الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

مصريات

متحف جاير أندرسون.. ملتقى الحضارات في مصر القديمة

جانب من مقتنيات المتحف
جانب من مقتنيات المتحف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في القرن السادس عشر، وفوق جبل صغير يسمى "جبل يشكر"، في أعرق مناطق مصر القديمة السيدة زينب وبجوار مسجد أحمد بن طولون الشهير، قرر أحد المصريين ويدعى المعلم "عبدالقادر الحداد" في عام 1540م أن يبني بيتا فوق هذا الجبل، وبعدها بما يقرب من القرن وتحديدا في عام 1642م بنى الحاج "محمد الجزار"، أحد الأعيان في مصر، منزلا آخر بجوار بيت "الحداد"، أكبر حجما وأجمل في المعمار والزخرفة. 

وفي بداية القرن التاسع عشر، تم بيع "بيت الجزار" لسيدة من جزيرة كريت، وبيع "بيت الحداد" لسيدة من الصعيد، وهي "آمنة بنت سالم"، ومن هنا سمي المكان ببيت "الكريتلية" أو بيت "آمنة"، إلا أن الزمن كان قد أثر في جمال البيتين وتهدم معظم أماكنهما وساءت حالتهما.

عرض الترميم 

قررت الحكومة المصرية هدم البيتين أثناء مشروع التوسعة حول جامع أحمد ابن طولون، وكان هناك ضابطا وطبيبا إنجليزيا يقيم في مصر يدعى "جاير أندرسون"، عندما سمع بقرار الهدم تقدم في عام 1935م بطلب إلى لجنة حفظ الآثار العربية بأن يسكن في ‏البيتين ويقوم بترميمهما وتأثيثهما وعرض مجموعته الأثرية التي ترجع إلى عصور وحضارات مختلفة منها مقتنيات ‏مصرية قديمة وإسلامية، فضلا عن مقتنياته التي تنتمي إلى دول متنوعة مثل الهند، الصين، تركيا، إيران، إنجلترا، ودمشق على أن يصبح هذا الأثاث ومجموعته من الآثار ملكا للشعب المصري بعد وفاته ‏أو حين يغادر مصر نهائيا، ويتم تحويل المنزلين لمتحف يحمل اسم "جاير أندرسون"، وقد وافقت لجنة حفظ الآثار العربية على هذا الطلب.

جاير اندرسون 

ولد جاير أندرسون في بريطانيا عام 1881م، وعمل طبيبًا في الجيش الإنجليزي وكان من بين الضباط الذين خدموا في الجيش الإنجليزي والجيش المصري في وادي النيل، استقر أندرسون بمصر التي عشقها من كل جوانحه منذ عام 1908م، واعتبر أندرسون مصر وطنه الثاني. وقع "اندرسون" في غرام مصر وآثارها بشغف شديد، وفي مذكراته المحفوظة في متحف فكتوريا وألبرت بلندن يقول: "مصر أحب الأرض إلى قلبي لذلك لم أفارقها لأني قضيت بها أسعد أيامي منذ مولدي".

دمج البيتين

انفق "اندرسون" مبالغ طائلة على ترميم المنزلين، على نفس طرازهما المعماري السابق، وربطهما بقنطرة تصل بينهما، ونقل كافة قطعه الأثرية الثمينة، التي جمعها من كل أنحاء العالم، لتكون حوله في المنزلين، فجعل منهما صندوق كنز لعشاق تاريخ مصر والشرق الأوسط.

المتحف 

في عام 1942 م، اضطر "اندرسون" إلى السفر إلى إنجلترا بسبب اعتلال صحته، ولما توفي عام 1945م تسلمت الحكومة المصرية المنزلين بمحتوياتهما من آثار وتحف وحولتهما إلى متحف، وأطلقت عليه اسم "جاير اندرسون" في 17 يوليو ‏‏1943م، وأصبح الآن مقصدا للزائرين والسائحين من جميع أنحاء العالم. 

مقتنيات المتحف 

يُعّد متحف "جاير اندرسون" مثالا رائعا لمنزل قاهري على الطراز الشرقي، ويحمل كلا البيتين العديد من الخصائص المعمارية والفنية للمنازل المصرية خلال القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين من حيث التركيز على الزخرفة والإبداع في العناصر الداخلية للمنزل، ومراعاة القواعد الصحية مثل نفاذ أشعة الشمس إلى الداخل والتهوية الجيدة والإضاءة، وإلحاق حديقة بكل بيت.

