إذا لزم الأمر، لا يزال قرار رفض اقتراح سحب الثقة من رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن بمثابة المذاق المر حيث أظهر هذا التصويت إلى أى مدى سقط جزء كبير من طبقتنا السياسية.
لقد مرت بلادنا بفترة حزينة للغاية فى تاريخها، وهى فترة عرفتها بالفعل طوال فترة ممتدة، خاصةً بعد الاضطراب الكبير فى عام 1789، عندما تم تهديد سلامتها واستقلالها، وشهدنا الصراع بين اليعاقبة "الجاكوبيين" والجيرونديين، فى عامى 1814 و1815 حيث رأينا الملكيين يلعبون الورقة الأجنبية ضد ورقة الأمة، ومثل كل ذلك نهاية حزينة لتلك الفترة.
وحتى يومنا هذا، سيقول البعض إن الوضع لم يعد على حاله، فنحن نشهد صراعًا بين أنصار الخضوع لنظام ديكتاتورى مالى وعديم الجنسية، يمثله أولئك الذين يسيطرون على كل من بروكسل وواشنطن وما بعدها.. والجانب الآخر هو المقاومون الجدد الذين يدافعون عن خط آخر قائم على الأمم وعلى اقتصاد منظم ويضعون الإنسان فى المقدمة.
فى بلدنا، ما زالوا يريدون منا أن نؤمن بالصراع بين اليسار واليمين، لكن هذا لم يعد يعنى شيئًا كما ندرك أنه على الرغم من اختلاف "التعبئة والتغليف"، فإن "المنتج" ينتهى به الأمر إلى البقاء كما هو.. لتحريك الجدل السياسى الزائف إلى حد ما، يُسمح بوجود "التطرفات" التى تعمل كمتنفس ولكنها لا تمثل خطرًا حقيقيًا على النظام القائم. لقد حان الوقت لقلب هذه الحدود السياسية والدخول فى قتال حقيقي. لم يعد الوقت مناسبًا للانقسام بين اليمين واليسار، بل لم يعد الوقت مخصصًا للجمع بين أولئك الذين يحركهم نفس الشعور الوطنى والاجتماعي. وبالفعل استطاع هذا التجمع القليل من الرجال فى تاريخنا تحقيقه، ولقول الحقيقة فى تاريخنا الحديث، نجد فقط لويس نابليون بونابرت وجورج كليمينسو وشارل ديجول. كل هؤلاء عرفوا كيف يضعون الاقتصاد فى خدمة السياسة والسياسة فى خدمة البلد، على نفس الأساس ألا وهو: فكرة محددة عن فرنسا!
هذه فرنسا التى رسمتها بعض الرسوم الكاريكاتورية كدولة صغيرة أو كدولة عفا عليها الزمن، كانت دائمًا قادرة على القيام بأشياء عظيمة عندما أصبحت تدرك ما هى عليه حقًا. تلك هى فرنسا التى لم تنغلق على نفسها ولكن تلك هى فرنسا المنفتحة على البحر المفتوح، وتعرف كيف تقدم للقارات الخمس رؤية مثالية ومختلفة لبناء العالم. يجب ألا تختفى فرنسا هذه ولن تختفى.
معلومات عن الكاتب:
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول، ما يعتبره "أزمة فرنسا"، ويدعو إلى ضرورة إحياء دورها فى العالم، والذى اضمحل كثيرًا، وفق رؤيته.