الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

توطين صناعة الدواء هل يقترب الحلم؟.. 80% من المواد الخام مستوردة.. 110 مصانع وشركات تعمل في الدواء.. وخبراء: توطين صناعة الدواء ليس مستحيلًا.. ونصدر أدوية بـ280 مليون دولار سنويًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تُعد صناعة الدواء واحدة من أهم الصناعات الاستراتيجية الكبرى التي تعد إحدى ركائز الاقتصاد والأمن القومي، وأطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة مشروعات منها ما تم افتتاحه بالفعل، وما هو قيد التنفيذ، وتم توجيه مؤسسات الدولة للعمل على توفير المواد الخام التي يتم استيرادها من الخارج، حتى تكون صناعة الدواء كامله صناعة مصرية، دون الحاجة إلى اللجوء إلى استيراد الأدوية أو المواد الخام، وهو ليس بالأمر اليسير لكنه طبقا للأرقام قد يحتاج عقدًا من الزمان ومليارات من الدولارات، ويضم قطاع الأدوية 170 مصنعا و700 خط إنتاج، و6300 مستحضر متداول، وتنتج مصر 88% من الأدوية، وفي إطار سعي الدولة رفع إنتاج الدواء أعلنت عن إقامة مدينة الدواء المصرية.

مؤشرات تجارة الدواء في مصر

بلغ حجم الصادرات من الأدوية والمستلزمات الطبية 691 مليون دولار عام 2021، مقارنة بـ537 مليون دولار عام 2016، بنسبة زيادة 28.7%، كما بلغ حجم مبيعات سوق الدواء المصري 149 مليار جنيه عام 2021 مقابل 62 مليار جنيه عام 2015، بنسبة زيادة%140.3.

المواد الخام

تستورد مصر 85% من المواد الخام مما يجعلها في تحد كبير لتوطين صناعة الدواء، خاصة أن لدينا موارد طبيعية من النباتات الطبية والتي تحتوي كلها أو جزء منها على مواد من شأنها أن تحدث تأثيرات معينة (إما مقاومة المرض، أو إعطاء مناعة ضد المرض، أو معالجة المرض)، مع ملاحظة أن كل النباتات العطرية طبية تقريبًا والعكس غير صحيح، وتنمو النباتات الطبية بريًا في مناطق عديدة في مصر خاصة في أطرافها الشمالية، وبعض مناطق الهضبتين الشرقية والغربية وفي شبه جزيرة سيناء( حيث يوجد بها 300 نبات طبي، منها 47 نوعًا متوطنًا ليس لها مثيل).

تاريخ وتطوير صناعة الدواء

شهدت صناعة  الدواء في مصر عدة مراحل رئيسية، والتي بدات في بدايات القرن العشرين، المرحلة الأولى كانت خلال "1930 - 1960"، وفيه شهدت مصر تشيد عدة مصانع من القطاع الخاص، وبعدها بدأت شركات تابعة لبنك مصر تقتحم السوق المصري، منها شركة مصر للمستحضرات التجميل عام 1939، يليها شركة مصر للمستحضرات الطبية 1940، وقد أعقب ذلك إنشاء شركة "ممفيس" في نفس العام، وعند قيام ثورة 1952، كانت صناعة الدواء الوطنية تغطي 10% من احتياجات البلاد، بينما باقي الاحتياجات تغطى بالاستيراد وبعد ثورة 1952، توسعات في إنشاء الشركات المملوكة للدولة.

وشيدت الهيئة العامة للصناعات الدوائية والتي تولت تنظيم صناعة الدواء، وبعدها أنشئت الهيئة العامة للدواء، لوضع الأطر التنفيذية للصناعة، وبعدها أنشئت الشركة القابضة للأدوية بدلا من الهيئة العامة للصناعات الدوائية.

ومع تأميم صناعة الدواء عام 1961 وإنشاء المؤسسة المصرية العامة للأدوية عام 1962، تم إنشاء شركات القاهرة والإسكندرية والنيل والعربية للأدوية، وتختص جميعها بإنتاج مستحضرات الدواء، وقد كان الإنتاج المحلي يغطي بنسبة 28.9% من حاجة البلاد عام 1961.

وفي عام 1962 أنشئت شركة النصر للكيماويات الدوائية، وتوسعت الحكومة في الإنشاءات الطبية، لتنشئ شركتي الجمهورية والمصرية لتجارة الادوية، وشركة العبوات الدوائية عام65، وتتسع التغطية الوطنية للأدوية 80% من احتياج الجمهورية آنذاك، وتسببت سياسة الانفتاح الاقتصادي التي كانت في اوجها في السبعينيات، إلغاء بعض المؤسسات الدوائية  مثل المؤسسة المصرية العامة للأدوية، ونتج عنه انخفاض الصناعات الدوائية لصالح الاستيراد، وقيام بعض الشركات بإلغاء بعض انواع من الادوية التي كانت لا تحقق هامش الربح المطلوب.

