نظمت مؤسسة «البوابة نيوز» والمركز العربي للصحافة، برئاسة الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، ندوة بعنوان «الحوار بين الشرق والغرب.. محاولة لوصل ما انقطع»، للاحتفال بإصدار الطبعة الفرنسية من مجلة وموقع «لو ديالوج».
شارك في الندوة من الجانب الفرنسي كلٌ من بيير لولوش وزير الدولة السابق للشئون الأوروبية، والسيناتورة فاليري بوييه عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، والكاتب الصحفي الفرنسي الكبير ألكسندر دلفال. كما شارك من الجانب المصري كلٌ من المفكر الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، والأثري الكبير الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، والكاتب الصحفي الدكتور عبد المنعم سعيد.
لساعات، امتد الحديث بين ضيوف الندوة والمشاركين فيها، حول النقاط التي يمكن من خلالها تحقيق رؤى مشتركة، وكيفية البقاء على طاولة الحوار بشكل دائم، ونقاط الشد والجذب بين الشرق والغرب. وبالطبع، الكيانات الإرهابية التي قُطعت أذرعها في مصر والعديد من دول المنطقة، فامتدت كالعنكبوت تنسج شباكها في المجتمعات الأوروبية، مع دعم فكرة المظلومية في البلاد التي هربوا منها، ومحاولة خلق جيل جديد يتوغل في أوروبا حتى يصل إلى مواقع قيادية.
وفي الختام، أعلن المجتمعون عن تشكيل لجنة دائمة للحوار المجتمعي بين الجانبين، وأعلنوا اختيار الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي رئيس مجلسي إدارة وتحرير مؤسسة "البوابة نيوز"، ورئيس مركز سيمو في باريس، ليكون منسقا عاما للجنة.
في تقديمه للندوة، أكد الدكتور عبد الرحيم علي، رئيس مجلسي إدارة وتحرير مؤسسة "البوابة نيوز"، أن أهميتها لا تنبع فقط من قيمة الضيوف والمشاركين فيها. بل لأنها تعد نقطة بداية سيُبنى عليها حوارا دائما ومتصلا ومشتركا "وسنؤسس عليها لجنة دائمة للحوار بيننا وبين الغرب، وهذه اللجنة ستضم أستاذتنا على المنصة وبها الضيوف الفرنسيون".
وأضاف: سنتوسع في اللجنة للوصول إلى مؤتمر عام، بدأنا التواصل، وأسسنا "المركز العربي للصحافة" منذ 25 سنة، واستمر التواصل. اليوم، يتصادف مرور عشر سنوات على ميلاد "البوابة نيوز"، ويتصادف أيضًا مع ميلاد موقع "لو ديالوج" الفرنسي، والذي بدأنا العمل فيه ومعنا أكثر من 30 كاتبا فرنسيا.
ويروي خبير حركات الإسلام السياسي عن بداية المشروع الذي أسسه في غرفة صغيرة منذ ثلاثين عامًا، وقد صار الآن مؤسسة كبيرة في مصر وفرنسا "وكل ما أسسناه كان من أجل هذه اللحظة التي وصلنا لها، وهي إدارة حوار بين الشرق والغرب".
وتابع رئيس مجلسي إدارة وتحرير مؤسسة "البوابة نيوز": نحن نخطط لتكون الندوة القادمة داخل جامعة السوربون، وبمشاركة من طلاب مصريين "ولكن يجب أولا أن نؤسس لهذا الحوار، وأنا أعدكم أن هذا الحوار سيتعمق ويكون له مردوده".
وأوضح أن الغرب يتهمنا بالإرهاب بسبب ما يراه من تحركات التنظيمات الجهادية والأحداث الإرهابية التي تضرب بلادهم من حين لآخر. بينما الغرب بدوره يقع في فخ كبير اسمه "الإسلاموفوبيا"، ويتم اتهامه بالعنصرية ضد المسلمين وإساءة معاملاتهم "لكن في الواقع، وسط كل هذا، ليس هناك أي من هذين الطرفين بحث عن نقاط مشتركة للحوار".
