الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ديفيد سفوركادا يكتب: فرنسا والبرمجة العسكرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«البحر الذى نراه يرقص على ضفاف الخلجان الصافية»
رسائل استراتيجية واضحة فى مجالات الفضاء الخارجى والفضاء الرقمى ومساحات المياه البحرية
أراضينا يمكن أن تتأثر بالمافيا أو الجماعات الإرهابية.. ويجب أن نتوقف عن امتلاك رؤية "مركزية أوروبية" وأن نفكر فى سياسة "البحر المفتوح"

قدم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى ٢٠ يناير، خلال تحيته للقوات المسلحة، الخطوط العريضة لقانون البرمجة العسكرية الجديد ٢٠٢٤/٢٠٣٠. من بين النقاط المختلفة المذكورة، هناك نقطة أثارت فضولى على الفور: "حماية مصالحنا فى المجالات المشتركة".
هنا، إذا أردنا أن نصدق كلمات رئيس الدولة، فإن الأمر يتعلق بتعزيز "قدرتنا على المراقبة، والرد، ولكن أيضًا لأخذ زمام المبادرة، لتمرير رسائل استراتيجية واضحة" فى عدة مجالات مثل الفضاء الخارجى فى الغلاف الجوى والفضاء الرقمى والمساحات البحرية.
وأمام كل ذلك، اكتشف إيمانويل ماكرون مؤخرًا أن فرنسا لديها ثانى منطقة اقتصادية حصرية فى العالم، وهى القوة العالمية تحت الماء، ولديها ١٤ مليون كيلومتر مربع من المجال الجوى وأنها إحدى الدول الوحيدة التى تمتلك شبكة محيطية من محطات التحكم للأقمار الصناعية، كل ذلك بفضل أقاليم ما وراء البحار. وعلى حد تعبيره، فإن هذا "يمثل رصيدًا هائلًا"، ولكنه أيضًا "مسئولية هائلة، بما فى ذلك كل ما يتعلق بقضايا البيئة والمناخ، وحماية بعض البنى التحتية وأراضينا".. إن الرئيس الذى يدرك أن وجود "فرنسا فوق البحار" هو أمر استثنائى ويجب تسليط الضوء عليه.
ولكن من الأقوال إلى الأفعال.. هناك أحيانًا الكثير من الأميال البحرية التى يجب قطعها ما لم تكن هناك رغبة حقيقية فى الأخذ فى الاعتبار التباينات الموجودة اليوم بين قوى السيادة الحالية والطموحات التى يجب أن تكون لنا. اليوم، سواء من حيث القدرات البشرية (أقل من ٨٥٠٠ رجل فى جميع المناطق) أو القدرات المادية (الجوية والبحرية والبرية)، فإنه لا يمكننا القول أن قواتنا السيادية، يتم تكييف شكلها "بدقة"، مع نطاق المهمات ودورها الاستراتيجي. هنا مرة أخرى لا يسعنا إلا أن ندين سياسة الاقتصاد وفك الارتباط التى أرادها نيكولا ساركوزى.
 


ولا شك أن هناك حاجة ملحة لتغيير حجم أسطولنا البحرى من خلال إنشاء ٤ أساطيل (البحر المتوسط، المحيط الهندى / القطب الجنوبى، المحيط الهادئ / المحيط المتجمد الشمالى، المحيط الهادئ) ومجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات. هناك حاجة ملحة لمراجعة الوضع السابق لقواتنا الجوية وإمكانياتها، لا سيما فيما يتعلق بطائرات النقل والمقاتلات (لا يمكننا ترك كل شيء للاعتماد على قواعدنا فى جيبوتى وغيرها). أخيرًا، يجب أن نعمل على تعزيز وحدات الفيلق والقوات البحرية.
فى الوقت الذى تتجه فيه كل الأنظار إلى أوكرانيا والحرب الشديدة الدائرة هناك، يجب ألا نغفل حقيقة أن أراضينا الخارجية يمكن أن تتأثر أيضًا بالمافيا أو الجماعات الإرهابية وكذلك بالسياسة العدوانية للدول المجاورة. يجب أن نتوقف عن امتلاك رؤية "مركزية أوروبية" وأن نفكر أيضًا فى البحر المفتوح.
فى ٤ مارس ٢٠٢٣، تم التوقيع فى نيويورك على أول معاهدة دولية لحماية أعالى البحار، تهدف إلى حماية التنوع البيولوجى البحرى وضمان التنمية المستدامة للموارد فى البحر المفتوح. وبصورة ملموسة، فإن "معاهدة أعالى البحار" هذه، التى ستدخل حيز التنفيذ بعد اعتمادها رسميًا، ستضع ٣٠٪ من محيطات العالم فى مناطق محمية، مسجلة ارتفاعًا من ١٪ فقط فى الوقت الحالي. يجب أن تكون فرنسا بحكم موقعها الجغرافى، ومن خلال منطقتها الاقتصادية الخالصة، متصدرة هذه المعاهدة مع عدم إغفال أن تكون "رائدة" فى البحث والتطوير البحرى فى مجالات مثل التغذية والصحة والطاقات المتجددة والتقنيات الجديدة. هذا البحث والتطوير يمكن أن يقود فرنسا أيضًا إلى تجديد شراكات جادة مع دول مختلفة فى جميع القارات.
فى ٢ مارس، فى باكو، دعت أذربيجان، وهى الدولة التى تترأس حركة عدم الانحياز، فرنسا، إلى الاعتذار عن "جرائمها الاستعمارية الدموية" وأعمال الإبادة الجماعية. جاء إلهام علييف، رئيس الدولة الأذربيجانية، ليقول أمام العالم أن المنظمة تدعم السيادة "غير المتنازع عليها" لاتحاد جزر القمر فى جزيرة مايوت التى لا تزال تحت "السيطرة الاستعمارية" الفرنسية، قبل أن يضيف أن حكومة فرنسا يجب أن تحترم حقوق شعب كاليدونيا الجديدة والشعوب الأخرى فى مجتمعات وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية.. إن هذا الأمر يدعو للابتسام عندما يأتى من دولة تابعة لدولة إخوانية وتنكر حقوق الشعب الأرمينى. يجب أيضًا، وقبل كل شيء، أن تعيد فرنسا لعقد مشروع حقيقى لتطوير التراب الوطنى من ليل إلى سان دونى دى لا ريونيون ومن كايين إلى ستراسبورج ومن بوردو إلى بابيتي، دون أن ننسى سان بيير وميكلون وكورسيكا.

معلومات عن الكاتب: 
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول، ما عرضه الرئيس الفرنسى حول قانون البلرمجة العسكرية، ويركز رؤيته على الحدود البحرية الشاسعة لفرنسا