حينما يسقط القدوة..يسقط المجتمع، وحينما يتفشى الكذب تموت الضمائر، ويهجر الدين الناس حتي لو تورمت أقدامهم من السجود، كونوا أباء قدوة ومعلمين قدوة ورجال دين قدوة، بالفعل قبل القول، فأنتم ركائز المجتمع فإن انهارت ضمائركم ووهنت قيمكم سقط المجتمع، وعقمت نسائه على إنجاب غير الساقطين..أردت أن أستهل بهذه الكلمات لعلها تهدئ شيءً من روعي لأني أكتبها من فيضان حزني على ما وصل اليه المجتمع من سقوط في القيم وسقوط في الثوابت ومبادئ المجتمع التي كانت سياح يحمي أفراده من "السقوط "في الزمن الجميل فضلًا عن الازدواجية في المعايير.
أصبحنا نرى أب يكذب فيتعلم منه أبنه الكذب وقد يورث الكذب لأحفاده ومدرس يتحدث بالألفاظ البذيئة، ويبتز طلابه، ويتبع سلوكيات لا تتناسب مع دوره المخول له كمربي أجيال، وشيخ يتحدث بخلاف ما يفعل ويعظ بما لا يفعل، ويعتبر الدين وسيلة وليس غاية، وطبيب يستغل المرضى ويخون شرف مهنته، وإعلامي يتاجر بالكلمة ويكيل بمكاليين.
لست أعني بهذا تشويه تلك المهن العظيمة أو التعميم، فكل مهنة بها العظماء والدخلاء، فهناك نماذج مشرفة في كل مهنة، وأروع مثال الطبيب المصري الراحل محمد عبد الغفار مشالي، والإعلامية والمربية الكويتية الفاضلة ماما أنيسة، وإنما أرادت أن ألقى الضوء النماذج السبيلة التي تعد عبيء على كاهل مجتمعنا لأنها تورث الفساد بكافة أنواعه الأخلاقي والإجتماعي والقيمي والفكري، وتلوث القوى الناعمة منها عقول الأجيال لأن إستراتيجة بناء العقول ونشر الوعى أقوى بالإقتداء عن التقلين.
ولقد خص الله أمة الإسلام بخيريتها على الأمم فقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]، كما خصها بوسطيتها بين الأمم حيث قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143]، وفي جعل الرسول هو خاتم الأنبياء وجعل الإسلام خاتم الديانات ما يؤكد تمام كمال الرسالة المحمدية وأنها حوت ما تضمنته الرسالات السابقة، وفي هذا ما لا يخفى من دعوة غير المسلمين لمحاكاة هذه الأمة الخاتمة الراشدة وجعلها قدوة، واتباع هذا النبي الخاتم واتخاذه أسوة كما ورد في قوله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]
إن الهيبة لم تأتي من القوى والجبروت، ولا الظلم، الهيبة تأتي من حب العدلة والانتماء للأهل، وأن تكون سند لأهلك وتعمل بحب لصالح عائلتك وتحمي الضعيف وإن ضعفت شوكته وتحجم الظالم وإن زادت قوته، وأن تنصر الحق لأنك تعلم أنه حق، وتحارب الباطل لأنك تعلم أنه باطل، الهيبة تأتي من كل معاني النخوة والرجولة واحترام الكلمة
القدوة الحسنة ظاهرة يجب أن ننمي وجودها في المجتمع سواء على المستوى الأسرى والعائلي والعلمي والعملي لأنها تصدر مكارم الأخلاق بين الأفراد وبعضهم، ؛ كالآباء لأبنائهم والمدرسين للتلاميذ، تكون أيضا بين المجتمعات، والشعوب والأمم، وتعد بمثابة سياج يحمي المنظومة الاجتماعية
ففي النطاق المجتمعي القدوة هو شخص نحتكم إليه في معظم الأمور الخلافية لكونه شخص " موزون " وعادل وحاسم في أقواله وأفعاله ورصين حديثه، وفي بعض الآحيان هو الضوء الذي من خلاله الناس حقيقة، فماذا إذا سقط هذا الضوء وأصبح ظلام وقاده الكذب والضلال لإشباع أهوائه؟...فماذا لو سقطت القدوة ؟
أترك لكم الإجابة..
وللأفكار ثمرات مادام في العقل كلمات وفي القلب نبضات..مادام في العمر لحظات