الإسلام مختطف في أوروبا
أكد علي أن الغرب في جلسات النقاش يتحدث عن حركات الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية باعتباره يعرف الكثير عنهم "هنا، نقول دوما أن الغرب، سواء كان أوروبا أو الولايات المتحدة، لا يعرف مثلنا عن هذه التنظيمات، وعلى رأسها الإخوان المسلمين، فهذه التنظيمات نشأت وتوغلت واستفحل نشاطها في بلادنا، لذلك يجب عند النقاش الانتباه على معرفتنا الوثيقة وخبراتنا مع هذه الجماعات خلال الصدام معها بأكثر من طريقة".
وأشار مؤسس "البوابة نيوز" إلى أنه تحدث في العديد من المؤسسات ونوادي الصحافة في العالم، حول هيمنة تنظيمات الإسلام السياسي في أوروبا، مضيفا: "قلت إن الإسلام مختطف في أوروبا من قبل الجماعات المتطرفة. هو رأي اتفق معه فيه العديد من المفكرين الفرنسيين، أنه إذا لم يتم احتواء هذا الخطر، ففي خلال عشرين عاما سوف يأتي نظام متطرف".
وتابع: لذلك شعرت بالسعادة والتقدير خلال حديث شيخ الأزهر، والذي أكد على معرفته مكمن الخطر. مُثنيا على الجهود التي يقوم بها الأزهر الشريف، سواء منفردا أو من خلال التعاون والتنسيق مع مؤسسات أخرى. مؤكدا "نحن نمتلك تجربة كبيرة ومهمة في مكافحة التنظيمات المتطرفة، والغرب يحتاج إلى التعلم من هذه التجربة حتى يستطيع الخلاص من هذا المأزق".
نقل مقر التنظيم الدولي إلى ستوكهولم
أشار الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي إلى أنه، نتيجة جهد السنوات الخمس السابقة في دراسة تحركات جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها في أوروبا، نجد أن الشكل القديم اختفى حاليا بعد هزيمته في مصر ودول الشرق. وأكد أن التنظيم تحول من الشكل العنقودي المعروف، حيث أمراء الجماعات ونوابهم وقادتهم وصولا إلى الأفراد، إلى شكل أخطبوطي له عدة رؤوس وعدد ضخم من الأذرع، ينتشر في أوروبا والولايات المتحدة "ليخرج جيل جديد تماما منتشر في كافة مستويات المجتمع، من باعة العربات الجائلة وحتى أكبر مستويات السلطة".
وأشار إلى عكوفه على دراسة حول اختراق التنظيم للنسيج السياسي في أوروبا، سعيا للتحكم فيها والانتقام من هزيمتهم هنا في مصر. وأكد: هم يعملون ويستعدون للثأر، ولم تعد لندن مركز التنظيم الرئيسي كما كان يعرف البعض. بل تم نقل مقر التنظيم الدولي سرا إلى العاصمة السويدية ستوكهولم، والتي باتت تشهد كافة الاجتماعات الأسبوعية وتخرج منها الأوامر التنظيمية إلى كافة أنحاء العالم.
وأكد أن هذا ما دعاه للوقوف في البرلمان الفرنسي والقول إن فرنسا سيحكمها الإخوان المسلمين في خلال عشرين عام إن لم ينتبهوا لهذا الخطر. ودلل على حديثه بتجنيد الجماعة لعدد كبير من البرلمانيين الأوروبيين، وكذلك السيطرة على أشخاص عديدة في مناصب كبرى عبر الرشاوي.
ولفت إلى وجود شخصيات سياسية فرنسية تنتمي لليسار يقوم بالتعاون مع التنظيم الدولي للجماعة بشكل كبير، ومثلهم في إيطاليا، حيث يستغلون التيارات اليسارية ويدعون أنهم باحثون عن الحرية.
ولفت علي إلى أن هناك 22 شخصية إخوانية في فرنسا سيتم القبض عليهم خلال الشهور المقبلة "وهذا ليس سرا نذيعه، ودورنا هو فضح هذه المنظمات المشبوهة، وهذا الأمر ضرورة اللحظة". مضيفا أنه من المثير للدهشة، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اختار ثلاثة أشخاص من الإخوان ليمثلوا الإسلام في فرنسا، من أصل خمسة أشخاص "وهذا ما فضحته في مقال، ودورنا هو فضح هذه الأمور".
