الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

مصطفى الزائدي يكتب: ماذا يريد الغرب؟.. بعيدًا عن بيع الوهم.. فتش عن «فاجنر»!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الحراك الذى يقوم به السفيران الأمريكى والبريطانى للظهور، يبدو وكأنهما حريصان على تمكين الليبيين من بناء سلطة وطنية تحظى بشرعية شعبية عبر الضغط الشكلى على الأطراف من أجل إجراء انتخابات قبل نهاية العام.. يحاولان تجاوز الحقيقة المعلومة للجميع بأنهما شخصيًا ضغطًا على مفوضية الانتخابات الليبية فى شهر ديسمبر ٢٠٢١ لإلغاء عملية التصويت التى كانت فى مراحلها النهائية، الأمر الذى عبر عنه رئيس المفوضية عماد السائح بالقوة القاهرة!.
الحقيقة أن ما يفعلانه ليس له علاقة لا بحل الأزمة الليبية ولا بالانتخابات ولا المصالحة الوطنية الليبيين، بل يقع ضمن ترتيبات الاستعداد للاستجابة لحالة الصراع العسكرى بين الغرب الانجلوساكسونى وروسيا، والذى يتطور بشكل متسارع إلى حرب شاملة وقد تتحول إلى حرب نووية فى أية لحظة.
الغرب منزعج من التمدد الروسى فى غرب أفريقيا عن طريق فاجنر التى تتواجد أيضًا فى وسط وجنوب ليبيا وتشكل ربما نقاط إمداد لقواتها، فى مالى وأفريقيا الوسطى وحاليًا بوركينا فاسو.
المتسرب من اللقاءات العلنية والسرية بين السفارتين وأحيانا السفارة الإيطالية مع بعض الشخصيات من مصراته وطرابلس وقيادات التشكيلات المسلحة فى الغرب الليبى، تتمحور حول مشروع تشكيل قوة من تلك التشكيلات تكون غطاءً ورأس حربة لعملية عسكرية ستنفذها أمريكا وبريطانيا ضد قوات فاجنر فى ليبيا، كما تحاول العمل على تحييد القيادة العامة للقوات المسلحة فى هذه المسألة !
وما تسرب أيضًا أن أغلب قادة التشكيلات المسلحة غير متحمسين لفكرة الزج بهم فى معركة غير محسوبة النتائج، وربما تحول ليبيا إلى ساحة صراع بين دول كبرى، فالغرب يحاول تسريع الخطوات نحو عملية عسكرية على سرت والجفرة لطرد قوات فاجنر منها، ولقد تفاجأ من حضر اللقاءات بهذا الطرح، ففى حين تتجه الأنظار إلى تقارب بين المتصارعين برعاية دولية ظاهرية لكن السفيرين يدعوان صارحة للحرب!
أى أنه ما يظهر للناس من حراك دبلوماسى لحلحلة الأزمة غير حقيقى وليس جديًا بل هو تغطية لعملية عسكرية قد تشهدها ليبيا فى القريب، ولا شك لن تكون كسابقاتها.
 


