دعانى الأب الصديق الدكتور إسماعيل كامل لحفل افتتاح المسجد الذى أقامه فى مدينة القوصية ظهر الجمعة الماضية بحضور الدكتور محمد عبدالمالك، رئيس جامعة الأزهر بأسيوط، وبحضور جمع من الأئمة والعلماء الأجلاء من رجالات الدين الإسلامى والشخصيات العامة.
اعتذرت عن الدعوة الكريمة لمرضى ولكنى تذكرت حديث صحيح رواه ابن ماجه:عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بنى مسجدًا لله كمَفْحَص قطاة، أو أصغر، بنى الله له بيتا فى الجنة"
وآيات كريمة أخرى مثل: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِى لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿١٢٥ البقرة﴾
هكذا كان أبى وصديقى اسماعيل يسير على غرار ما ارتبط بهم اسمه..
تعرفت على الخديوى كما كنت أداعبه بهذا اللقب فى الصالون الثقافى للقوصية الذى أسسته النائبة هند جوزيف منذ تسع سنوات.
ومولانا الخديوى من المثقفين الكبار، كنت أستمتع بالحوار مع مولانا إسماعيل كامل كشخصية تجسد عراقة القوصية، كمدينة كانت عاصمة الإقليم 14 من أقاليم مصر الوسطى، كان إسماعيل واحدًا من هؤلاء الذين أوقف أجدادهم زحف الهكسوس على الصعيد، وحموا المملكة المصرية من الانهيار، وبحكمة تحالفوا مع أمراء طيبة لصد الهكسوس، وكانت أولى المعارك هناك، وتوجد لوحة تخلد انتصارهم على الهكسوس بمنطقة البرية فى زرابى القوصية، المنطقة الوحيدة المتبقية من القوصية القديمة، والتى بنيت عليها القوصية الجديدة، هكذا كان مولانا يجمع بين حرية وكرم أجداده الذين استضافوا العائلة المقدسة حينما لجأت اليهم بعد أن أرتحلت لمصر، ومكثت فيه نحو 185 يومًا، وأُنشئ مكانه الكنيسة الأثرية التى تعتبر أقدم كنيسة دشنت فى العالم المسيحى، كما يضم الدير الحصن الأثرى، ويعتبر دير المحرق أحد الأديرة التاريخية القليلة التى تقام فيها الصلوات باللغة القبطية القديمة، ويعتبر أهم مكان لأداء طقوس الديانة المسيحية بعد كنيسة المهد فى فلسطين.
أنشئ هذا الدير المحرق فى القرن الرابع الميلادى بسفح الجبل الغربى، والذى كان يسمى قديمًا جبل «قسقام»، وسمى المحرق بسبب حرق النباتات والحشائش الضارة لاستغلال أراضيها للزراعة، هكذا كان اسماعيل سليل الشجاعة لمن هزموا الهكسوس وحموا مصر، وكرم من حموا المسيحية عبر استضافة العائلة المقدسة.
كل ذلك متع مولانا اسماعيل بصوفية القوصية فى احتفالاتهم بمولد الشيخ على البواقي، حيث تم الإعلان عن بدء الاحتفالات، بمحمل يطوف شوارع المدينة الرئيسية، ومن قبله كانت احتفالات مولد الشيخ نجيب وغيرها من الموالد، هذا هو عمنا اسماعيل، هو الأبن الأكبر للحاج كامل سليمان صالح أحد مزارعى القوصية الطيبين المشهود له من الجميع؛ حصل الشاب اسماعيل على الثانوية العامة عام١٩٦٤والتحق بكلية الصيدلة (لم يلتحق بالهندسة التى كان يرغبها آنذاك)؛ حصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة أسيوط عام ٠ ١٩٧ ثم التحق بالقوات المسلحة كجندى ثم ضابط احتياطى وفى أثناء ذلك حصل على دبلوم التحاليل الطبية من جامعة القاهرة وفى سنواته الأخيرة بعض ماورثه من أبيه دخل الحيز العمرانى لمدينة القوصية فتصرف فيه بالبيع لمن يستحقون دون استقواء.
أخيرا شيد منزلًا له يتسع لكل الاحباء،وختم أعماله الخيرية ببناء مسجد له على ناصية شارعه فكان فى غاية الروعة والإتقان، وعمنا اسماعيل دائما نجده فى الاعياد بالكنائس وصديق معظم الكهنة من المذاهب المختلفة ودائما يجلسه نيافة الأنبا توماس مطران القوصية بجواره ويحتفى به.
هذا هو مولانا اسماعيل الذى يجمع أصالة الفراعنة وكرم من حموا المسيحية وسماحة الاسلام ومحبة صوفية للجميع.
عمنا اسماعيل اطال الله عمرك واكثر من امثالك،، تمنيت أن يفيض النيل من القوصية إلى القاهرة بتلك الروح، ويموج على امتداد النهر ما يجرى من تأخى ووحدة ومحبة ومنتديات ثقافية وسياسية بالقوصية، لكى يعرف الكل أن الوطن بخير.
ولا يبقى إلا الاخوة والوحدة التى جاءت بالقران الكريم:
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِى مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِى النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿١٣٦ البقرة﴾
حفظك الله مولانا الخديوى الرمز والقيمة والصديق وتقبل الله منك كل صنع الخير لوجة الله.