بيير لولوش: حرب العراق أدت لانتشار التيارات المتوحشة
عبَر بيير لولوش، وزير الدولة الفرنسي السابق للشئون الأوروبية، عن حبه لمصر قائلا: عندما أكون في مصر، وفي مدينة القاهرة بصفة خاصة، أشعر بأنني ما زلت في باريس، لأنني بقيت فترة طويلة عضوا في البرلمان، وكنت أمر بميدان الكونكورد، وأطالع يوميا أثر جاء من مصر واستقر في هذا الميدان، وكان هذا الأثر هو المسلة الشهيرة التي جاءت كهدية من محمد على باشا للملك شارل العاشر.
وتابع: أقول بدون مبالغة أن القاهرة أكثر نظافة وهدوء من باريس، والأثر المصري في ميدان الكونكورد لعله يشاهد ما يحدث في باريس من اضطرابات ومظاهرات. عند الأثر المصري في ميدان الكونكورد انطلقت ثورة الفرنسيين. لذلك، أقول إنني، وأنا هنا، ما زلت في فرنسا، وأشكر الدكتور علي على جهوده الكبيرة في سبيل الحرية.
وتحدث لولوش عن موضوع الندوة، فلفت إلى أن الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، كان له تأثير كبير على الشرق التاريخي والاستراتيجي، وقد تسبب في غزو آخر للمتطرفين الإسلاميين لأوروبا بعد عشرين عاما من تلك الحرب. مشيرا إلى أن ظهور تنظيم الدولة "داعش" كان أحد نتائج تفكك العراق في أعقاب الغزو، حيث انتعش التنظيم وامتدت سيطرته على أراضي شاسعة. كما وصلت فوضاه إلى تونس والمغرب والجزائر وليبيا.
وقال لولوش: هذه الفوضى نجمت عن غزو العراق، وكذلك انتشار تيارات الإسلام السياسي العنيفة والمتوحشة، وأمام هذا التسونامي الجيوسياسي، سقطت أنظمة عربية عديدة وكان العرب محل ارتباك حول ما يتعين عليهم فعله تجاه ليبيا وغيرها. كما كان الحال في مصر لحظة سقوط مبارك وصعود مرسي للحكم.
فوضى المهاجرين
وأضاف ليلوش: كل هذه الأحداث يمكن أن نقول معها أن الحوار هنا في غاية الأهمية، فهذه الأحداث تأثرت بها أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص، حيث الهجرات العديدة لأوروبا، وما يحدث مع هذه الهجرات الهائلة تحدث توترات سياسية عارمة. وفي فرنسا، نستقبل كل عام -بشكل شرعي وغير شرعي- قرابة أربعة آلاف شخص سنويا ما يعادل سكان مدينة بوردو، وأغلبهم لا يعرفون اللغة الفرنسية، ولهم مطالبات ومن خلفيات ثقافية مغايرة، وبعضهم يسلك مسالك مغايرة لعادات وتقاليد المجتمع.
وأشار إلى أن هناك أحياء منعزلة في المدن الفرنسية تضم المهاجرين وتشكل تكتلات ضخمة، لدرجة أن الدولة بأجهزتها ومؤسساتها لا تعرف كيفية التعامل مع هذه الجحافل التي تتشكل أغلبيتهم من المسلمين القادمين من المغرب. وأضاف لولوش أنه يجب على الموجودين في الحكومة الفرنسية فهم هؤلاء الذين يطالبون بتطبيق القوانين الإسلامية، ويرفضون قوانين الجمهورية الفرنسية.
وتابع: هنا تأتي مشكلة كبيرة، اليسار المتطرف عقد تحالف مع حزب الإيكولوجيين والإسلامويين. نتائج كثيرة اضطرابات ظهرت بسبب هذه التحالفات. كذلك لدينا استغلال من اليمين المتطرف الذي يعبئ الجماهير ضد فكرة ضياع الهوية الوطنية وسط غزو المهاجرين.