وفى هذا السياق لابد من التذكير بأن ليبيا كانت خلال الحربين العالميتين السابقتين ساحة لأهم وأشرس المعارك بها، فلقد تزامنت الحرب الأولى مع الغزو الإيطالى لليبيا، وكانت الساحة الليبية ساحة معركة مهمة حيث حاول الأتراك والألمان العودة إلى ليبيا وخوض معركة فيها، وقام السيد أحمد الشريف بشن هجوم لم ينجح على القوات البريطانية فى مصر لتخفيف الضغط على الجبهة الشرقية فى الشام، وبالمقابل استغل المجاهدون الحرب لتحقيق مكاسب عسكرية ضد الطليان وفعلًا كان انتصار القرضابية عام ١٩١٥ نقطة تحول مهمة أدت إلى انحسار النفوذ الايطالى واعلان الجمهورية الطرابلسية ١٩١٨، أما فى الحرب العالمية الثانية حيث تمحور الطليان مع الألمان فكانت ليبيا قاعدة قيادة مهمة لقوات المحور فى جنوب المتوسط وشمال أفريقيا، وخاضت على أرضها القوات الألمانية ومحورها معارك طاحنة ضد قوات الحلفاء بقيادة بريطانيا كانت أشرسها خلال الفترة من ١٩٤٠ إلى ١٩٤٣، ويذكر التاريخ معارك طبرق، وكر وفر رومل الألمانى ومونتجمرى الإنجليزى بين العلمين وطبرق، ثم معارك بنغازى والصحراء وطرابلس، وفى منطقة جنوب طرابلس وخاصة منطقة مطار طرابلس آلاف الخنادق الخرسانية التى تعطى صورة للوضع الذى كان أثناء الحرب.. فى ليبيا كانت أهم وأشرس معارك الدبابات فى الصحراء المفتوحة، لقد شكلت معارك طبرق فصلًا مهمًا من فصول الحرب العالمية الثانية، ولا زالت مقابر الجنود الذين دفنوا بها تشهد سنويًا زيارات أقارب الضحايا إحياءًا لذكراهم، وشكلت هزيمة قوات رومل فى ليبيا بداية النهاية الحقيقية للحرب العالمية الثانية.
الجنوب الليبى شهد معركة بئر حكيم التاريخية عام ١٩٤٢ بين قوات الجنرال ديجول الفرنسية وقوات المحور، وكان انتصار الفرنسيين نقطة تحول أخرى فى مسار الحرب أعادت فرنسا المهزومة فى الحرب إلى صف الحلفاء !
لقد زُرِع الشاطئ الليبى كليًا تقريبًا بالألغام من هذا الطرف أو ذاك، مما أدى إلى إزهاق أرواح آلاف الليبيين من جراء انفجارها، ولازال إلى يومنا هذا يسقط الضحايا من جرائها !
الناتو يعى خطورة تواجد قوات روسية فى خاصرة أوروبا الجنوبية وعلى ساحل طوله ٢٠٠٠ كم، وفى حالة توسع الصراع العسكرى فلا شك أن ذلك سيكون عاملًا مؤثرًا فى مسار الحرب، لذلك تتسارع خطواتهم بالمطالبة بخروج القوات الروسية فى أسرع وقت وبدون مناقشات !
السؤال هل فاجنر هى القوة الأجنبية الوحيدة المنتشرة فى ليبيا؟ الحقيقة أنها أقل القوات الأجنبية المتواجدة بدون شرعية لا وطنية ولا دولية، عددًا وعتادًا، فانتشارها محدود فى بعض المناطق وتعمل بتنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة ودخولها وخروجها خاضع لقرار من القيادة ومن مجلس النواب، أما القوات الأخرى فأهمها جاءت بدون إذن من أحد، فمن المعلوم أن الناتو استخدم كل قوته لإسقاط الدولة الليبية واحتلالها مباشرة وتمكين حفنة من عملائه بإدارتها، فقوات الناتو موجودة فعليًا على الأرض فى شكل منظومة قيادة وعسكريين واستخباراتى، إضافة إلى قوات الدول النافذة فيه كالقوات البريطانية التى تنتشر علنًا فى مصراته وطرابلس تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة، والإيطاليون متواجدون أيضًا علنًا فى مصراته وسرًا فى العديد من القواعد التابعة لهم فى الغرب الليبى، والقوات الأمريكية كذلك متواجدة علنًا فى طرابلس ومصراته، ولهم تشكيلات مسلحة تعمل بامرتهم المباشرة، وهى القوة المشتركة فى مصراته وقوة الردع فى طرابلس، ولهم أيادٍ طويلة فى كل التشكيلات المسلحة المسيطرة، والقوات الفرنسية موجودة أيضًا فى الغرب والشرق الليبى، أما التواجد الأكبر والأخطر فهو تواجد القوات التركية فى طرابلس والوطية والخمس ومصراته والزاوية، والمرتزقة التابعون لهم فى طرابلس وبنى وليد والزاوية تحت ستار اتفاقية مع سلطة مفروضة من الخارج ولم تتحصل على شرعية وطنية!. 
ومن المهم التنبيه بدور قيادة الأفريكوم المتنامى فى ليبيا وتواجدها بشكل مباشر فيها.. لذلك فإن الدعوة لخروج فاجنر والتحريض عليها تقع ضمن سياسة ازدواج المعايير، وهذا أمر لا يخفيه الغرب، فهم يرفضون الخروج المتزامن لكل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، لكنهم يسعون فقط إلى إخراج الروس، بغطاء من الدعاية المحكمة التى اعتمدت على فكرة خروج الأجانب وفقا لمنظورهم، تحت الإدعاء بالبحث عن وسائل لتوافق الأطراف الليبية على إجراء انتخابات.
إن الغرب يحرض صراحة على الحرب ويعد الخطط لإشعال فتيلها، والهدف الأساسى منها هو قوات فاجنر لكن وقودها يريدون أن يكون الشباب الليبى الذين سيزج بهم فى معركة ضمن استراتيجية الغرب الحربية وليس دفاعًا عن استقلال ليبيا ولا المصالح الوطنية.. وستضيف أى حرب إلى ليبيا المنكوبة بمؤامرة الربيع العربى، مأساة جديدة، وستتعطل ربما إلى وقت طويل محاولات الخروج من عنق الزجاجة!.

معلومات عن الكاتب:
د. مصطفى محمد الزائدى.. سياسى ليبى، تولى سابقًا منصب وزير الصحة، وكان نائب وزير الخارجية 2011، أمين الحركة الوطنية الشعبية الليبية.. يقدم معلومات تفصيلية عما يُحاك من دول الغرب لإشعال نيران الحرب فى ليبيا.