في التسعينيات حاولت الدولة استعادة بعض سيطرتها على الدواء وتنظيم استيراده وصناعته، وأنشئت هيئة القطاع العام للأدوية لتقوم بدور التنظيم والتعاون بين كافة انشطة القطاع الدوائي.

في بداية الألفية الثالثة، تراجعت صناعة الدواء، بسبب ارتفاع سعر الدولار وقلة البحث العلمي، والاشكالية الكبري بين تسعيرة الدولة الإجبارية للدواء ومحاولات الصيادلة الدائمة لفك هذه التسعيرة، ويستمر هذا التدهور حتي عام2013، لتعتمد مصر بشكل كامل على استيراد المواد الخام المصنعة للدواء وتسبقها دول كثيرة في تلك الصناعة الاستراتيجية مثل الهند والصين.

 توجيهات الرئيس للتوطين صناعة الأدوية

وتبدأ مصر عهدا جديدا في 2014 وفقا لتوجيهات الرئيس وحرصه على ملف صناعة الدواء، ليتم تصنيع عقار السوفالدي، من خلال شركه ممفيس والنيل للادوية، لتنخفض بهذا القرار اسعار عقار علاج الكبد الوبائي بنسبة %60.

في مارس 2021، أطلقت مصر مشروع استراتيجية توطين صناعة الدواء والذي يهدف لترسيخ التصنيع المحلي للأدوية، والتي تدفع نحول التوسع بإنشاء وتطوير المراكز البحثية الطبية، وتحفيز إنشاء الصناعات الدوائية وزيادة المكون المحلي، والتوجه نحو تصنيع الخامات الدوائية.

GYPTO PHARMA مدينة الدواء   

في أبريل 2021 افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مدينة الدواء علي مساحة 180 ألف متر، بطاقة إنتاجية 150 مليون عبوة سنويا، وتوفر أدوية محلية الصنع، بينما تتراوح الطاقة الإنتاجية للمدينة الآن ما بين 250 مليون إلى 300 مليون عبوة سنويًا. 

وتنتج المدينة 40 مستحضرًا، فيما يبلغ إجمالي المستحضرات المسجلة وتحت التسجيل 120 مستحضرًا، بالإضافة إلى أنه من المستهدف تصدير من 15% إلى 20% من الإنتاج إلى الخارج على مراحل، وتهدف المدينة إلى تمكين المواطن المصري من الحصول على علاج دوائي عالي الجودة بأسعار مناسبة، وتحقيق الأمن الدوائي وتجنيب المريض المصري الممارسات الاحتكارية، إلى جانب إنشاء مركز إقليمي لصناعة الدواء يجذب الشركات العالمية، وكذلك فتح أسواق للتصدير في منطقة أفريقيا والمنطقة العربية، ومن المُقرر أن تشتمل مدينة الدواء على توسعات مستقبلية، تشمل الدخول في عالم إنتاج الأمصال واللقاحات في وقت لاحق.

شركة "فاكسيرا"

تقع على مساحة 61.000 متر2، وتهدف إلى إنتاج 8 لقاحات رئيسية من خلال اتفاقية نقل تكنولوجيا التصنيع المبرمة بين شركة سيرم الهندية - أحد أكبر مصنعي اللقاحات على مستوى العالم - والشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات.

تنتج “فاكسيرا” لقاحات الكلب، والثعبان، والعقرب، والحيات، والتيتانوس، بالإضافة إلى أنها تمتلك مصنعًا لإنتاج الأنسولين البشري، فضلًا عن مصنع لإنتاج لقاحات كورونا بطاقة إنتاجية 100 مليون جرعة سنويًا، وقد تم إنتاج 30 مليون جرعة من لقاح كورونا حتى ديسمبر 2021.

يجري إنشاء مجمع مصانع "فاكسيرا" بأكتوبر على مساحة 62.000 متر2، ويضم مصنعًا للقاحات البيطرية لإنتاج لقاح إنفلونزا الطيور و7 لقاحات أخرى بطاقة إنتاجية 400 مليون جرعة سنويًا، في حين تصل الطاقة الإنتاجية لخط تعبئة اللقاحات البشرية ولقاح كورونا إلى 300 مليون جرعة سنويا، ويتضمن المجمع كذلك 8 معامل للرقابة على الإنتاج مزودين بأحدث الأجهزة الخاصة بقياس جودة الإنتاج في مراحله المختلفة، بينما تصل السعة التخزينية لمجمع المخازن المبردة للقاحات 150 مليون جرعة، والذي تم توقيع اتفاقية لإنشائه، كما أنه مجهزًا طبقًا لمواصفات منظمة الصحة العالمية للتخزين الجيد، إلى جانب مصنع لإنتاج سرنجات ذاتية التلف. 