وأشار لولوش إلى أن هناك حيرة بين تطبيق معايير الثورة الفرنسية التي تؤمن بالمساواة والحرية، وبين ما يحاول كل تحالف فرضه. تابع: يجب أن ننظر إلى المستقبل. لقد قابلت شيخ الأزهر وقلت له إن مكانته الدينية الرفيعة تمكنه من أن يلعب دورا كبيرا. ينبغي أن نعمل على العديد من النقاط تمثل في حقيقتها جوهر الإسلام. ينبغي أن نترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر.
عداء المسلمين
أثنى الوزير الفرنسي السابق على شجاعة الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي من أجل الدفع لإقامة هذا الحوار، موضحا أهميته، والفوائد التي سوف يجنيها الغرب عندما يتعلم كيف يواجه الجماعات المتطرفة "يسرني أيضا أن أكون بجوار الدكتور عبد الرحيم علي، وهو مكافح ومناضل من الدرجة الأولى لأجل الحرية. وليبين أن وطنه بلد يتبنى قيم المساواة والحرية الفردية والسياسية وكافة القيم ومن هذه الزاوية فهو يخوض معركة ذات أهمية كبيرة لدى الفرنسيين.
وأضاف: إن الإسلاموفوبيا تعني أننا نكره الدين الإسلامي، بينما نحن على العكس، نحارب ما ابتدعه طارق رمضان وغيره ممن يبثون الأفكار المسمومة، لا أحد يعادي الدين الإسلامي في أوروبا، بل نحارب الأفكار المتطرفة.
وأكد أن هناك محاولات لاستخدام واستغلال الدين الإثارة الكراهية ضد أوروبا، والنضال من أجل الإسلام الحديث والمنفتح مع قيم الحضارة. بعبارة أخرى، يمكنك الاختيار بين إندونيسيا أو باكستان، الإسلام المعتدل أو المتطرف.
وشدد على أن هناك محاولات لاستخدام واستغلال الدين الإثارة الكراهية ضد أوروبا، والنضال من أجل الإسلام الحديث والمنفتح مع قيم الحضارة. رغم أن هناك دولا أخرى يمكن لهؤلاء البقاء فيها بطريقتهم وكما يريدون "بعبارة أخرى، يمكنك الاختيار بين إندونيسيا أو باكستان، الإسلام المعتدل أو المتطرف. يجب ألا ينساق مسلمي أوروبا للدعوات الزائفة، ويجب أن نحذر من أن كلمة الإسلام قد صارت شبهة بسبب تصرفات هؤلاء".
فاليري بوييه: أول من طرح مصطلح “الإسلاموفوبيا” كان الإيرانيين
وجهت السيناتورة فاليري بوييه عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، التحية للكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، على الدور الكبير الذي يقوم به في مواجهة التنظيمات المتطرفة في أوروبا. مضيفة: كما اشكره لأنه منحنا الفرصة للتواصل ولقاء إمام المسلمين الأكبر شيخ الأزهر، وبالطبع، أشكره لإشارته إلى العلاقة القوية التي تربط مصر بفرنسا.
وأوضحت أنها تكن إعجابا كبيرا لمصر، وأن هناك ثقافة متبادلة ذات أبعاد عميقة بين البلدين. ونتعشم باستمرار السماحة الموجودة هنا على كافة جوانب الحوار. معربة عن رغبتها في دعوة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضرس الثاني بابا الإسكندرية، للحديث عن قيم الاختلاف في مجلس الشيوخ الفرنسي "لأنه حجر أساس الحوار، سواء في مصر أو فرنسا"، وفق تعبيرها.
وأضافت، ربما لا تدركون هنا في مصر ما يكنه الفرنسيين من إعجاب لمصر وحبهم العارم للحضارة المصرية، فالطلاب في المدارس يتابعون ويقرأون عن التاريخ المصري. الفرنسيون يستمدون الإلهام من مصر وفنها ويتأثرون بفنانين مثل أم كلثوم وعمر الشريف وغيرهم، والفرنسيون لديهم صورة إيجابية عن مصر، التي تمثل الرحلة المحبوبة لنا، علاوة على نيل مصر الذي أكن له أعجاب كبير، وهذا ليس رأيي فقط لمنه رأي الكثير من الفرنسيين.
