رأت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية أنه على الرغم من الاتصال الهاتفي بين الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والذي أكد خلاله استعداد بكين تعزيز التعاون مع كييف، إلا أنه لا يزال هناك اختلاف كبير بين لغة الصين تجاه أوكرانيا عن لغتها تجاه روسيا.
وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الصيني ونظيره الأوكراني جاءت بعد أكثر من 14 شهرا على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، في حين أنه خلال الفترة نفسها، التقى شي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتين بصورة شخصية كانت إحداهما خلال زيارة رسمية للرئيس الصيني إلى موسكو في مارس الماضي، مضيفة أنه قبيل هذه الزيارة كانت هناك شائعات حول مكالمة مرتقبة بين شي وزيلينسكي إلا أنها لم تحدث وقتها.
وأوضحت الدورية الأمريكية أنه وفقا لبيان الخارجية الصينية حول المكالمة، فإنها بدأت بمناقشة الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وهو ما وصفته الدورية الأمريكية بـ"المعركة الشاقة"؛ نظرا إلى أنه "يُنظر إلى بكين على مستوى واسع على أنها تدعم ضمنيا الغزو الروسي لأوكرانيا".. كما قال الرئيس الصيني خلال المكالمة: "يحتاج الجانبان إلى التطلع إلى المستقبل، ورؤية العلاقات الثنائية والتعامل معها من منظور طويل الأجل، ودفع الشراكة الاستراتيجية بين الصين وأوكرانيا إلى الأمام".
ورأت "ذا ديبلومات" أن أكثر ما يثير الاهتمام في المكالمة هو تشابه تصريحات شي لزيلينسكي مع تصريحاته لبويتن الشهر الماضي، مرجحة أن يكون المقصود من هذا الخطاب المماثل هو أن تقدم بكين "دليلا على حيادها المزعوم" إلا أن الاختلافات في مواقفها تجاه جانبي الصراع تشير إلى غير ذلك.
وفي هذا السياق، أوضحت الدورية الأمريكية أن شي أكد لزيلينسكي أن الصين "مستعدة" للعمل مع أوكرانيا من أجل "تعزيز التعاون متبادل المنفعة"، في حين قال لبوتين في مارس الماضي، "بغض النظر عن كيفية تطور الوضع الدولي، ستواصل الصين بذل الجهود لدفع شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا لعصر جديد".
ونبهت إلى أنه على الرغم من أن أوجه التشابه واضحة، إلا أن الاختلافات مهمة: فـ"استعداد" الصين للتعاون مع أوكرانيا أقل تأكيدا من القول إن الصين ستتعاون مع روسيا؛ ففي الحالة الأولى، فإن المعنى الضمني هو أن بكين ترغب في القيام بشيء ما، من الناحية النظرية، لكن يقع العبء على الطرف الآخر لجعل ذلك ممكنا.. كما أن الصين "مستعدة" فقط للتعاون مع أوكرانيا في مجالات غير محددة، وهو تعبير أقل من دفع علاقتها مع روسيا إلى الأمام عبر جميع المجالات؛ مما يعني أن العلاقات بين الصين وروسيا ليس لها حدود على عكس علاقات بكين مع كييف.
وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أن حديث الرئيس الصيني تجنب ذكر الحرب الدائرة حاليا بين روسيا وأوكرانيا، إلا في إشارة إلى أن "الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي هو الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأوكرانية"، موضحة أن كييف حاولت إقناع بكين أكثر من مرة بإدانة العملية العسكرية الروسية إلا أن ذلك لم يحدث.. وكرر الرئيس الصيني، خلال المكالمة، موقف بلاده بأنه "يقف إلى جانب السلام.. وأن موقفها الأساسي هو تسهيل المحادثات من أجل السلام".
وأضاف: "بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ودولة رئيسية مسئولة، لن تقف الصين مكتوفة الأيدي، ولن تسكب الزيت في النار، ولن تستغل الموقف لتحقيق مكاسب ذاتية".
ورأت "ذا ديبلومات" أن النقطتين الأخيرتين موجهتان إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، اللذين تتهمهما الصين باستغلال الحرب لمصلحتهما، وأن تعهد شي بأن "الصين لن تقف مكتوفة الأيدي" يثير القلق، بالنظر إلى أن بكين قد فعلت ذلك على وجه التحديد خلال العام الأول من الحرب.
وأضافت الدورية الأمريكية أن توقيت المكالمة فيما يبدو يعكس رؤية الرئيس الصيني لفرصة سانحة لمحادثات السلام، فقد صرح شي أيضا بوضوح بأنه "من المهم اغتنام الفرصة وبناء ظروف مواتية للتسوية السياسية للأزمة"، وقال "إن بلاده سترسل ممثلها الخاص المعني بالشئون الأوروبية الآسيوية إلى أوكرانيا ودول أخرى لإجراء اتصالات متعمقة مع جميع الأطراف بشأن التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية".
ورأت "ذا ديبلومات" أنه من المتوقع أن تكون هناك جولة من الدبلوماسية المكوكية يشارك فيها مسئول صيني، مشيرة إلى أن تاريخ الوساطة الدبلوماسية الصينية يتراوح ما بين الإيماءات الشكلية والوساطة الجادة ذات النتائج الملموسة، مضيفة "يبقى أن نرى النموذج الذي تتبعه وساطة الصين في أوكرانيا".
ونقلت الدورية الأمريكية عن زيلينسكي قوله على "تويتر" إنه "أجرى مكالمة هاتفية طويلة وذات مغزى مع الرئيس شي جين بينج"، مشيرة إلى أن الرئيس الأوكراني لطالما أراد فرصة لإطلاع شي شخصيا على الدمار الذي تسببه الحرب في بلاده، وهو ما لخصته وزارة الخارجية الصينية بـ"ملاحظة جافة" مفادها بأن "زيلينسكي شارك بآرائه حول الوضع الحالي للأزمة الأوكرانية".
وأضافت أن زيلينسكي أشار، في تغريدته، إلى تعيين سفيرا لبلاده في الصين، والذي سيوفر قناة اتصال أخرى بين كييف وبكين، واصفا ذلك بالقول "أعتقد أن هذا سيعطي دفعة قوية لتنمية علاقاتنا الثنائية".. ولفتت "ذا ديبلومات" إلى أن الرئيس الأوكراني قال "إن هذه الخطوة ستدفع العلاقات الثنائية بقوة وليس جهود إنهاء الحرب".
العالم
ذا ديبلومات: لغة بكين تجاه كييف تختلف كثيرا عن لغتها تجاه موسكو
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق