التنفيذي لبرنامج الرصد والتقييم في القطب الشمالي: "هناك كمية هائلة من البيانات لم نعد نحصل عليها بعد الآن.. بالإضافة إلى البيانات الروسية التي نعلم أنه لا يتم جمعها؛ نظرا لأن هذه المشاريع جرى تمويلها من قبل الدول الغربية".
وأوضحت "فورين بوليسي" أن مجلس القطب الشمالي منذ نشأته لعب دورًا جديدًا في ظل مرحلة دبلوماسية في ساحة عالمية تنافسية بشكل متزايد.. ففي العقد الماضي، شكل ذوبان القطب الشمالي بابا جديدا للمنطقة فيما يتعلق بالشحن واستخراج الموارد وفرص اقتصادية أخرى؛ مما أدى إلى ازدياد الاهتمام بالمجلس وأنشطته.
وفي عام 2013 وتقديرًا للمصالح المتزايدة في الشمال؛ أضاف المجلس ست دول جديدة بصفة مراقب، هي: الصين واليابان والهند وإيطاليا وسنغافورة وكوريا الجنوبية. وفي عامي 2018 و2022، رُشح المجلس لجائزة نوبل للسلام.
ونقلت "فورين بوليسي" عن أندرياس أوستاجين، الباحث في معهد القطب الشمالي، قوله: "إن القيمة الحقيقية لهذا المجلس تتمثل في الإنجازات العملية لمجموعات العمل ومشاريعها".
وأوضحت الدورية الأمريكية أن "حتى تلك المشاريع، تتجه، دون مشاركة روسية، إلى طريق مسدود؛ إذ أن مجلس القطب الشمالي هو منتدى قائم على الإجماع، وتتطلب مشاريعه موافقة كاملة من الأعضاء، وما لم يغير المجلس متطلبات اتخاذ القرار، أو يقرر تضمين روسيا، فإن مجال عمله سيكون محدودا".
وأضافت أن روسيا قد لا تنتظر حتى تتم دعوتها مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، ففي فبراير الماضي، عدلت روسيا سياستها في القطب الشمالي، وأزالت كل ذكر لمجلس القطب الشمالي. وخلال خلال العام الماضي، عززت روسيا تعاونها في القطب الشمالي مع الصين وتضمن ذلك العمل على إنشاء محطة أبحاث جديدة مقترحة في منطقة "سفالبارد" مع دول منظمة "بريكس".
ومع ذلك، وفي اجتماع 11 مايو، وقع المسئول الروسي في مجلس القطب الشمالي، نيكولاي كورشونوف، على الإعلان المشترك الصادر عن المجلس، وهو ما وصفه مارتن هوجلوند المسئول النرويجي في ملف القطب الشمالي بـ"خطوة قوية إلى الأمام.. أردنا أن نعطي رسالة مفادها أن مجلس القطب الشمالي لم يمت، ولا يزال موجودا، ونريد أن نجعله ذا صلة مرة أخرى".
ونقلت الدورية الأمريكية، عن فولكر راشولد مدير مكتب القطب الشمالي الألماني، قوله إن "الإعلان المشترك هذا العام كان غير معتاد للغاية"، وأوضح أنه عادةً، بعد التأكيد على هدف المجلس، يحدد الإعلان الأهداف والمشاريع الجديدة للعامين المقبلين، إلا أن البيان هذا العام كان "مقتضبا بشكل ملحوظ.. فبعد الملاحظات الافتتاحية المعتادة، بدا أن الأمر قد توقف عند هذا الحد"، فيما يرى المسئول النرويجي أنه في الوقت الحالي لدى النرويج الكثير لتحققه.
واختتمت "فورين بوليسي" بالإشارة إلى أنه في يونيو الجاري، سيجتمع قادة مجلس القطب الشمالي مرة أخرى، بدون روسيا؛ لمناقشة المسار المحتمل للمضي قدما في أعمال المجلس.
وأعرب هوجلوند عن أمله في أن يمثل هذا الأمر تحديدا للخطوات التالية بحلول نهاية الصيف، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المجلس لن يستطيع استئناف عمله بكامل قوته.
وأضاف: "لسنا هنا لنقول إننا عدنا.. نحن نركز على السير خطوة بخطوة.. إذا انهار التعاون تمامًا، فسيكون من الصعب جدًا إعادة بنائه من الصفر".