وتطرقت فاليري إلى مصطلح "الإسلاموفوبيا"، مشيرة إلى أن أول من طرحه كان الإيرانيين "وهي كلمة ماكرة قيلت لمنع الحوار بيننا، وتحدثنا في هذا الأمر مع فضيلة شيخ الأزهر، ونحن نسعى لتعميق هذا الحوار، فالفرنسيون يتخذون موقفا إيجابيا تجاه الأديان، ولكن العنف هو مضاد للحضارة ويحمل صفات بغيضة.
وقالت: أنا مثلا ألبس الصليب، وهو يعبر عن معتقد ديني، ولكن هناك فرنسيون كثيرون يعتقدون أن الرموز المعبرة عن الأديان ربما تكون ممثلة للعنف، وأقول إن عندنا في فرنسا ربما نقص أو عيب في الثقافة تجاه الأديان، ففي فرنسا يمكننا أن نرتعب من الإرهاب، ولكننا لا يمكن أن نرتعب من الأديان، وربما الأمر عائد للجهل بهذه الأديان.
فرنسا متعددة الإثنيات
وتابعت: فرنسا ليست بلد متعدد الثقافات، بل متعدد الإثنيات. فنحن نعمل مع أي جنسية أو عرق عبر القوانين الفرنسية التي يجب على الجميع الانصياع لها. موضحة أن "فكرة الحجاب لدينا كفرنسيين تشطر النساء لنصفين"، وفق تعبيرها. مؤكدة أن "مسألة الحجاب في فرنسا ليست هجوم على الدين، فقط نحن نتحدث عن المساواة، ولا نقبل بهذا الشطر على نصفين".
وأشارت بوييه إلى أن الحرية في فرنسا بدورها منظمة بقوانين ولها قيود "وأن مبادئ الجمهورية كذلك تضم الإخاء والمساواة، والأخيرة قيمة هامة للغاية وحيوية لدى المجتمع الفرنسي، لذلك تقدمت فرنسا في مضمار الحريات بشكل كبير".
وأضافت: لا نرحب بأن تستغل فئة الرموز الدينية لتحقيق مكاسب خاصة، وهذه الرموز قادرة على تدمير المجتمعات، ونحن نطلب بالمساواة ونعمل على احترامها، ونعمل على أن يكون كافة أفراد المجتمع احرار في اختيار عقائدهم".
وأكدت أن "كثير من المفكرين بعيدين عن الشعبويين الذين لا يريدون الاستماع إليهم. ومنهم من يفضل العنف، كما رأينا الأيام السابقة بسبب الاحتجاج على بعض القوانين".
ألكسندر دلفال: الجماعات الإسلاموية يتم تمويلها في أوروبا من المحليات
ثمّن الكاتب الصحفي الفرنسي ألكسندر دلفال، جهود الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، من أجل إتاحة حوار بين الشرق والغرب، وكذلك جهوده في مقاومة تيارات الإسلام السياسي المتطرفة. وقال: أقدر الإخلاص الشديد في كلامه، وأيضا الجدية لديه حينما يتحدث عن الإسلام السياسي. وأعرف أنه يعرف الكثير جدا عن كافة الحركات الإسلامية، وما لديهم من استراتيجيات لبث الرعب، وما يستخدمونه من أساليب ليظهروا في ثوب المقموع سياسيا، سعيا للوصول لحلمهم في تأسيس خلافة إسلامية.
وأضاف دلفال أن الصداقة بين الشرق والغرب تقوم على الحوار لا الادعاءات الكاذبة واستخدام الشعارات التي يتم توظيفها لخدمة أغراضهم. مثل أن الإسلام يلاقي الاضطهاد في الغرب. أيضا، نحن لا نعلم الأولاد في مدارسنا تاريخ الاضطهاد، لكنهم يعلمون الكراهية.
وتابع: المستقبل يبحث عما يجمعنا ضد التطرف والشمولية التي قاومناها، ويظهر منها صورة أخرى هي الإسلاموية. بينما الإسلامويون أنفسهم يسعون للدمار.
