السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رأس الزاوية في بيت الإنسانية الكبير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الحجر الذي رفضه البناؤون حين تم وصفه من قبل البعض أنه لا يصلح أن يكون جراحا قد صار رأس الزاوية في  بيت الإنسانية الكبير...إنه السير مجدي يعقوب جراح القلب الشهير الذي ذاع صيته واشتهر في شتى أنحاء العالم...

يقول فلاسفة التصوف:(إن البدايات تحكي النهايات ومن كانت بدايته محرقه كانت نهايته مشرقه) .

و قد كانت بدايات هذا الرجل العملاق تنذر بميلاد نابغة الطب في العصر الحديث!

ولو أنه أنصت للأصوات المحبطة من حوله لكان لملم وريقات بحثه متقهقرا للخلف بأقصى سرعة...

ولكنها روح المثابرة في تاريخ العظماء لا تعرف لليأس طريقا ولا للمستحيل بابا غير الصمود والجلد والتحدي،حتى أضحى رمزا في قلوب المصريين فلا يكاد يذكر قلب عادت له الصحة بعد مرض لا سيما في مصر والوطن العربي إلا وقرن به اسم مجدي يعقوب.

مئات الأطباء عبروا الحياة عبر بوابتها الكبيرة ولكن قليل أولئك المؤثرين فيمن حولهم .

و إذا كانت رسالة الطب من الأهمية بمكان إلا أنه تكمن أهميتها الكبيرة في رسالتها الإنسانية قبل حرصها على جمع الأموال بأي طريقة وتحت أي مسمى وإلا فإنها بذلك تأخذ منحنيا آخر يشكل خطرًا كبيرًا على جميع أفراد المجتمع .

بكلامنا هذا لا ندعوا جيشنا الأبيض إلى التقشف أو العمل بلا أجر فلديهم أعباء مثلهم مثل غيرهم من بقية البشر...

ولكن إنسانية الطبيب وتعاونه مع بني وطنه لا سيما أوقات الشدائد والأزمات هي التي ترسم عنوانا كبيرا لهذه الرسالة السامية .

إن أكبر الآفات التي تواجه طلائع النوابغ في أي مجال من مجالات الفكر والابتكار هي قتل أفكارهم في مهد ولادتها،والتعجل في إصدار أحكام محبطة تودي بهم إلى الفشل الذريع،ومن ثم يكون الانكسار النفسي والوجداني والانبطاح الفكري والمعرفي،فنعود بذلك إلى المربع صفر!

إن أبشع ما يمكن أن يواجه الأمم والشعوب هو محاولة قتل أفكار نوابغها ومخترعيها،وما تقدمت دول العالم المتقدم إلا ببحثها العلمي الدؤوب ومن ثم كانت قفزتها الريادية وطفرتها العلمية التي يشار إليها بالبنان .

مصر بها مئات النوابغ مثل مجدي يعقوب وأحمد زويل ويحى المشد وما زالت قادرة على إنجاب المبدعين فارحامها عبر الزمان معطاءة لا تعقم .

الأمر ليس مسألة رياضية معقدة وانما الأمر يحتاج إلى إعادة هيكلة مراكزنا البحثية والإبداعية بحثا عن أمثال هؤلاء في الريف والحضر.

ولعل السؤال المتبادر هنا من خلال طاولة هذا البحث:

لماذا لا تتحرك اللجان العلمية والبحثية في جامعتنا العلمية ومراكزنا البحثية تجوب الشوارع والميادين والحقول التعليمية بحثا عن المخترعين والمبتكرين مثلما تفعل الأندية الكبيرة بحثا عن المواهب الناشئة في كرة القدم مع أهمية الأخيرة؟

عشرات من الأوائل على الجمهورية تخرجوا متفوقين في الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية المتخصصة عبر تاريخنا الطويل فأين هم من البحث والابتكار؟ وماذا قدم جل هؤلاء للوطن من نبوغهم وتفوقهم؟ أم أنهم أضحوا في حنايا التاريخ(فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا)!

عشرات المؤتمرات والرحلات العلمية في الداخل والخارج كبدت بلادنا مليارات الدولارات عبر عشرات السنين والمحصلة العلمية لاشئ!

توصيات إثر توصيات وما كان غير حبر على ورق حبيس أجندات مكتبية لم تقدم أدنى إضافة .

وإذا كانت الجمهورية الجديدة اليوم بدأت التحرك نحو إنقاذ ما تبقى إلا أن المواجهة صعبة وتحتاج إلى حالة استنفار قصوى لأن التركة مثخنة بأثقال من اللامبالاه والبيروقراطية المقيته المتمددة الينا من عقود طويلة بائدة.

مصر دولة ذات حضارات كبيرة جذور حضارتها ضاربة في الأرض عبر آلاف السنين،فلم يكن وجودها لقيط صدفة بل هي كيان كبير وتستحق بالفعل أن تكون في الصفوف الأولى وفي مقدمة الركب.

ولكي لا نرجع نندب حظنا وتراجع بحثنا العلمي ولكي لا تظل "عقدة الخواجة" كابوسًا يطارد أحلامنا الكبيرة..علينا جميعا أن نفيق قبل فوات الأوان.