الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

أمل دنقل الجنوبي الخالد.. رفض التصالح وحارب السرطان

أمل دنقل
أمل دنقل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه.. يشتهي أن يلاقي اثنتين: الحقيقة – والأوجه الغائبة»، بهذه الكلمات اختتم الشاعر أمل دنقل حياته الشعرية ليرحل عن عالمنا ويترك تاريخا كبيرا من النضال، وتبقى أشهر قصائده التي يحفظها الجميع "لا تصالحْ! .. ولو منحوك الذهب .. أترى حين أفقأ عينيك .. ثم أثبت جوهرتين مكانهما..هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى".

أمل دنقل أيقونة الجنوب الخالدة 

ولد أمل دنقل  في أسرة صعيدية في عام 1940 بقرية القلعة، مركز قفط بمحافظة قنا في صعيد مصر وتوفي في 21 مايو عام 1983م عن عمر 43 سنة زوجته هي الصحفية عبلة الرويني.

الشاعر محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل كان والده عالماً من علماء الأزهر الشريف مما أثّر في شخصية أمل دنقل وقصائده بشكل واضح، سُمّي أمل دنقل بهذا الاسم لأنه ولد بنفس السنة التي حصل فيها والده على إجازة عالمية فسماه باسم أمل تيمنا بالنجاح الذي حققه.

ورث أمل دنقل عن والده موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي، وأيضاً كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي مما أثر كثيراً في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى لهذا الأديب، فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيراً واكسبه مسحة من الحزن تجدها في كل أشعاره.

انتقل دنقل إلى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا وفي القاهرة التحق بكلية الآداب ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكي يعمل، عمل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفاً في منظمة التضامن الأفروآسيوي، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر. كمعظم أهل الصعيد، شعر أمل دنقل بالصدمة عند نزوله إلى القاهرة أول مرة، وأثّر هذا عليه كثيراً في أشعاره ويظهر هذا واضحاً في أشعاره الأولى.

كان دنقل مخالفاً لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة، عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية ما ساهم في تشكيل نفسيّته وقد صُدِم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ومجموعته" تعليق على ما حدث".

أمل دنقل ومعاهدة السلام 

شاهد دنقل بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام، ووقتها أطلق رائعته" لا تصالح "والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، ونجد أيضاً تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحاً في مجموعته" العهد الآتي"، كان موقف دنقل من عملية السلام سبباً في اصطدامه في الكثير من المرات بالسلطات المصرية وخاصة أن أشعاره كانت تُقال في المظاهرات على ألسن الآلاف.

عبر  دنقل عن مصر وصعيدها وناسها، وتجلي ذلك في قصيدته "الجنوبي" في آخر مجموعة شعرية له "أوراق الغرفة 8"، حيث عرف القارئ العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" الصادر عام 1969 الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارئ ووجدانه.

صدرت له ست مجموعات شعرية منها :"البكاء بين يدي زرقاء اليمامة بيروت، تعليق على ما حدث، بيروت 1971، ومقتل القمر  بيروت 1974، والعهد الآتي بيروت 1975، وأقوال جديدة عن حرب بسوس، القاهرة 1983، وأوراق الغرفة 8 القاهرة 1983".

أمل دنقل والسرطان ..  صراع بين متكافئين، الموت والشعر

حارب دنقل السرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته "أوراق الغرفة 8"، وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب الأربع سنوات، وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته، وهناك أيضاً قصيدته "ضد من" التي تتناول هذا الجانب، والجدير بالذكر أن آخر قصيدة كتبها دنقل هي "الجنوبي"، لم يستطع المرض أن يوقف أمل دنقل عن الشعر حتى قال عنه أحمد عبد المعطي حجازي: "إنه صراع بين متكافئين، الموت والشعر".

رحل أمل دنقل عن دنيانا في يوم السبت الموافق 21 مايو عام 1983م لتنتهي معاناته في دنيانا مع كل شيء، كانت آخر لحظاته في الحياة برفقة الدكتور جابر عصفور وعبد الرحمن الأبنودي صديق عمره، مستمعاً إلى إحدى الأغاني الصعيدية القديمة، أراد أن تتم دفنته على نفقته لكن أهله تكفلوا بها.