وأشار دلفال إلى أن الجماعات الإسلاموية يتم تمويلها في أوروبا من المحليات "وكل الجمعيات الممولة للإخوان تعمل على قدم وساق وبدأت تتمدد بفضل ما يقدم لها من دعم من أموالنا. إن الإخوان المسلمين يحاولون خدمة أهدافهم، والجماعات التي تعمل معهم في توافق تام. يصدرون للعالم ومردييهم أنهم يبحثون عن الحرية. بينما في الواقع يعملون على التحريض ضد الأنظمة".
وأضاف: الأمريكان استخدموا الاسلامويون كثيرا، وينبغي أن نتذكر أن محمد علي باشا كان يحارب الوهابيين المتطرفين، وكما قال الإمام الأكبر يجب أن نحارب هذه الحركات المتطرفة، الإسلامويون كانوا يسعون الي تأسيس خلافة في مختلف بلدان العالم وهو أمر معروف، وحينما استقبلوا في أوروبا كان هدفهم تخريب مصر، وعملوا لذلك بكل الوسائل والحقيقة أنهم أسسوا لما يعرف بـ "الإسلاموفوبيا"، والحقيقة أن أوروبا تدفع معونات يستفيد منها الإسلامويون.
أسطورة التكفير
وواصل "هؤلاء الإسلاميون يكنون عداء شديد للغرب بهدف شق المجتمع الأوروبي الذي يعتقدون أنه من الكفرة. كما نسجوا أسطورة التكفير وهذه الأسطورة موجهة حتى للبلدان العربية. نحن نمتلك صحافة حرة ونحرص على هذه الحرية، فحينما تجد رسما ساخرا في الصحافة عن النبي محمد هذا الرسم لا يمثل توجه الرئيس أو الدولة ولكنه متعلق بحرية الصحافة، ولكن الإسلامويون يوظفون هذه الرسوم لمعاداة الدولة الفرنسية ومحاربتها والحض على كراهيتها".
وأضاف: هنالك خطة معدة سلفا من قبل الإخوان لدعم الإسلاموفوبيا لتصويب سهامها تجاه الغرب وأوروبا. مثل الأفكار المتعلقة بالحجاب والتي تكفر من لا ترتديه، والتي أذاعها الإخوان، وهو ما عارضه فضيلة الإمام شيخ الأزهر، فهو عارض ما قاله الإخوان بأن من لا ترتدي الحجاب نجسه، وهو حديث متعصب وضحه فضيلة الإمام الأكبر وقال إنه مخالف لتعاليم الدين الصحيحة.
وأكد أن فرض قيود حول الحجاب الإسلامي في فرنسا "لا يعني إلا المجتمع الفرنسي فقط"، وربما لا نجد نفس الأمر في بعض الدول الأخرى.
وتابع: لا يوجد قيود لارتداء الحجاب في الجامعة، لأن الطالب له الحق في اختيار الزي الذي يناسبه. ولكن الأمر في المرحلة قبل الجامعية متعلق بالنشء، وفرنسا البلد الوحيد الذي يفرض قيود على ارتداء الحجاب في المدارس.
وقال مستنكرا: يجب أن تنتبهوا إلى الشائعات التي تقول إن فرنسا تطرد الأجانب، وهذا الأمر غير صحيح، فمنذ متى نقوم بذلك؟
وأضاف: فرنسا لا تطرد المهاجرين كما يشاع، ولكنها تستبعد كل من يأتي بطرق غير شرعية، وأغلب الإرهابيين جاءوا بطرق غير شرعية. ولا تصدقوا أن فرنسا تطرد كل من يأتي إليها مهاجرا، ونحن فقط لا نستقبل المهاجر غير الشرعي، وربما هذا الأمر لا يحدث في مختلف بلدان العالم.
ميشيل صبان: العنصر النسائي كبير في "البوابة نيوز".. وأحيي مجهود عبد الرحيم علي لإقامة الحوار
أثنت ميشيل صبان، رئيس الصندوق الأخضر للنساء في فرنسا، على نسبة الصحفيات العاملات في مؤسسة "البوابة نيوز". وقال: رأيت خلال زيارتي للمؤسسة اليوم وجوها نسائية عديدة منخرطة في العمل الصحفي. هذا أمر مشجع ومثير للحماس وأدعو لأن يكون في كل مكان.
