نشرت "المصور"، في عام ١٩٥٠، خبرا ذكرت فيه أنه في ٦ يوليو ١٩٥٠ الموافق ٢١ رمضان ١٣٦٩، دعي الملك فاروق إلى وليمة إفطار في قصر "عابدين"، ووجه الدعوة إليها كبير الأمناء عبد اللطيف طلعت، كما دعا طلبة البعوث الإسلامية وجنوب الوادي الذين يتعلمون بالأزهر.
قالت المجلة إن قائمة الإفطار كانت تضم فطائر بالجبن واللحم، وفول بالبيض، وأوزي بالمكرونة، وتورلي على الطريقة الشرقية، وأرز وكباب ودجاج محمر بالبطاطس، وقطايف باللوز، وقمر الدين، كما كان يعقب تلك الوليمة أمسية دينية وتواشيح وتلاوة قرآن بصوت الشيوخ محمد الصيفي، ومصطفى إسماعيل، وعبد الفتاح الشعشاعي.
وأضافت المجلة أن فاروق لم يشأ أن يحرم من هذا العطف جميع من يتشرفون بخدمة السراي، فأمر بأن يأكل الخدم والسائقون والجناينية من نفس الطعام الذي أكل منه الملك.
وقالت مجلة "المصور" في عددها الصادر في ٢٣ يونيو ١٩٥٠، في تقرير لها عن تلك المأدبة التي سجلتها عدسة المصور رياض شحاتة:"عندما انطلقت قذيفة مدفع الإفطار سلطت الأضواء الكشافة على قصر رأس التين فبدت معالم جماله، وبعد الإفطار بدأ الوزراء والكبراء ورجال الدولة يفدون على القصر العامر ليستمعوا إلى القرآن الكريم، وأقيم سرادق متسع الجنبات على مقربة من القصر لاستقبال الذين يريدون أن يستمعوا إلى آيات الذكر الحكيم".
وأضافت المجلة: "وذهب سرب من سيدات الثغر إلى السرادق رغبة في الاستماع إلى القرآن، لكن قيل لهن إن التقاليد لا تعرف ذلك، فاكتفين بالجلوس على الحشائش قريبا من السرادق، وبعد لحظات أقبل فريق من جنود الجيش المصري المعسكرين بثكنات مصطفي باشا، على هيئة طوابير، ثم أخذوا أمكنتهم داخل السرادق".
وفي وصف السرادق، قالت "المصور": “يتسع السرادق لـ ٥ آلاف شخص، وهو يموج كل ليلة بأبناء الشعب من مختلف الطبقات، وهى مأدبة إفطار ملكية دُعي إليها الأمراء والوزراء ورجال الأزهر والسلك السياسي ورؤساء وفود جامعة الدول العربية، كما أقيم سرادق كبير في حديقة القصر على قرب السلاملك، ثم تفضل جلالة الملك فصافح المدعوين بيده الكريمة، بعد أن حياهم وهو يدخل السرادق بقوله ”كل عام وأنتم بخير"، وسمح لأعضاء وفود جامعة الدول العربية أن يشهدوا المأدبة بملابسهم العادية فكانت مفاجأة كريمة لهم".
وقالت المجلة: "وصافح الملك مدعويه بنفسه، وسمح لأعضاء وفود جامعة الدول بأن يحضروا الموائد بملابسهم العادية، فكانت مفاجأة لهم، وفجأة انقلب الجو وهب نسيم بارد من البحر، وكان بعض المدعوين يرتدون ملابس الصيف الخفيفة، فأحسوا بهذا التغيير فأسرعوا بعد الإفطار ينشدون شيئًا من الدفء".
وأضافت: "وبعد انتهاء الآذان دار السفرجية على الحاضرين بأكواب من شراب الورد، ووضع النحاس باشا رئيس الوفد بضع قطرات من الدواء في كوبه، فتمنى له الحاضرون الشفاء".
وتابعت: "بعد أن انتهى المدعوون من تناول الإفطار، وقف جلالة الملك وقال لضيوفه (كل عام وأنتم بخير.. وأرجو أن تشعروا أنكم في بيوتكم)، ثم انصرف جلالته، وتناول الحاضرون القهوة والسجائر، وأمَّ الأمير عبدالكريم الخطابي بعض المدعوين، وأمَّ الشيخ أبوالعيون غيرهم في ركن آخر من أركان السرادق، ولم ينس رجال القصر أولئك الذين ساروا في خدمة كبار المدعوين وهم سائقو السيارات، فأقيمت لهم مأدبة أخرى تناولوا عليها الطعام".
مأدبة للمتفوقين
اعتاد الملك فاروق في الأربعينات أن يكرم الطلبة المتفوقين، ويدعوهم إلى مائدة إفطار رمضان في أحد القصور الملكية، سواء في قصر "رأس التين" بالإسكندرية، أو "قصر عابدين" بالقاهرة.