يستهدف مشروع المخازن الاستراتيجية للأدوية والمستلزمات الطبية، إنشاء 6 مخازن استراتيجية للدواء لتغطية الجمهورية، وذلك بتكلفة 4 مليارات جنيه، وبسعة تخزينية 190 ألف بالتة للمشروع، وذلك بهدف توفير مخزون استراتيجي من الأصناف والأدوية والمستلزمات الطبية لجميع الجهات الحكومية لمدة تتراوح ما بين 2 إلى 4 أشهر.

المواد الخام

وفي إطار العمل على التوطين الحقيقي في صناعة الادوية، أعلنت مصر تدشين مدينه لإنتاج المواد الخام الدوائية، بحلول الربع الاول من عام 2024، وتضم ثلاث شركات رئيسية هي شركة "فارما" لصناعة الخامات الدوائية من مصادر كيمائية مخلقة، وشركة "هيربا" لصناعة الخلاصات من النباتات الطبية، وشركة "سيترو ايجيبت" لصناعة المواد الكيمائية، مضيفا أن افتتاح مشروع مدينة الخامات الدوائية سيتم بحلول الربع الأول من عام 2024، مضيفا أن هذا المشروع يعمل به نحو 2000 عامل.

ويقول حاتم البدوي،  أمين عام شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، في تصريحات لـ"البوابة نيوز" ليس من السهل ان يتم تغطيه السوق المحلي من الادوية، صعب وليس مستحيل، فالأمر يتطلب عشرات المليارات لتغطيه المواد الخام، التي نستورد منها ما يقرب من 85% من الاحتياجات الخاصة، وهي اساس الصناعة واساس التوطين.

وأضاف “البدوي” أن تغطية احتياجات السوق المحلى والحد من الاعتماد على الاستيراد، يحد من مخاطر توقف الامدادات في أوقات الازمات علي سبيل المثال في الموجة الاولي من جائحة فيروس كورونا، والنقص الشديد في الكمامات والكحول، كمثال، مشيرا الي ان اهم ركائز الاكتفاء الذاتي من المواد الخام للتوطين صناعة الدواء، هو البحث العلمي واختراع الادوية التي تتكلف مليارات حتي تصل الي المريض، من الابحاث مرورا بالتجارب السريرية والتي تنفذ علي اوقات طويلة وقد تفشل التركيبة وتعاد مرة اخرى وهو ما يسبب خسائر جمه للصناعة، فهل هناك امكانيات من الدولة للتحمل هذه التكاليف؟

وتابع: هناك عدة نقاط للتوطين الصناعة منها، ضمان توفير احتياجات المصانع الدوائية من الخامات، مما يضمن انتظام عمليات التوريد والإنتاج وتنمية الإمكانات التصديرية لقطاع الدواء فى الأسواق العربية والأفريقية فى ظل تنامى الطلب العالمى على المستحضرات والمنتجات الدوائية، تنمية مهارات ورفع كفاءة العاملين فى صناعة الدواء بالتعرف على التكنولوجيات الحديثة فى تصنيع الخامات والمستحضرات الدوائية، ولما كان يتعذر إنتاج كافة الخامات الدوائية، فسوف يتم التركيز فى البداية على الخامات الدوائية التى يمكن أن تكون لمصر ميزة.

فيما أكد الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، أن الميزان التجاري في صناعة الدواء، ليس في صالحنا، مصر تستورد ادوية ومواد خام بما يقرب من 3 مليار دولار، ونصدر أدوية بـ280 مليون دولار.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، هناك ما يقرب من 110 شركات موجودة بشكل فعلي، و60 شركة ومصنع تحت الإنشاء، مما يجعلنا نحتاج خطة جيدة لتوفير الدواء المصنع في مصر بشكل كامل، والعمل على توفير المواد الخام والتي نستورد منها نحو 80 % من احتياجاتنا، مشيرا إلى أن السوق الافريقية، سوق جيد للغاية وتستورد بما يقارب 19 مليار دولار سنويا، أي رقم جيد ويوفر الكثير من فرص العمل، وتقليل فاتورة الاستيراد، موضحا أن توطين صناعة الدواء تبدأ بتوفير المواد الخام الأولية وهي الأهم في الحلقة.