وأشارت رئيس الصندوق الأخضر إلى أهمية العمل مع المبادرة التي أطلقها الكاتب الصحفى عبد الرحيم علي، مشيرة إلى أهمية الحوار.
وتابعت: خلال لقاؤنا مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وجدت عقلية مثقفة ومتفتحة تسعى إلى الحوار. هذا أمر مشجع يجعلنا نستمر في الجهود التي نبذلها. وأكدت أن يجب رفع وعي الشباب. كما يجب أن يكون هناك برنامج يعني لأطفال الشوارع لأنها مشكلة ذات أبعاد كارثية تجاه المجتمع.
وأضافت صبان: عندما أتحدث عن التغير المناخي فيجب أن أتحدث كذلك عن التعليم. إن الأزمة الحالية تهدد بتغير مصير كوكبنا كله ولن ينجو من آثاره الوخيمة أحد. لذلك يتعين علينا أن نقيم حوارا. مما رأيته وشاركت فيه في كوب 27 في شرم الشيخ، اعتقد اننا ينبغي أن ننهمك في البحث عن الحلول التي يمكننا تقديمها بالفعل. مثلا، هناك الأزمة الاقتصادية الحالية، التي يمكن حل جزء منها عبر "الوظائف الخضراء" التي تناسب المرحلة المقبلة.
زاهي حواس: لدينا أهم قوة متمثلة في الأثار المصرية
أكد الدكتور زاهي حواس عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، على أهمية مبادرة الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي رئيس مجلسي إدارة وتحرير «البوابة نيوز» ورئيس مجلس إدارة موقع «لو ديالوج» الفرنسي، على ضرورة الحوار. قائلا: نحتاج جدا للحوار في هذا الوقت، ولأجل نجاح الحوار لابد أن يكون الطرفان قويان، ونحن في مصر لدينا أهم قوة متمثلة في الأثار المصرية.
وأضاف: أرى أن لدينا أداة في منتهى القوة هي الآثار المصرية بتنوعها وهي لا تتكرر في أي مكان في العالم. لذلك لدينا 240 بعثة من مختلف بلدان العالم تعمل على كشف خبايا هذه الكنوز. ورغم أننا نرسل معارض أثرية لدول العالم أجمع ولا تحقق لنا عائدا كبيرا، ولكننا يجب أن نستفيد من هذه المعارض لنجري حوار مع دول العالم، وهناك معرض لرمسيس الثاني قريبا في فرنسا، وأنا أعرف قدر حب الفرنسيين لرمسيس الثاني، وقد أرسلنا تابوته للمعرض.
وواصل: كما أن لدينا بعثات أجنبية من مختلف دول العالم، ولدينا بعثات فرنسية تعمل في مصر، ويمكننا أن نستفيد من وجود هذه البعثات في مصر، وأود أن أعلن عن حب الفرنسيين لمصر والآثار المصرية، وأود أن أقول إن ما قدموه للآثار المصرية كثير جدا، وأحب أن اتحدث عن الحملة الفرنسية، التي قدمت سجلا كاملا عن الآثار المصرية في خمسة مجلدات لا زالت مرجع هام للعالم أجمع.
وواصل: حينما زرت منزل شامبليون شعرت بسعادة مطلقة حينما جلست على الكرسي الخاص به، فهو رجل زار مصر وأحبها كثيرا، وله كلمة جميلة وهي لا يوجد أحد عزيز على قلبي مثل مصر والمصريين، ولولا شامبليون ما كنت بينكم الآن وما أصبحت عالما للآثار. أيضا، مارييت باشا صاحب تمثال ميدان التحرير له اكتشافات أثرية كبيرة وقدم هو وماسبيرو قانون لحماية الآثار المصرية، والجانب الفرنسي يقدر الآثار المصرية، وأي سفير فرنسي جديد حينما يأتي لمصر تكون أول مهامه الآثار المصرية.
وأكد حواس أنه لابد أن يكون لدينا استراتيجية تكتب ويتم تنفيذها بين الأطراف المختلفة، والأعمال التي تتم من طرف الجانب الفرنسي على مستوى عالي من الأهمية "بيني وبين الجانب الفرنسي تعاون هام جدا في الممر الموجود في الهرم، وأعتقد أن هذا الممر سيؤدي إلى معرفة حجرة الدفن الخاصة بالملك خوفو. وهذا الكشف وصل للعالم أجمع.
