خاض جامعو فطر الكمأة بصحراء البادية السورية، مخاطرة ومغامرة انتهت بحصد أرواحهم على يد خلايا تنظيم داعش الإرهابي، الذي يتخذ من صحراء البادية ملاذا له، يقود منها عملياته ضد المدنيين وضد خصومه من النظام السوري أو قوات سوريا الديمقراطية.
ونظرا لارتفاع سعر الكمأة، وهي فطر ينمو تحت سطح الأرض، فقد شجع ذلك الكثير من العمال للخروج للبحث عنه لسد حاجتهم وسط ظروف اقتصادية صعبة للغاية بالداخل السوري، وهو ما يجعل هؤلاء العمال السوريين يبحثون عن فطر الكمأة في مناطق قريبة من ملاذات التنظيم الإرهابي، أو البحث عنها فوق مناطق ملغمة بمخلفات الحرب، وفي كلا الحالتين فإن البحث عن الكمأة أودي بحياة عدد كبير من جامعي الفطر.
يرى مراقبون أن هجمات التنظيم الإرهابي على جامعي الكمأة يحمل رسائل عدة منها محاولة إظهار نفوذه وسيطرته على البادية السورية، وإبراز وجهه الانتقامي خاصة بعد سقوطه وخسارته لكل المناطق المحيطة التي كانت تسمى ولايات، وأيضا تحصيل الاتاوات من البعض وقتل الممتنعين عن الدفع.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأربعاء الماضي، مقتل 177 من جامعي الكمأة، بينهم 30 من قوات النظام السوري و147 من المدنيين بينهم طفلين و5 سيدات، بالإضافة لإصابة العشرات من عمال الكمأة إثر انفجار ألغام من مخلفات الحرب، وهجمات التنظيم الإرهابي التي استهدفتهم أثناء البحث عن الفطر، وذلك منذ مطلع شهر فبراير الماضي وحتى الرابع من شهر أبريل الجاري.
يتساقط المزيد من الضحايا بشكل يومي نتيجة انفجار لغم أو نتيجة هجوم لعناصر تنظيم داعش، أو اختطاف العمال الباحثين عن الفطر. كما أن وسائل إعلام محلية تابعة للنظام السوري أبرزت التحذيرات لجامعي الفطر بعدم البحث في المناطق غير الآمنة، لما فيها من خطورة الألغام المزروعة ومخلفات الحرب الباقية من داعش، مؤكدة أن أكثر من 105 أشخاص، خلال هذا الموسم لجمع الفطر، كانوا ضحايا التنظيم الإرهابي أو قضوا بألغام انفجرت بشاحناتهم أثناء عبورهم البادية أو جمع الكمأة، كان من بينهم نساء وأطفال يافعون، كون معظم ورشات جمع الكمأة عائلية.
مع تزايد عمليات ونشاط التنظيم الإرهابي، أكد المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، اليوم الجمعة، أن "قسد" شاركت في عملية تمشيط في مناطق دير الزور والرقة والحسكة، بالتعاون مع قوات التحالف الدولي التي تقودها واشنطن، بهدف إحباط أي عمليات للتنظيم ينوى القيام بها في الفترة المقبلة.
وقالت "قسد"، إن قوات التحالف الدولي أبدت استعدادها لتمشيط البادية السورية من داعش إذا لم تستطع قوات النظام السوري القيام بها.