تكمن أهمية متحف "جاير اندرسون" في اقتنائه ثروة مهمة من التراث المصري والإسلامي لا مثيل لها، والتي تقف شاهدا على  إبداعات الإنسان المصري خلال حقبة طويلة ممتدة في كل مناحي الحياة. 

مدخل البيت مصمم بنفس طريقة الحصون الإسلامية، ويحتوى على عدد من القاعات المميزة منها قاعة "السلاملك" وهي مجلس الرجال، وقاعة "الحرملك" الخاصة بالسيدات، وقاعة "الاحتفالات" المخصصة لعقد مجالس الطرب، إضافة إلى ذلك توجد قاعات تنتمي إلى حضارات معينة، مثل القاعات "الصينية" و"الهندية" و"الفارسية"، وقاعة "الملكة آن" ذات الطراز الأوروبي، والقاعة "المصرية القديمة" التي تحوي آثارا من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر اليوناني. 

كما يضم المتحف القاعة "الدمشقية"، والقاعة "التركية"، وبها صالون كانت بعض قطعة مستخدمة في بداية عصر الأسرة العلوية، ومن ضمنها كرسي العرش الذي نصّب عليه الخديوي إسماعيل، الى جانب قاعة "المكتبة" وتحتوي على عدد من الكتب النادرة واللوحات المرسومة.

أساطير بيت الكريتلية 

ألف "جاير اندرسون" الطبيب الإنجليزي مالك البيت كتابا أسماه" أساطير بيت الكريتلية"، ونشره في لندن ليحقق به نجاحا منقطع النظير، وكانت تلك الأساطير ترجمة لما دونه "اندرسون" عن طريق الشيخ سليمان الكريتلي الحارس لضريح "سيدي هارون الحسيني" سليل ذي الكرامات المدفون في بيت الكريتلية، وكل أسطورة في الكتاب مدعمة برسومات أشهر فناني الرسم على النحاس في ذلك الوقت الفنان عبدالعزيز "أبو شنب" التي رسمها على الأواني النحاسية بالمنزل حسب طلب "جاير اندرسون".

المتحف والسينما 

الموقع المميز لمتحف "جاير اندرسون" أهله لتصوير كثير من الأفلام السينمائية التي حملت روح مصر، مثل الأفلام المقتبسة من روايات الأديب العالمي الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ، وأهمها "الحرافيش" و"قصر الشوق"، وكثير من الأفلام على مدار سنوات.

ولم يقتصر الأمر فقط على السينما المصرية، إنما امتدت شهرته إلى السينما العالمية، إذ صور به بعض لقطات فيلم "The spy who loved me" أحد أفلام سلسلة "جيمس بوند" الشهيرة التي كانت في أواخر السبعينيات.

رحلة عبر الزمن 

زيارة متحف "جاير اندرسون" بالقاهرة بمثابة رحلة عبر الزمن، يمكن للمرء فيها أن يرى ويتعلم الكثير عن تاريخ الفترة الإسلامية في مصر والشرق الأوسط، فهو يعد مثالا ممتازا لما كانت عليه حياة التجار الأثرياء في مصر بدءا من القرن السادس عشر. 

FB_IMG_1681329915555
FB_IMG_1681329915555
FB_IMG_1681330109601
FB_IMG_1681330109601
FB_IMG_1681330119603
FB_IMG_1681330119603
FB_IMG_1681330125005
FB_IMG_1681330125005
FB_IMG_1681330157324
FB_IMG_1681330157324
FB_IMG_1681330160900
FB_IMG_1681330160900
FB_IMG_1681330171053
FB_IMG_1681330171053
FB_IMG_1681330179862
FB_IMG_1681330179862
gayeranderson8
gayeranderson8
received_171790202449756
received_171790202449756
received_753809863059987
received_753809863059987
received_767951481523994
received_767951481523994
received_791916309166051
received_791916309166051
received_804049513895410
received_804049513895410
received_1579303615913675
received_1579303615913675
received_1960598477613879
received_1960598477613879