علي الدين هلال: الشعبوية الأوروبية ظهرت في مقابل الجماعات المتطرفة
قال المفكر الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الوجه الآخر للتطرف هو الشعبوي، مثل تصعيد ميلوني لرئاسة وزراء إيطاليا، وتيار معاداة الأجانب في ألمانيا. وهو الذي يقابل التطرف، ويرفض المهاجرين، ويردد كلمات مثل ترامب مليئة بالتهكم على الملونين والمسلمين.
وأضاف: عندما نجلس لنعرف كيف ظهرت هذه الجماعات سترجع إلى التشدد الفكري وتفسير الدين بطريقة تجعله ضد الحضارة بمختلف مفرداتها. نفس الأمر يظهر في معاداة العرب والمسلمين في أوروبا.
وأثنى هلال على اختيار الكاتب عبد الرحيم علي لفرنسا كنقطة بداية لجولاته وحواراته الأوروبية. ودلل على أهمية ذلك بقوله: رغم أن اللغة الانجليزية هي السائدة في مصر، لكن الأدب الفرنسي هو الأشهر والأكثر رواجا بين المصريين، لأن الحملة الفرنسية جاءت إلى مصر حاملة المطبعة ومعها الكثير من الفنون والآداب. هكذا بقيت رغم أن عمر الحملة ثلاث سنوات، في مقابل سبعين عاما من الاحتلال الإنجليزي لم يخلف نفس التأثير.
عبد المنعم سعيد: الإسلام السياسي يجد أكبر مقاومة له الآن منذ حسن البنا
أكد الدكتور عبد المنعم سعيد، الكاتب والمحلل السياسي، أن كل مرحلة تحول تاريخي على مستوى العالم يكون لها انعكاسات على العلاقات بين مصر وأوروبا وخاصة فرنسا.
وأضاف، أن هناك حوار أوروبي تم بين أوروبا والعالم بعد الحرب الباردة، وانتهاء الحرب الباردة انعكس على منطقتنا، ودخلت أوروبا في بناء الشرق الأوسط على النمط الأوروبي، ونتج عن ذلك منطقة تجارة حرة بين أوروبا ودول الشرق الأوسط.
وواصل، من نتائج الحرب الباردة وجود أكبر عملية عولمة في العالم، والحديث عن الإسلاموفوبيا وتفوق الرجل الأبيض وغيرها من المصطلحات التي سادت العالم، واحتدمت هذه الأمور والتي قادت إلى نمو اليمين الأوروبي، والموجه للإسلام السياسي.
وتابع، السؤال الأساسي ماذا عن الآن، وماذا عن المستقبل، ولا أظن أن حديثا ناجحا يمكن أن يقوم دون الحديث عن المستقبل وأظن أن ظاهرة الإسلام السياسي بدأت تتقلص، وانكسرت هنا في ميدان التحرير في 2013 وانهزمت في الكثير من بلدان العالم. ونجد أن الإسلام السياسي الآن يأخذ خطوات كبيرة للخلف.
وقال: لدينا لأول مرة في تاريخنا صراع أوروبي- أوروبي متمثل في الحرب الروسية- الأوكرانية، وهو منذر لنا ولهم في أوروبا، تلك الحرب التي خطفت أنظار العالم، وظهرت العديد من المشكلات المرتبطة بالحرب في أوروبا وفي العالم العربي أيضا وهو كله مرتبط بمسألة العولمة.
وواصل، الحدث الأهم والزلزال الكبير الذي ضرب العالم هو ما سمي بالربيع العربي، تلك الموجة التي ركبها الإسلام السياسي ليبدأ في الاستيلاء على هذه البلدان، ولكنه وجد أكبر مقاومة له منذ حسن البنا وحتى الآن، وأصبح لدينا معركة هوية، في الدولة المدنية الحديثة التي يتساوى فيها جميع المواطنون، وهي دولة تحاول القيام في العديد من البلدان العربية التي تأثرت بالربيع العربي.